كيف تخطط للتقاعد في أوقات التضخم؟
14:07 - 09 نوفمبر 2022التخطيط للتقاعد من الناحية المالية هو تخصيص الأفراد المدخرات أو الإيرادات (الأرباح) لمرحلة التقاعد بهدف الاستقلال مالياً، وقد تبدو هذه العملية سلسلة في ظل الظروف الاقتصادية الطبيعية، لكن مع الأزمات التي يواجهها العالم منذ نحو ثلاثة أعوام نتيجة التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا وارتدادات الحرب الروسية الأوكرانية وفي مقدمتها التضخم الذي بلغ مستويات لم تعرفها البشرية منذ عقود، يبرز السؤال المهم:
كيف يخطط الأفراد للتقاعد أو كيف نحمي أنظمة التقاعد من أن يدمرها التضخم؟
مع تقدم العمر يقل إنفاق الأفراد على الطعام والملابس والمواصلات، بينما يزداد على الرعاية الصحية والمساهمات الخيرية، ولما كان الغذاء والطاقة والموصلات من المسببات الأساسية للتضخم، فان بعض المتقاعدين قد يكونوا أقل تأثراً بالتضخم مقارنة بالعاملين من نظرائهم، ولكن ارتفاع النفقات نتيجة التضخم يواجه الأفراد مخاطر إضافية لخطط التقاعد، بحسب الخبير الاقتصادي عبد الله الشناوي.
ويشرح الشناوي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن هذه المخاطر ناجمة من ارتفاع النفقات بمعدل أسرع من الدخول الثابتة ما يخلق الحاجة الى السحب من المدخرات السابقة أو تخفيض الإنفاق، وارتفاع معدلات التضخم المؤثرة سلباً على قيمة استثمارات الدخل الثابت الحالية التي يمتلكها المتقاعدون، بالإضافة إلى حدوث تقلبات في سوق الأوراق المالية ما يؤثر على المتقاعدين بدرجة كبيرة.
هل يضر التضخم بالمتقاعدين؟
يفاجئ التضخم المتقاعدين نظراً للفشل في تنمية الأصول بعد بلوغ سن التقاعد ما يعني تعرضهم للمخاطر في ظل البيئة التضخمية الحالية، الأمر الذي قد يدفع بعض الحكومات الى زيادة مساهمات الضمان الاجتماعي لتتماشى مع معدلات التضخم المرتفعة الحالية، وهذا يعني أن هناك علاقة طردية بين ارتفاع معدل التضخم وبين ارتفاع المساهمات في حصص المعاشات في القطاعين الحكومي والخاص، وبالتالي يؤدي ارتفاع معدل التضخم الى تآكل مدخرات المتقاعدين ما يعني ضرورة القيام بتقييمات سنوية لمعدل التضخم والتي تعتبر أفضل وسائل التحوط بهدف حماية المستفيدين من الضمان الاجتماعي من فقدان القوة الشرائية، وفقاً للخبير الاقتصادي الدكتور الشناوي.
ويضيف الشناوي: "لذلك أصبح الشغل الشاغل للمتقاعدين هو ضرورة تنويع مصادر الدخل، والمفاضلة بين خيارات الإنفاق واضعين نصب أعينهم ارتفاع تكاليف المعيشة، مع أهمية تخصيص المدخرات بدرجة عالية من الرشد الاقتصادي، وعلى سبيل المثال، بلغت نسبة المطالبين بمزايا الضمان الاجتماعي في حالة الإحالة للتقاعد في أميركا حوالي 79 بالمئة".
خطوات حماية أنظمة التقاعد
ولكن السؤال الأكثر الأهمية.. كيف نحمي أنظمة التقاعد من أن يدمرها التضخم؟ وهنا يجيب الدكتور الشناوي قائلاً: "تتأثر معاشات المتقاعدين سلباً نظراً لارتباط مزايا خطط معاشات التقاعد بمعدلات رواتب المتقاعدين قبل التضخم، كما أن مزايا معاشات التقاعد قد تتكيف مع التضخم وقد لا تتكيف لأن خطط معاشات المتقاعدين لا تقدم تعديلات على تكاليف المعيشة نتيجة ارتفاع التضخم ما يعني تأثرها بشكل سلبي، وتساعد استراتيجيات التخطيط للتقاعد في حساب معدل التضخم عند تخصيص الأصول الخاصة بالمتقاعدين عن طريق البحث عن الاستثمارات الموجهة نحو النمو والحساسة للتضخم في المخصصات في صناديق الاستثمار والتي قد تشمل سندات ذات العائد المرتفع، والأسهم في الأصول الحقيقية والأوراق المالية المحمية من التضخم".
ويتابع الشناوي: "أما خطوات حماية أنظمة التقاعد فهي سبعة، أولها تجنب الاحتفاظ بكميات كبيرة من النقود، وثانيها إعادة تقييم الفرد لمحفظته من أجل مكافحة التضخم المرتفع حيث سيحتاج إلى الاستثمار في الأصول التي يمكن أن تساعده في الحفاظ على القوة الشرائية بمرور الوقت خلال الأسهم التي أثبتت فعاليتها في تجاوز التضخم على مدى فترات طويلة من الزمن والسندات المحمية من التضخم وذلك عن طريق تحويل المحفظة نحو استثمارات الدخل الثابت، وكذلك السلع التي تعد واحدة من فئات الأصول القليلة التي تميل إلى الأداء الجيد عندما يرتفع التضخم".
أما الخطو الثالثة - يستطرد الدكتور الشناوي - فهي تأخير مدفوعات الضمان الاجتماعي بمعنى إمكانية تولي وظائف بدوام جزئي لتكملة الدخل الحالي، والرابعة التخطيط لتكاليف الرعاية الصحية، والخامسة تحقيق الإنفاق الأقل والادخار الأكثر، والسادسة تخفيض تكاليف السكن عن طريق استخدام منازل أصغر، حيث سيترتب انخفاض الضرائب العقارية والتأمين، وأخيراً زيادة الاستثمارات المرتبطة بالتضخم وتنويع مصادر الدخل والابتعاد عن المصادر الثابتة".