تقارب أميركي روسي يربك أوروبا.. هل يتغير ميزان القوى؟
13:48 - 21 فبراير 2025
في تحول استراتيجي لافت، يبدو أن الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب تقترب من إعادة النظر في دعمها المطلق لأوكرانيا، ما يثير قلق العواصم الأوروبية.
فبعد إنفاق أكثر من 300 مليار دولار لدعم كييف، بدأت واشنطن تعيد تقييم جدوى الاستمرار في هذه الحرب، خاصة في ظل الأضرار الاقتصادية التي تكبدها الاقتصاد الأميركي، مثل ارتفاع أسعار الطاقة، وتعطل إمدادات المعادن النادرة، وخسارة الشركات الأميركية للسوق الروسية.
يقول ترامب بصراحة: "علينا تحقيق التوازن مع أوروبا، لأنهم قدموا نسبة أقل بكثير مما قدمناه، نحن أنفقنا أكثر من 300 مليار دولار، بينما قدمت أوروبا حوالي 100 مليار فقط." هذه التصريحات تعكس بوضوح توجهًا أميركيًا نحو تقليص الدعم، ما يهدد مستقبل أوكرانيا في المواجهة المستمرة مع روسيا.
روسيا تحت العقوبات: بين الأعباء الاقتصادية ومحاولات التقارب
على الجانب الآخر، تواجه روسيا ضغطًا اقتصاديًا هائلًا، إذ أصبحت أكثر دولة خاضعة للعقوبات عالميًا، بإجمالي 22 ألف عقوبة.
وتشير التقديرات إلى أن الخسائر المباشرة من العمليات العسكرية تجاوزت 320 مليار دولار، ما دفع موسكو إلى البحث عن مخرج سياسي لإنهاء النزيف الاقتصادي.
ويرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الحرب قد حققت أهدافها جزئيًا، بعد سيطرة موسكو على 20 بالمئة من الأراضي الأوكرانية. والآن، يسعى إلى اتفاق يضمن مكاسب استراتيجية ويخفف الأعباء الاقتصادية على بلاده.
ميتراخوفيتش: أوروبا ستدفع الثمن الأكبر إذا انسحبت أميركا
يرى ستانيسلاف ميتراخوفيتش، كبير الخبراء في صندوق أمن الطاقة، خلال حديثه لبرنامج "بزنس مع لبنى" على قناة سكاي نيوز عربية أن زيلينسكي يواجه مأزقًا استراتيجيًا مع تغير موقف الولايات المتحدة.
ويؤكد أن: "زيلينسكي يعتمد بالكامل على الدعم الأميركي والغربي، وإذا توقفت واشنطن عن إمداده بالمال والاستخبارات والأسلحة، فلن يتمكن من الصمود لأكثر من بضعة أشهر."
كما يحذر ميتراخوفيتش من أن هذا التحول قد يترك أوروبا في مواجهة مباشرة مع موسكو، قائلاً: "أوروبا ليست قادرة على الاستمرار وحدها في هذه الحرب. اقتصادها يعاني بسبب العقوبات على روسيا، حيث بلغت خسائرها أكثر من تريليون دولار نتيجة أزمة الطاقة، والرسوم التجارية التي فرضها ترامب، وتباطؤ النمو."
سيناريوهات محتملة: هل ستتخلى واشنطن عن أوكرانيا؟
هناك سيناريوهان رئيسيان مطروحان:
- تفاوض على اتفاق سلام: قد تضغط إدارة ترامب على زيلينسكي للقبول باتفاق يضمن حياد أوكرانيا ويمنع انضمامها للناتو، مقابل انسحاب تدريجي روسي من بعض المناطق.
- انسحاب أميركي تدريجي من دعم كييف: ما يعني انهيار أوكرانيا عسكريًا خلال أشهر، مع تحول أوروبي نحو موقف أكثر واقعية تجاه موسكو، خاصة مع تصاعد الضغوط الاقتصادية.
مستقبل أوروبا: بين التحالف الأميركي والتهديد الروسي
التقارب الأميركي الروسي يضع أوروبا أمام خيارات صعبة. فمع تضاؤل الدعم الأميركي، ستجد القارة نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية والاقتصادية.
ورغم إعلان رئيسة وزراء لاتفيا، إيفيكا سيلينا، موقفًا أوروبيًا متشددًا بقولها: "لن يكون هناك اتفاق بدون أوكرانيا، وسنواصل دعمها حتى النهاية."، إلا أن الواقع الاقتصادي يشير إلى عكس ذلك.
ومع اشتداد الضغط الأميركي لخفض الالتزامات المالية تجاه أوكرانيا، والتقارب بين ترامب وبوتين، يبقى السؤال المطروح: هل سيشهد العالم نظامًا جيوسياسيًا جديدًا يعيد رسم خارطة التحالفات؟ أم أن أوروبا ستنجح في الحفاظ على الدعم الأميركي رغم التوجهات الجديدة؟
الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير الصراع وتأثيره على التوازنات الدولية.