"معركة القطرون'' تكشف نجاح استراتيجية الجيش الليبي في الجنوب
06:53 - 28 يناير 2022تحولت منطقة القطرون جنوب ليبيا، إلى ساحة لمعركة حقيقية، دارت رحاها على مدى نحو 24 ساعة كاملة، نجح خلالها الجيش الليبي في القضاء على خلية شديدة الخطورة لتنظيم داعش الإرهابي.
البداية كانت مع اكتشاف دورية صحراوية للجيش آثار حركة آليات جنوب القطرون، مساء الأربعاء، خلال تمشيطها المكان، حيث أدى تتبع الآثار إلى اكتشاف موقع اختباء عناصر التنظيم في جبل عصيدة، حسب بيان للجيش.
واشتبكت القوة العسكرية مع الإرهابيين، قبل أن ترسل تعزيزات إلى المنطقة، إضافة إلى دعم جوي، حيث تواصلت المواجهات ومطاردة فلول تلك المجموعة الهاربة حتى مساء الخميس.
وأسفرت المواجهات عن مقتل 24 عنصرا في تلك الخلية، بنيهم أربعة فجروا أنفسهم قبل القبض عليهم، في حين توفى أربعة من رجال الجيش.
ورجح بيان الجيش أن تكون تلك الخلية تحت قيادة الإرهابي معتز أحمد الذي سبق أن رصدت أجهزة القوات المسلحة تحركاته، وكان آخر ظهور له في مرزق قبل أيام.
عملية واسعة النطاق
وقال الخبير العسكري الليبي محمد الترهوني إن هذه ليست العملية الأولى للجيش في الجنوب، "ولن تكون الأخيرة"، موضحا أن القوات المسلحة الليبية تتحرك في نطاق واسع، ابتداء من مدينة سبها، حيث نجحت جهودها هناك مؤخرا في القضاء على بؤر الهجرة غير الشرعية، التي تعد "موردا" رئيسا للمقاتلين في التنظيم الإرهابي.
وتابع الترهوني، في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، "عملية القطرون كبيرة جدا ومحكمة، أسفرت عن القضاء على عدد كبير من الإرهابيين، ولن يقف الأمر على العناصر العادية فقط، بل رأس تلك المجموعات الإرهابية هناك".
وأكد الخبير العسكري امتلاك الجيش الليبي خبرات واسعة من معاركه التي خاضها ضد التنظيمات الإرهابية بالمنطقة الشرقية خلال السنوات الماضية، لكن لا يتلقى الدعم، إذ عانى أفراده لمدة أربعة أشهر من عدم صرف المرتبات، بالإضافة إلى محاولات "عرقلة" جهوده في الحرب على الإرهاب، ورغم ذلك فهو لديه من القوة والعتاد والإمكانات التي تمكنه من مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة في الجنوب.
معركة في تضاريس صعبة
وقال الخبير الاستراتيجي العميد محمد الرجباني إن الجيش رصد منذ فترة بدء نشاط التنظيم في منطقة تبعد 80 كيلومترا جنوب القطرون، حيث استغل الإرهابيون التضاريس الصعبة هناك في محاولة التموضع، وخلق مكان ارتكاز بجبل عصيدة، حيث دار الاشتباكات العنيفة هناك.
ولفت الرجباني إلى أن الأنباء القادمة من المنطقة حاليا تشير إلى ارتفاع عدد القتلى في صفوف الإرهابيين إلى ثلاثة، مؤكدا أن المواجهات مستمرة في المكان، حيث يسعى الجيش إلى تطهيرها تماما.
وشدد الرجباني على أن الخطر كبير على الجنوب، الذي يعاني من مشكلات كثيرة، معربا عن ثقته في قدرة القوات المسلحة على مواجهة هذا التحدي، الذي تحتاج فيه إلى دعم من الدول العربية.
وفي مطلع يناير الجاري، أطلق الجيش الوطني الليبي عملية عسكرية جنوب البلاد لفرض الأمن، والتصدي لعمليات التهريب وتجارة المخدرات، والهجرة غير الشرعية، وانتشار الميليشيات المسلحة والمرتزقة.
طابع السرية
ووفق المحلل العسكري سامر الدراجي، فإن عمليات الجيش اكتست طابع السرية التامة، وهي مستمرة منذ عدة شهور، واستطاعت قوات الجيش تغطيتها بعدة عمليات منها مطاردة المهربين، وأيضا حماية الحدود الجنوبية، وقد استهدف الجيش مجموعة "أحمدي" بالذات لأنها تشكل أكبر المجموعات الارهابية التي لا تزال تعمل قرب مدن الجنوب الغربي الليبي.
وبحسب الخبير في الجماعات الارهابية سلطان الشريف فإن هذه العملية تستهدف آخر المجموعات المنظمة الإرهابية في الجنوب الليبي، وتأمين الحدود المتاخمة لدول النيجر ومالي والجزائر والتي تعتبر نقطة عبور للمهربين والإرهابين إلى حدود ليبيا الجنوبية، وهي المنطقة الرخوة في ليبيا حاليا.
كما يعيش سكان المنطقة الجنوبية حالة من القلق الأمني المستمر، ففي بداية ديسمبر المنصرم، أحبط الجيش محاولة تلك الميليشيا اقتحام مقر الاستخبارات العسكرية والمواقع والتمركزات الأخرى التابعة للجيش، من أجل طرده.
ويعد الجنوب الليبي مثلثا حدوديا مع التشاد والسودان، تحول في السنوات العشر الأخيرة إلى ممر "مهم" لتهريب الأسلحة وتجارة البشر، كما أنه بات أحد أهم منافذ توريد الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.