تعتزم مصر طرحها في الصين.. ما هي سندات "باندا"؟
13:32 - 01 يونيو 2023تستعد الحكومة المصرية إلى طرح "سندات باندا" بحوالي 500 مليون دولار، في الربع الأول من العام المالي المقبل (من يوليو إلى سبتمبر)، طبقاً لما أعلنه وزير المالية المصري، محمد معيط.
تأتي تلك السندات، التي يطرحها مُصدرون من خارج الصين ويتم بيعها بالسوق الصينية باليوان، بضمان جزئي لمصر من جانب "البنك الأفريقي للتنمية"، وبما يسهم في تمويل المبادرات والمشاريع الخضراء.
- في مايو الماضي، أعلنت مجموعة البنك الأفريقي للتنمية الموافقة على ضمان ائتمان جزئي بقيمة 345 مليون دولار لمصر " من أجل زيادة الوصول إلى سوق سندات باندا؛ لتمويل المشاريع الخضراء والاجتماعية".
- ذكر البنك في بيان له أن هذا الضمان الجزئي "سوف يسمح لمصر بجمع ما يعادل 500 مليون دولار في سوق سندات باندا المقومة باليوان الصيني".
- سوف يتم استخدام عائدات السندات في مشروعات النقل النظيف والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي، وكذلك تمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ومبادرات الخدمات الصحية الأساسية، بحسب البنك.
تنويع مصادر التمويل
تقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه "بسبب أزمة الدولار، وعلى اعتبار أن مصر بحاجة لموارد من أجل تمويل مشاريعها الداخلية، فلقد تم اللجوء إلى إصدار سندات باندا المقومة باليوان الصيني، وذلك بمساعدة (ضمان) بنك التنمية الأفريقي، الذي يضمن جزءاً من تلك السندات، والتي تُقدر بـ 500 مليون دولار".
- كانت وزيرة التعاون الدولي في مصر، الدكتورة رانيا المشاط، قد ذكرت في بيان أن اتفاق مصر الجديد مع بنك التنمية الأفريقي يوفر بعداً إضافياً للشراكة الاستراتيجية التي تركز على تعزيز التحول نحو الطاقة المتجددة وتمويل مشاريع البنية التحتية المستدامة.
- وأشارت الوزيرة إلى أن إصدار السندات الدولية في سوق جديدة غير مستغلة بدعم من بنك التنمية الأفريقي "يساعد على تنويع مصادر التمويل والبناء على الجهود السابقة، بما في ذلك السندات الخضراء التي تم إطلاقها في العام 2020".
وتلفت خبيرة أسواق المال إلى أن السندات التي من المتوقع أن يتم إصدارها بداية العام المالي المقبل، تسعى الحكومة المصرية من خلالها لتحقيق هدفين رئيسيين:
- تمويل المشاريع الداخلية ذات الصلة.
- مزيد من التقارب المصري الصيني في الفترة المقبلة، ومن خلال التعاون باليوان.
التقارب مع المعسكر الشرقي
وتضيف رمسيس،: "هناك تعاون متصاعد بين القاهرة وبكين، وتسعى مصر إلى تعزيز علاقاتها مع المعسكر الشرقي، بما يساعدها في تمويل احتياجاتها النقدية، علاوة على انخراطها بقوة في التطلع لعملة البريكس التي هي عملة مُكملة لعملات الدول الأعضاء في هذا التجمع". وقد انضمت مصر سابقاً إلى بنك التنمية الجديد الذي أنشأه تحالف البريكس.
- مصر من الدول التي أبدت رغبتها في الانضمام لتحالف البريكس، الذي يضم كلاً من (روسيا والهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا).
- سفير جنوب إفريقيا لدى المجموعة، أنيل سوكلال، كان قد ذكر في تصريحات سابقة له، أن الاجتماع المقبل للكتلة سوف يناقش ضم أعضاء جدد، بعد أن تقدمت 13 دولة "رسمياً" بطلب الانضمام، وست دول بشكل غير رسمي.
