كيف كان أداء الأسواق العربية في 2024؟
07:53 - 02 يناير 2025شهدت الأسواق المالية العربية في العام 2024 أداءً متبايناً يعكس تعقيدات المشهد الاقتصادي العالمي والتحديات الإقليمية. وبينما استمرت أسعار النفط في التراجع للعام الثاني على التوالي، مما ألقى بظلاله على بعض الأسواق، برزت أسواق أخرى كقصص نجاح استثنائية، مدفوعة بمجموعة من الفرص الاستثمارية المتزايدة.
في الخليج، كانت بورصة دبي الأبرز بأداء قوي تجاوز التوقعات، متألقة بمكاسب لافتة دعمتها أسهم رئيسية كـ "إعمار العقارية"، وسط بيئة مواتية وتدفقات استثمارية متزايدة. في المقابل، شهدت أسواق أخرى أداءً متفاوتاً، متأثرة بتراجع أسعار النفط وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين والذي أثر على الطلب في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، والذي يظل أحد المحركات الأساسية لأسواق الطاقة العالمية.
كما حققت السوق المصرية انتعاشاً ملحوظاً مدعوماً باستقرار سعر الصرف، مما أسهم في تحقيق مكاسب سنوية رغم التحديات الجيوسياسية.
وفي ظل التحولات الاقتصادية المرتقبة، يبدو أن العام 2025 يحمل فرصاً جديدة مدعومة بانخفاض معدلات الفائدة وزيادة الطروحات الاستثمارية، مع احتمالات إيجابية للأسواق الأكثر استقراراً وتنويعاً.
ملخص أداء الأسواق العربية
ضغطت أسعار النفط المتراجعة خلال العام المنقضي على مؤشرات الأسهم الخليجية بشكل خاص، لا سيما وأن النفط يعد محفزاً رئيسياً للأسواق.
وسجلت أسعار النفط تراجعاً واسعاً بنحو 3 بالمئة في العام 2024، مسجلة انخفاضا للعام الثاني على التوالي، في ظل مجموعة من العوامل التي أثرت سلبًا على توازن السوق، بما في ذلك تباطؤ تعافي الطلب العالمي عقب جائحة كورونا، إلى جانب التحديات الاقتصادية المستمرة التي تواجهها الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم.
- تفوق لافت لمؤشر سوق دبي في العام 2024
- مؤشر دبي سجل ارتفاعاً سنوياً بنسبة تتجاوز الـ 27 بالمئة (وهو الأعلى منذ العام 2021).
- سهم شركة إعمار العقارية حقق مكاسب سنوية تجاوزت 60 بالمئة.
- المؤشر السعودي ارتفع بنسبة 0.6 بالمئة في العام 2024، لينهي التعاملات عند 12037 نقطة.
- المؤشر الكويتي ارتفع بنحو 4.8 بالمئة في العام 2024.
- المؤشر العماني صعد بنسبة 1.4 بالمئة في 2024.
- مؤشر قطر تكبد خسارة سنوية 3.2 بالمئة في 2024.
- وفيما يتعلق بأبرز مؤشرات الأسهم خارج منطقة الخليج، فقد استطاع المؤشر المصري أن يحقق مكاسب بنسبة 20 بالمئة خلال السنة، مع ارتفاع رأس المال السوقي إلى أكثر من 2.1 تريليون جنيه.
الأسواق الخليجية
من جهته، قال المحلل المالي وعضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد CISI في الإمارات وضاح الطه، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:
العام 2024 كان أكثر وضوحاً في تناقض أداء مؤشرات أسواق الخليج.
الأسواق شهدت تفاوتاً ملحوظاً في أدائها بشكل واضح، على الرغم من أن المنطقة عادة ما كانت تتأثر خلال السنوات الماضية بعوامل واحدة ومتقاربة وبالتالي أداء متقارب. تتضمن تلك العوامل أداء الأسواق الأميركية وأسعار النفط، إضافة إلى معدلات التضخم وأسعار الفائدة، فضلًا عن مؤشرات الأسواق الأوروبية.
