قفزة مرتقبة للاستحواذات والاندماجات خلال 2024
14:45 - 16 يناير 2024"إن التنبؤ بما إذا كانت صناعة الصفقات ستعود هذا العام قد يكون مهمة حمقاء نظراً لحالة عدم اليقين الجيوسياسي غير المسبوقة التي نعيشها وسنستمر في تجربتها في المستقبل المنظور.".. هذا ما يؤكده الكاتب في صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية، جيمس فونتانيلا خان، في مقال له بالصحيفة هذا الأسبوع.
ومع ذلك، بعد عام من انخفاض نشاط عمليات الاندماج والاستحواذ إلى أقل من 3 تريليون دولار للمرة الأولى منذ عقد من الزمن، هناك بعض العلامات المشجعة أن عام 2024 سيشهد ارتفاعًا في الصفقات، بحسب الكاتب.
- في 2023، انخفضت قيمة إجمالي المعاملات المبرمة على مستوى العالم بنسبة 17 بالمئة إلى نحو 2.9 تريليون دولار.
- إن الظروف في عام 2024 من المرجح أن تكون أفضل بعد عام شهد صراعين مسلحين كبيرين، حيث يكافح محافظو البنوك المركزية التضخم من خلال الارتفاع السريع في أسعار الفائدة وعدم اليقين بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتخلف عن سداد ديونها، حسبما نقل المقال عن فرانك أكويلا، محامي الشركات في شركة سوليفان آند أمب.
- هناك تفاؤل مبرر بأن البنوك المركزية ستحقق بالفعل "الهبوط الناعم" الذي كانت تعمل عليه مع السيطرة على التضخم واستمرار النمو، وإن كان أقل.
- لذلك يمكننا أن نتوقع انتعاشًا في أنشطة الاندماج والاستحواذ في معظم القطاعات والمناطق الجغرافية.
ومع انخفاض تكاليف الاقتراض، سيكون من الأسهل على الرؤساء التنفيذيين للشركات المدرجة في البورصة تبرير تكلفة الصفقات للمساهمين.
كما أن أسعار الفائدة المنخفضة ستسهل على صانعي صفقات الأسهم الخاصة إجراء العمليات الحسابية على عمليات الاستحواذ الخاصة بهم بالاستدانة.
ويشير الكاتب في الوقت نفسه إلى ارتفاع الأسهم العالمية أيضًا في الجزء الأخير من العام حيث يتوقع المستثمرون انخفاض أسعار الفائدة.
ويميل سوق الأسهم المزدهر إلى السير جنبا إلى جنب مع إبرام الصفقات، حيث يرغب المشترون المحتملون في اقتناص الأصول قبل أن تصبح باهظة الثمن، ويريد البائعون الاستفادة من تقييماتهم المتضخمة.
وتظهر بعض القطاعات علامات الانتعاش، مع عدد من الصفقات الضخمة في قطاعي الطاقة والرعاية الصحية.
نشاط مرتقب
في السياق، تشير تقديرات مدير المركز العالمي للدراسات التنموية صادق الركابي، إلى أن العام 2024 من المرجح أن يشهد نشاطاً ملحوظاً في صفقات الاستحواذ و الاندماج، مرجعًا السبب في ذلك إلى عدة عوامل أهمها:
• تباطؤ معدلات التضخم.
• الاستقرار في أسعار الفائدة، وبما يسهم في تحسين أسواق الائتمان.
وأضاف الركابي، في تصريحاته لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنه على الرغم من هذا التحسن والنتائج الإيجابية في عديد من أسواق الأسهم، إلا أن هناك بعض العوامل التي تضفي حالة من الشك المصحوب بالتريث في تبني العالم لهذه السياسات الاستحواذية أو الاندماجات، خصوصاً خلال الربع الأول من هذا العام، وأهمها:
• حالة اللايقين بالنسبة لنمو الاقتصاد العالمي.
• تأثر سلاسل الإمداد بالتوترات الجيوسياسية (في إشارة للاضطرابات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر بشكل خاص).
وأكمل الركابي أنه خلال هذه الفترة فإن عديداً من الشركات ستعمل على تعزيز استراتيجيات النمو من خلال توسيع الإنتاج وتحسين الأداء، مع التركيز على جمع رأس المال والسيولة لمواجهة التحديات المقبلة والاضطرابات التي قد تحدث.
استحواذات
وبالعودة لمقال الفاينانشال تايمز، فإن الكاتب يُبرز عدداً من الشواهد في قطاع النفط والغاز على سبيل المثال، فقد عقدت كل من إكسون موبيل وشيفرون "صفقات ضخمة"، حيث استحوذتا على المنافستين الأصغر حجما بايونير مقابل 60 مليار دولار وهيس مقابل 53 مليار دولار، على التوالي.
تلك الصفقات فتحت الأبواب لمزيد من الصفقات في القطاع، بما في ذلك شركة أوكسيدنتال بتروليوم والاستحواذ على شركة CrownRock مقابل 12 مليار دولار أميركي، وشركة Chesapeake Energy على شراء شركة Southwestern Energy في صفقة تشمل جميع الأسهم بقيمة 7.4 مليار دولار أميركي.