- وأفاد في فبراير الماضي، بأن كلاً من السعودية وإيران من بين الدول التي طلبت الانضمام رسمياً. وعبرت دول أخرى عن اهتمامها بالانضمام مثل: الأرجنتين والإمارات العربية المتحدة والجزائر ومصر والبحرين وإندونيسيا، بالإضافة إلى بلدين من شرق إفريقيا وبلد من غرب إفريقيا.
الوفاء بالالتزامات الخارجية
وتشير خبيرة أسواق المال، في معرض حديثها مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن المغزى من إصدار مصر سندات "باندا" يتمثل في أنها لم تتوقف عن سداد التزاماتها، حتى أن بنك التنمية يساندها في إصدار هذه السندات.
وللمرة الأولى، كانت مصر في شهر فبراير الماضي قد باعت صكوكاً سيادية بقيمة 1.5 مليار دولار لأجل ثلاث سنوات. وقد تجاوزت نسبة تغطيتها أربعة أضعاف بعد أن جذب طرحها طلبات بقيمة 6.1 مليار دولار.
وتوضح رمسيس في السياق نفسه أن "اللجوء للاستدانة عادة ما يُواجه بمطالب محلية بضرورة اللجوء إلى إجراءات أخرى لتمويل العجز وسد الفجوة الدولارية التي تعاني منها البلاد بعيداً عن أدوات الدين، لكن بسبب احتياج مصر السريع تلجأ لهذه الإجراءات إلى جانب إجراءات أخرى مثل برنامج الطروحات الحكومية، وكذلك التعامل بعملات أخرى غير الدولار، ومحاولة تنشيط عديد من القطاعات مثل السياحة والتصدير".
وتضيف: "مردود إصدار هذه السندات يعطي انطباعاً بأن مصر قادرة على الوفاء بالتزاماتها، باعتبارها سندات مضمونة من الدولة وسيادية من الدرجة الأولى.. وتسهم تلك السندات في الحصول على عوائد نقدية سريعة تساعد في سد الفجوة التمويلية، لا سيما وأن مصر بنهاية يونيو لديها عديد من الالتزامات المرتبطة بخدمة الدين".
فجوة دولارية
تعاني مصر فجوة دولارية، فقد قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، في فبراير الماضي، إنها تُقدر بحوالي 30 مليار دولار، وتحتاج تبعاً لذلك ما لا يقل عن 100 مليار دولار استثمارات خلال خمس سنوات.
وبدوره، يشير الباحث الاقتصادي، الدكتور محمد شادي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن "الحكومة المصرية تطرح سندات باندا على المستثمرين في السوق الصينية، للاستفادة من المزايا التي توفرها تلك السوق، وفي ضوء المؤشرات والأوضاع الاقتصادية المرتبطة ببكين".
ويوضح ذلك بقوله: "السوق الصينية لديها فرص مواتية ملائمة، ومعدلات التضخم تتباطأ بشكل واضح، علاوة على الاستقرار النسبي في الفترات الأخيرة في أسعار الفائدة، ومساعي الحكومة الصينية (بعد تعليق سياسة صفر كوفيد) إلى تعزيز النشاط الاقتصادي المنخفض حالياً.. جميعها عوامل توفر فرصاً مهمة يُمكن الاستفادة منها من خلال طرح سندات باندا بهذه السوق".
وطبقاً لشادي، فإن طرح هذه السندات يُسهم بشكل أو بآخر في دعم توفير العملة الأجنبية لتنفيذ المشاريع القائمة في مصر، لا سيما بالنظر إلى سهولة شراء المنتجات بالعملة المحلية الصينية، وكذلك سهولة تحويل اليوان إلى الدولار في ظل الثبات النسبي للسعر".
وتتبنى الحكومة المصرية خطة هادفة إلى تنويع مصادر وأدوات التمويل، علاوة على جذب المستثمرين الجدد، وخفض تكلفة تمويل الاستثمارات التنموية.