- تكبدت أسعار النفط، وهي محفز رئيسي لأسواق المال في الخليج، خسائر كبيرة للعام الثاني على التوالي، بسبب ضعف الطلب العالمي خاصة في الدول الأكثر استهلاكا.
- مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، خفض معدل الفائدة ثلاث مرات على التوالي خلال 2024، وباتت تتراوح بين 4.25 و4.50 بالمئة.
وفي معرض شرحه لتباينات الأسواق الخليجية خلال السنة، يقول الطه إن الأداء الأقوى في العام 2024 كان من نصيب سوق دبي المالية التي ارتفعت بنسبة 27,1 بالمئة، وهو ارتفاع مستحق حيث اعتمد على الأسهم الرئيسية ذات الأداء الجيد مثل "إعمار العقارية" على سبيل المثال، ولا تزال المؤشرات الرئيسية قوية وتوحي بأن هناك استمرار بالارتفاع في عام 2025.
ويضيف: "السوق التي تلي دبي هي الكويت، والتي شهدت ارتفاع مؤشر السوق الأول بنسبة 4.8 بالمئة (وارتفع مؤشر السوق العام بنحو 8 بالمئة)، تليها سوق عمان بمكاسب 1,4 بالمئة، ثم سوق البحرين 0,7 بالمئة.. أما السوق السعودية في الأيام الأخيرة تحولت من الخسارة إلى الربح بارتفاع سنوي 0.6 بالمئة، وهو أداء متواضع قياساً بضخامة السوق السعودي والفرص المتاحة به.. والسوقان الخاسرين هما سوق قطر ومؤشر أبوظبي".
وأشار إلى أنه خلال العام 2024 كان الاستثمار الأجنبي جيداً؛ حتى وإن انخفض في بعض الأسواق الكبرى، لكن على الرغم من ذلك لم تكن هناك بيئة طاردة للاستثمار الأجنبي، وفي نفس الأسواق استوعبت بشكل واضح المخاطر الجيوسياسية في المنطقة.
كما لفت الطه إلى زخم الطروحات الأولية، لا سيما في السوق السعودية، وأهميتها الكبيرة والإقبال الشديد عليها، وهو ما وضح خلال عدد مرات الاكتتاب. لكنه يعتقد بأن ثمة مبالغة في التسعير، مما يؤدي لانخفاض بعض تلك الأسهم بمجرد بدء التداول عليها.
كما أكد أن هناك فرصاً كبيرة لبعض الأسواق مثل سوق أبوظبي، وأن بعض الأسهم قد تشهد أداء أفضل أداء في عام 2025، متوقعاً أن يكون هناك محفزات إيجابية نتيجة انخفاض معدلات الفائدة والتضخم، وزيادة الاقتراض والرغبة في الاستثمار وزيادة الاستثمار.
السياسة الأميركية
في السياق، قال كبير محللي الأسواق بشركة تي ماتريكس، هيثم الجندي، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ثمة مجموعة من التحديات المرتبطة بتطورات السياسة النقدية الأميركية وسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي من المنتظر أن يتولى مهامه يوم 20 يناير المُقبل، من شأنها أن تؤثر على أداء الأسواق العربية في العام 2025، وأبرزها:
- تطورات السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأميركية وسياسة الفيدرالي تجاه سعر الفائدة، في ظل الإشارات التحذيرية الأخيرة التي أطلقها بعد اجتماعه الأخير في 2024.
- آثار السياسات المرتقبة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، ومدى تنفيذ ما أعلن عنه بشأن الرسوم الجمركية وسياسته فيما يخص خفض الضرائب، إضافة إلى سياسته الخاصة بالهجرة، وما قد يترتب عليه من تجدد لضغوط التضخم في أميركا.
