كيف تتبع استراتيجية ناجحة للتفاوض على الراتب؟
18:08 - 04 يناير 2025في ظل التحولات الاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم، أصبح التفاوض على زيادة الراتب مهارة أساسية لكل موظف يسعى لتعزيز مكانته الوظيفية وتحقيق الاستقرار المالي.
ومع تسارع التغيرات في سوق العمل وتزايد التحديات المرتبطة بالضغوط الاقتصادية، يتطلب الأمر أكثر من مجرد طلب مباشر للزيادة، بل يحتاج إلى استراتيجية مدروسة تستند إلى فهم ديناميكيات العمل وقيمتك كمساهم في نجاح المؤسسة.
يُظهر العام 2025 معطيات جديدة في عملية التفاوض؛ فمع استمرار الانتقال نحو العمل الهجين وزيادة التركيز على الكفاءات المتخصصة، باتت الشركات تبحث عن طرق مبتكرة لمكافأة موظفيها مع الحفاظ على ميزانياتها.
هذا التحول يمنح الموظفين فرصة للتفاوض بذكاء، حيث يمكنهم الاستفادة من مؤشرات الأداء والمساهمة في تحقيق أهداف المؤسسة، واستغلال اللحظات المناسبة لفتح النقاش حول التعويضات المالية.
يقدم محللون نصائح عملية للمقبلين على التفاوض حول زيادة الرواتب، تتضمن كيفية الإعداد المسبق، تقديم حجج مقنعة، وتجنب الأخطاء الشائعة التي قد تعرقل مسار العملية.
ثلاث نصائح أساسية
تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، يشير إلى نتائج مسح أجرته Resume Templates في شهر أكتوبر 2024 على 1258 عاملاً أميركياً، أظهرت أن أغلبية 56 بالمئة من العمال في الولايات المتحدة يبحثون عن وظيفة جديدة أو يخططون لذلك في العام 2025.
وتختلف أسبابهم على النحو التالي: يشعر 37 بالمئة منهم بعدم التقدير، ويشعر 37 بالمئة آخرين بالإرهاق، ويشير 40 بالمئة إلى انخفاض الأجور.
إذا كنت أيضاً تأمل في الحصول على زيادة في الراتب في عام 2025 ولكنك لا تبحث بالضرورة عن ترك وظيفتك، فلا يزال بإمكانك محاولة التفاوض للحصول على راتب أعلى في مكان عملك حالياً، وفق التقرير، الذي يقدم ثلاث نصائح للتفاوض على الراتب في السنة الجديدة، نقلاً عن استاذة علم النفس التنظيمي ومؤلفة كتاب Likeable Badass أليسون فراجالي .
أولاً- ماذا أريد؟
- فيما يتعلق برقم الراتب، فكر في السؤال التالي: "ماذا أريد؟".
- حدد الراتب الذي تأمل في الحصول عليه، ثم ابحث عن البيانات التي تثبت أن هذا الرقم واقعي (نطاقات ومتوسطات الرواتب لمختلف الوظائف والصناعات).
- يمكنك أيضاً التحدث إلى صديق يعمل في نفس الصناعة أو محاولة العثور على شخص في شركتك يرغب في التحدث عن نطاقات الرواتب الداخلية.
ما الذي سوف يستفيده الطرف الآخر؟
- ما سيساعدك في تقديم أفضل دليل على استحقاقك لزيادة الراتب هو: إثبات مساهماتك في العمل.
- "أفضل المبررات تكون دائماً فيما يتعلق بما يمثل فوزاً للطرف الآخر"، بحسب فراجالي، التي تقول: "الناس عموماً سيقولون نعم لك عندما يقدرون بشدة ما تقدمه".
- أفضل طريقة لتسليط الضوء على مساهماتك الفريدة هي قياس نجاحاتك.. بعض الوظائف تجعل القيام بذلك أسهل، مثل المبيعات. ولكن حتى لو كنت، على سبيل المثال، مسؤول توظيف، فهناك طرق لإعطاء قيم رقمية لعملك. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "لقد أجريت 218 محادثة مع المتقدمين المهتمين بالمنظمة"، أو "لقد حضرت 43 حدث توظيف".
- "من المهم أن يحتفظ كل شخص ما بملف إلكتروني وملف ورقي لإنجازاته المختلفة.. وأن يتم تحديثه بانتظام.
ابدأ التفاوض "قبل أن تشعر باليأس"
- ابدأ في طرح طلبك على مديرك في وقت مبكر من العام 2025.
- "يجب أن تبدأ هذه المحادثة قبل أن تشعر باليأس من الحصول على إجابة"، وذلك لأن هذا الطلب يستغرق وقتاً.
- حتى لو كان رئيسك يعتقد بأنك تستحق هذه الزيادة على الفور، فسوف يضطر غالباً إلى ”التفاوض مع شخص آخر نيابة عنك.. وهذا لا يمكن أن يحدث على الفور".
