هل ستكون "بريكس" محركاً لنظام تجارة عالمي جديد؟
21:05 - 29 أغسطس 2023هل ستكون مجموعة "بريكس" للاقتصادات الناشئة محركاً لنظام تجارة عالمي جديد؟، سؤال بات يتردد كثيراً في الأوساط الاقتصادية ومنصات المحللين والخبراء، وخصوصاً بعد توسع المجموعة وانضمام ست دول جديدة إليها تصنف ضمن أهم القوى الاقتصادية والاستثمارية في المنطقة والعالم.
- بريكس هي منظمة سياسية عقدت أول مؤتمر قمة لها عام 2009، وكان أعضاؤها أربع دول ذات اقتصادات صاعدة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وكانت تحت اسم "بريك" ثم انضمت جنوب أفريقيا إلى المنظمة عام 2010 ليصبح اسمها "بريكس".
- خلال قمة المجموعة التي اختتمت أخيراً في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا، تقرر دعوة الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات لتصبح أعضاء في البريكس، على أن تبدأ العضوية في الأول من يناير المقبل.
- منذ تأسيسها، يتمثل هدف "بريكس"، في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول الأعضاء وتنسيق المواقف في القضايا العالمية والإقليمية وتعزيز التنمية المستدامة، فضلاً عن سعيها إلى إصلاح النظام المالي العالمي وتعزيز دورها في صنع القرار العالمي.
- تشكل المجموعة قبل التوسع نحو 40 بالمئة من سكان العالم و25.6 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي بواقع 26 تريليون دولار في 2022، وبعد التوسع إلى 11 دولة سيصبح حوالي 29 تريليون دولار، بما يمثل حوالي 29 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي، فيما أصبحت المجموعة تشكل 46 في المئة من سكان العالم بأكثر من ثلاث مليارات و670 مليون نسمة ما يقارب نصف سكان العالم.
- تقرر في قمة بريكس التي انعقدت في البرازيل عام 2014، إنشاء بنك للتنمية وتبني معاهدة لوضع احتياطي طارئ للمجموعة، فيما يؤيد أعضاء في المجموعة فكرة إنشاء عملة موحدة بين دول "بريكس" كخطوة لاحقة.
نحو عالم متعدد الأقطاب
في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" يقول الدكتور ممدوح سلامة خبير النفط والاقتصاد العالمي، "تبشر مجموعة بريكس بنظام عالمي جديد بعيداً عن النظام الأحادي القطب الذي تقوده الولايات المتحدة إلى نظام متعدد الأقطاب، وأكثر عدلاً ومساواة بين دول العالم، بل ستكون المجموعة المحرك الرئيس لاقتصاد العالم في الأعوام القليلة المقبلة".
وستعمل المجموعة كذلك على خلق نظام مالي جديد بعيداً عن الدولار سواء في التجارة العالمية أو في تجارة النفط، وفقاً للدكتور سلامة الذي أكد أن هذا النظام الجديد سيقوض الدولار الأميركي وسيطرته على تجارة النفط وتجارة العالم ككل خصوصاً بعد انضمام دول نفطية رئيسة مثل دولة الإمارات والسعودية وإيران.
تراجع الدولار كعملة احتياطية ونفطية
وأوضح في هذا السياق أن دول بريكس ستعمل على إنشاء عملة خاصة للمعاملات التجارية ونظام للتسويات المالية فيما بينها بعيداً عن الدولارـ مضيفاً أنه "من خلال دعوة القوى النفطية الكبرى للانضمام إلى المنظمة، فإنها تسرع من تراجع الدولار كعملة احتياطية وأيضاً كعملة نفطية".
وبدعوتها للدول الست للانضمام إلى المجموعة، يرجح الدكتور سلامة أن تتعدى حصة بريكس في الاقتصاد العالمي الـ 50 بالمئة بحلول عام 2030، كما يرى أن المجموعة ستسود العالم وستسيطر على التجارة العالمية، مشيراً إلى أن الرابحين من هذا التحول الهائل البترو يوان الصيني والريال السعودي والدرهم الإماراتي والروبية الهندية والروبل الروسي.