ورأى أن تلك العوامل بدأت بالفعل في التأثير على الأسواق، لا سيما مع ارتفاع الدولار الأميركي أمام كل عملات الأسواق الناشئة، مؤكدًا أنه حال استمر بذلك الارتفاع على مدار عام 2025، خاصة مع بدء تولي ترامب وبدء فرض الرسوم الجمركية على الصين ودول مثل كندا والمكسيك مثلما هدد، في هذه الحالة سيكون له تأثيراً سلبياً على الأسواق.
ارتفع مؤشر الدولار - الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية أخرى- 6.6 بالمئة في 2024 مع تقليص المتداولين الرهانات على خفض أسعار الفائدة بشكل كبير العام المقبل.
وأكد الجندي أن هذا التأثير السلبي سيمس بشكل كبير أسواق الدول الناشئة والنامية خاصة الدول التي تعتمد على الاستيراد ولديها ديون خارجية مرتفعة، مردفاً: "إذا ما استمرت مكاسب الدولار سيفرض ضغوطًا على العملات الأجنبية ما يترتب عليه زيادة في التضخم وإجبار البنوك المركزية في المنطقة على أن لا يكون لديها رفاهية تخفيض أسعار الفائدة".
وأوضح أن التوقعات ستكون إيجابية في العام 2025 بالنسبة للدول الأكثر استقراراً والتي ليست لديها التزامات خارجية أو عجز مالٍ مرتفع مثل قطر، والإمارات التي يتميز قطاعها العقاري بالانتعاش، كما أن لديها تنوعاً اقتصادياً وتستطيع التكيف مع أي ضغوط محتملة.
عام المكاسب لسوقي مصر ودبي
بدورها، تحدثت خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، عن أفضل الأسواق العربية أداءً خلال عام 2024، مؤكدة أن بورصتي مصر ودبي تفوقتا على نظرائهم وكانا الأفضل، حيث استطاعا أن يحققا مكاسب كبيرة رغماً من تحديات كبيرة مرت بها المنطقة على رأسها التوترات الجيوسياسية.
بالنسبة لبورصة دبي، أوضحت أنها حققت مكاسب أعلى من 5,100 نقطة، وأرجعت ما وصفته بـ "تألق سوق دبي" ومؤشراته الإيجابية خلال العام 2024 إلى العديد من العوامل التي أثرت على أدائه، وهي الإجراءات الحكومية الداعمة لبيئة الاستثمار، وتوفير خيارات الاستثمار، وإقبال المستثمرين الأجانب على التداول في أسواق المال الإماراتية عموماً، وكذلك التنظيمات القانونية التي تضمن حقوق المستثمرين والوقوف على مشكلاتهم.
وأضافت أنه على الرغم من تراجع البورصة المصرية نهاية الشهر الأخير من العام 2024، إلا أنها كانت بدأت العام عند مستوى 24,800 نقطة، ووصلت إلى فوق الـ 29,300 نقطة، محققة مكاسب مالية مرتفعة خلال العام، مرجعة ذلك الارتفاع إلى تحديد واستقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأميركي، ونمو السيولة والتداولات بتخطيها تريليوني جنيه خلال العام (مقارنة بـ 1.719 تريليون جنيه في بداية العام).
وأكدت أن التوقعات الأولية للعام المقبل 2025 هي توقعات إيجابية، فبالنسبة للسوق المصرية، حال إتمام الطروحات الحكومية المرتقبة التي تشمل مجموعة من الشركات كبرى فمن المنتظر أن تعمل على تنشيط السوق وزيادة جاذبيته للمستثمرين الأجانب والمحليين، مع استمرار تقديم إصلاحات هيكلية وزيادة الحوافز لزيادة الشركات المُدرجة، فضلًا عن التداعيات الإيجابية المحتملة لحدوث تهدئة شاملة في المنطقة، على الأسواق العربية.