- تقول فراجال: "اطرح مسألة زيادة الراتب في وقت مبكر من العام عندما تشعر أن ذلك مناسباً، ثم اسأل نفسك: متى ينبغي لي أن أتابع معك هذا الأمر مرة أخرى؟".
استراتيجية فعالة
من جانبها، تتناول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" مجموعة من النصائح والإرشادات حول كيفية التفاوض على زيادة في الراتب بشكل ناجح وفعّال، مع مراعاة الظروف المحيطة بالشركة وبيئة العمل.. وتؤكد على مجموعة من النقاط الأساسية، على النحو التالي:
- مراعاة الظروف المحيطة بالشركة: يتعين على الموظف أن يقيّم الوضع العام للشركة قبل طلب زيادة في الراتب، مثل معدلات المبيعات، والظروف السياسية والاقتصادية في المنطقة، وهل هذه العوامل تدعم نمو الشركة وزيادة أرباحها أم لا. فهذا يساعد على تقديم طلب منطقي ومقبول من الإدارة.
- الأداء الوظيفي الجيد: من الضرورة بمكان أن يكون الموظف ملتزماً بأداء عمله على أكمل وجه، مع تقليل معدلات التغيب عن العمال، وتجنب المشكلات في بيئة العمل. فهذا يعزز مكانته لدى الإدارة ويزيد من احتمالية الاستجابة لطلبه.
- الابتعاد عن أساليب التهديد: يُنصح بعدم استخدام أسلوب التهديد أو المبالغة، مثل الإشارة إلى تلقي عروض برواتب أعلى من شركات أخرى. فذلك قد يأتي بنتائج عكسية، إذ قد تدفع الإدارة الموظف للرحيل بدلاً من مناقشة طلبه.
- الطلب بواقعية: من المهم أن يكون الطلب معقولاً ومتناسباً مع السوق وأداء الموظف.. الزيادة المبالغ فيها غير واقعية، ما لم يكن الموظف يتمتع بكفاءة استثنائية.
وتؤكد أهمية استخدام أسلوب راقٍ وهادئ في التفاوض، موضحة في الوقت نفسه أن التفاوض الناجح يعتمد على التوازن بين المطالب الشخصية والمصلحة العامة للشركة، مع تجنب التصرفات التي قد تؤدي إلى نتائج عكسية أو توتر في بيئة العمل.
تخطيط مسبق
وفي السياق، يقول الخبير الاقتصادي، ياسين أحمد، إن التفاوض الناجح للحصول على زيادة في الراتب أو تحسين الظروف الوظيفية يتطلب تخطيطاً جيداً واستراتيجية ذكية، مؤكداً لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على مجموعة من النقاط الأساسية لتحقيق نتائج إيجابية تخدم الموظف والشركة على حد سواء، على النحو التالي:
- تحسين الأداء: أهم خطوة في أي تفاوض هي الاستناد إلى إنجازات ملموسة. بالتالي "قم بمراجعة أدائك خلال العام الماضي، وركز على النجاحات التي حققتها وتأثيرها المباشر على الشركة.. على سبيل المثال، قد تكون قد ساهمت في زيادة الإنتاجية، تحسين العمليات، أو تحقيق أهداف محددة".
- اختيار التوقيت المناسب للتفاوض: من المهم اختيار اللحظة المناسبة للتفاوض.. "بعد إنجاز مشروع كبير أو خلال فترة تقييم الأداء السنوي، يكون الطلب أكثر قبولًا من الإدارة".
- التحضير الجيد والسبق للتفاوض: "تجهيز نفسك بالمعلومات الدقيقة أمر ضروري.. اطلع على سياسات الشركة بخصوص الزيادات السنوية وتعرف إلى متوسط الرواتب في السوق المحلية لمجالك لضمان أن يكون طلبك منطقياً وعادلاً".
- التركيز على القيمة المضافة: يجب أن تكون النقاشات المهنية مركزة على القيمة التي يقدمها الموظف للشركة.. "بدلًا من التحدث عن احتياجاتك الشخصية، ركز على دورك في تحقيق أهداف الشركة".
- التواصل المهني المهذب: التزام المهنية واللباقة أثناء التفاوض.. "استخدم أسلوباً محترماً وغير تصادمي عند طرح طلبك، وابتعد عن الانفعالات أو الطرح العاطفي".
- المرونة وقبول البدائل: في حالة عدم التمكن من تحقيق الزيادة المطلوبة، يُنصح بالسعي للحصول على بدائل، مثل مكافآت الأداء، مزايا إضافية، أو خطة زمنية واضحة لتحسين الوضع.
ويختتم أحمد حديثه بالتحذير من المطالب غير الواقعية أو التهديد بترك العمل، مردفاص: "يجب أن يكون الطلب منطقيًا ويأخذ بعين الاعتبار ظروف السوق وإمكانات الشركة"، مشيراً إلى أن الهدف من التفاوض ليس فقط تحقيق الزيادة المالية، بل بناء علاقة مهنية متينة تحقق التوازن بين احتياجات الموظف وإمكانيات الشركة، مما يؤدي إلى بيئة عمل مثمرة ومستدامة.