ونوه خبير الاقتصاد والنفط العالمي أن طبع الدولارات بلا حسيب ولا رقيب لن يفيد ولن ينقذ الاقتصاد الأميركي، بل سيؤدي إلى انهيار قيمة الدولار.
تطوير النظام التجاري العالمي
ومن دولة الإمارات يقول الخبير الاقتصادي حسين القمزي في تصريح لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "يمثل تحالف بريكس دولاً ناشئة اقتصادياً، حيث يستهدف هذا التحالف تعزيز التعاون بين هذه الدول في مجالات متعددة بما في ذلك الاقتصاد والتجارة، وعلى الرغم من أن المجموعة لها تأثير قوي على الساحة العالمية، إلا أنه ليس بالضرورة أن تكون محركاً مباشراً لنظام تجارة عالمي جديد، إذ يمكن أن يؤدي التعاون بين الدول الأعضاء إلى تأثيرات إيجابية على النظام التجاري العالمي ككل".
لكن ستكون بريكس محركاً إيجابياً في تطوير النظام التجاري العالمي إذا تم تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء، والمجموعة والمنظمات الدولية الأخرى، ولكنها ليس المحرك الوحيد الذي سيؤثر على التجارة العالمية، طبقا لما قاله القمزي.
وينوه الخبير الاقتصادي القمزي إلى أنه يجب مراعاة أن هناك عوامل أخرى كثيرة تؤثر على نظام التجارة العالمي، بما في ذلك الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف والتحديات الاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى ذلك، هناك منظمات دولية أخرى مثل منظمة التجارة العالمية (WTO) التي تلعب دوراً رئيساً في تشكيل النظام التجاري العالمي.
فرص استثمارية وتجارية جديدة
ومن مصر يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الشناوي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "يمثل انضمام ستة أعضاء جدد لمجموعة بريكس فرصاً استثمارية وتجارية جديدة، وقد يمنح أهمية في الجغرافيا السياسية لسوق النفط العالمية، ومما لا شك فيه أن انضمام السعودية والأرجنتين قد يمكّن بريكس من تنسيق وجهات النظر لمجموعة العشرين في الأسواق الناشئة، وقد تعمل المجموعة كنظير غير رسمي لمجموعة الدول السبع الصناعية، وبالنسبة لانضمام مصر تنظر المجموعة إليها عل أمل الاستفادة من الأصول المصرية في الفترة المقبلة، بالإضافة الى الموقع الاستراتيجي لها وأيضا الاستفادة من قناة السويس وحقول الغاز المكتشفة حديثاً على أنها ذات ربحية اقتصادية وسياسية مستقبلاً".
قد يكون المحرك الاقتصادي الصيني متعثراً في الوقت الحالي، لكن تتوقع بلومبرغ أن الهند مستعدة لتعويض النقص ويمكن أن تعزز حصة مجموعة بريكس في الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى أكثر من 40 بالمئة بحلول عام 2040، مقارنة بنحو 32 بالمئة في العام الماضي، بالتالي لابد من البحث في الكيفية التي قد يبدو عليها نموذج السياسة التجارية البديل الذي تقوده مجموعة بريكس، بحسب الدكتور الشناوي.
ويضيف الشناوي: "تدعم مجموعة بريكس إقامة عالم متعدد الأقطاب، كما تلتزم بإصلاح نظام الحوكمة العالمي، وزيادة تمثيل وصوت الأسواق الناشئة والبلدان النامية، وإن توقيع اتفاقيات التجارة الحرة، ووضع معايير مشتركة للمنتجات، وتحسين أساليب العمل، وإزالة الحواجز أمام دخول السوق، يؤدي أيضاً إلى زيادة حجم التجارة بين دول بريكس بشكل فعال".
ومن جانب آخر، يهدف بنك التنمية الجديد إلى تعزيز التعاون بين البلدان النامية، وسد النقص في استثمارات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وفقاً للدكتور الشناوي الذي يرى أن الدافع وراء إنشاء البنك هو أن يكون نظيراً للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتعزيز رؤية التنمية التي تقودها الدول النامية، حيث تبلغ احتياطيات العملات الأجنبية لدول المجموعة 4.4 تريليون دولار.
يشار إلى أن أكثر من 40 دولة في العالم أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، وفقًا لجنوب أفريقيا رئيسة قمة 2023.