وفي صناعة الأدوية، أعلنت الشركات الكبرى، بما في ذلك أسترازينيكا وآبفي وبريستول مايرز سكويب، عن صفقات ذات صلة بالتكنولوجيا الحيوية تبلغ قيمتها نحو 25 مليار دولار.
وفي قطاع آخر، أبرمت شركة بلاك روك صفقة لشراء شركة جلوبال إنفراستراكتشر بارتنرز مقابل أكثر من 12.5 مليار دولار نقدا وأسهما.
وإلى ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة "Intermarket Strategy"، أشرف العايدي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن الطريق حاليًا مفتوحة أمام التحسن بشكل كبير خلال 2024 وذلك لأن هناك أسباب تسهم في خلق هذه الصورة الإيجابية للاندماجات والاستحواذات منها:
• عدم رفع أسعار الفائدة عن مستوياتها الحالية، وفق ما تشير إليه التقديرات الراهنة.
• الارتفاع العام في أسعار الأسهم، ذلك أن الأداء المرتفع في أسعار الأسهم يعتبر عاملًا محفزًا للمزيد من الاندماجات، وذلك لأن ارتفاع أسعار الأسهم عبار عن ارتفاع للقوة الشرائية للشركة.
• على الرغم من وجود توقعات بتباطؤ الاقتصاد العالمي وبعض الانكماش لكن لا أعتقد بأننا سنصل إلى مرحلة الركود .
وتوقع أن تشهد 3 قطاعات نموًا ملحوظًا في الاستحواذات:
• قطاع التكنولوجيا، أحد القطاعات الهامة الجاذبة للاستحواذات خصوصًا في قطاعات الـ "AI" ورقائق الكمبيوتر وليس السحب التكنولوجيا.
• قطاعا المعادن والطاقة بشكل عام، ضاربًا المثل بالاستحواذات التي تمت في قطاع النفط والذهب والتكنولوجيا خلال 2023.
• قطاع الصيدلة من القطاعات الهامة التي سشتهد استحواذات هي الاخرى خصوصًا شركات الأدوية.
لكنه أثار تساؤلاً حول عن مدى تأثير الانتخابات التي ستشهدها مناطق عدة من العالم بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا في السياسات الاقتصادية للدول.
تحديات جديدة
لكن هذه الانتخابات ليست وحدها التحدي الأبرز أمام نشاط الاستحواذ والاندماجات في العام 2024، ذلك أن ثمة تحديات أخرى يشير المقال المذكور إلى بعض منها، مثل: "بيئة مكافحة الاحتكار الصعبة" وكذلك "عدم الاستقرار الجيوسياسي في جميع أنحاء العالم"، وهما من العوائق الرئيسية أمام إبرام الصفقات في العام 2023، وكذلك من المرجح أن لا تختفي في أي وقت قريب.
• قامت هيئات مراقبة المنافسة في الولايات المتحدة وأوروبا، بما في ذلك المملكة المتحدة، بتشديد مواقفها في السنوات الأخيرة بشأن معالجة عمليات الاندماج التي تعتبرها أمرًا ضروريًا ضارة بالمستهلكين والمجتمع ككل.
• من غير المرجح أن يتغير هذا، على الرغم من أن سلسلة الانتكاسات القضائية التي عانت منها الهيئات التنظيمية الأميركية التي حاولت منع الصفقات الكبيرة دفعت عديداً من الرؤساء التنفيذيين إلى المضي قدمًا في الصفقات على الرغم من خطر التعرض للطعن من قبل وكالات التنفيذ.
كما يتحدث كاتب المقال عن تباطؤ نشاط الصفقات قبل الانتخابات، خاصة في الولايات المتحدة، وفقا لبيانات مجموعة بورصة لندن للأوراق المالية.
تميل الانتخابات إلى أن تكون مثبطًا لعمليات الاندماج والاستحواذ، حيث يفضل المسؤولون التنفيذيون الحصول على قدر أكبر من الوضوح بشأن من سيكون في الحكومة قبل أن يقرروا إبرام صفقة.
هذا العام، سيدلي ما يقرب من نصف سكان العالم بأصواتهم، مما يعني أننا يجب أن نتوقع بعض الاضطرابات (..).
أسعار الفائدة
وفي ذات السياق، قال الخبير الاقتصادي، علي عبد الرؤوف الادريسي، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن تثبيت أسعار الفائدة والتوقعات بخفضها من جانب الفيدرالي الأميركي سينعكس على الاقتصادات الناشئة بشكل كبير وسيكون أحد عوامل الجذب للاستثمارات المباشرة بها.
واستشهد الإدريسي بالاقتصاد المصري، باستحواذ مجموعة طلعت مصطفى القابضة، في ديسمبر الماضي، من خلال الشركة العربية للاستثمارات الفندقية والسياحية (ايكون)- الذراع الفندقي، من الحكومة المصرية على حصة 39 بالمئة مع حقوق الإدارة في محفظة كبيرة تضم 7 فنادق فريدة في القاهرة والإسكندرية والأقصر وأسوان.
وأكد أن ذلك يأتي تماشيًا مع تبني الدولة المصرية حاليًا لمفهوم دعم وتهيئة مناخ الاستثمار بمستوى مرضي من الحوافز والضمانات وتسهيل الإجراءات والتراخيص والأراضي بما يساهم في النهاية في التوسع بنسبة مساهمة القطاع الخاص من الناتج المحلي الإجمالي.