"الطاقة كسلاح".. كيف يؤثر على الصراع بين روسيا والغرب؟
14:30 - 30 سبتمبر 2022اعتبر مراقبون أن حادث تسرب الغاز في خطي أنابيب "نورد ستريم"، يمثل تصعيدًا كبيرًا لأزمة الطاقة، ونقل الصراع بين القوى الدولية في خضم الأزمة الأوكرانية، إلى المستوى التالي؛ من الاقتصاد إلى ما يُوصف بـ "الحرب الهجينة".
وشهد "نورد ستريم 1 و2"، أزمة جديدة بعد تسرب الغاز منهما أسفل سطح البحر، مما أدى إلى تبادل الاتهامات حول من يقف وراء ما وصف بـ "التخريب المتعمد".
ووجه الكرملين أصابع الاتهام لدولة أجنبية لم يسمها، معتبرا إياها مسؤولة عن حادث تسرب الغاز في خطي أنابيب "نورد ستريم"، كما فتحت أجهزة الأمن الروسية تحقيقا في "عمل إرهابي دولي".
في المقابل، وصف الاتحاد الأوروبي التسريب بأنه "عمل متعمد"، في حين أشار الناتو إلى أعمال تخريبية، تزامنًا مع تعزيز النرويج والدنمارك الإجراءات الأمنية المحيطة بالبنية التحتية للنفط والغاز.
وفي هذا الإطار، حذّر وزير المال الألماني كريستيان لندر، من أن برلين تعيش "حرب طاقة" مع روسيا، قائلًا: "نجد أنفسنا في حرب طاقة مرتبطة بالازدهار والحرية".
وأضاف أن "قرار روسيا بقطع الغاز الطبيعي عن أوروبا والتسريبات الأخيرة من خطي أنابيب نوردستريم 1 و2 أظهرت أنه واقعيا لا يجب توقع مزيد من إمدادات الطاقة من روسيا في المستقبل القريب".
كانت شركة "نورد ستريم إيه. جي."، وهي الشركة المُشغلة لخط أنابيب "نورد ستريم 1"، قالت اليوم إنه من المرجح توقف تسرب الغاز من الخط بحلول يوم الاثنين المقبل.
ما دلالة سلاح الطاقة؟
وفي أوائل الشهر الجاري، تخلت روسيا عن إعلانها بأن المشاكل التقنية وحدها هي المسؤولة عن إغلاق خط أنابيب نورد ستريم الذي يزود أوروبا بالغاز، إذ ربط المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف صراحة استئناف الإمدادات برفع العقوبات عن روسيا.
ويرى الزميل غير المقيم في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، بول سوليفان، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "روسيا بالفعل تستخدم الطاقة كسلاح مهم في حربها الراهنة".
وتُسيطر موسكو على 30 بالمئة من واردات النفط، و40 بالمئة من واردات الغاز، ونحو 25 بالمئة من واردات الفحم إلى الاتحاد الأوروبي، كما لا تزال تُسيطر على الكثير من واردات اليورانيوم المخصب إلى الاتحاد الأوروبي، وفق "سوليفان"، في الوقت الذي كان الاتحاد الأوروبي يعتمد بشكل كبير على الطاقة الروسية.
وشدد على ضرورة وضع حد لهذه الحرب التي تؤثر بفداحة على حياة المواطنين في الاتحاد الأوروبي وغيرها من دول العالم، مضيفًا: "يجب أن تنتهي هذه الحرب قريبًا. سيكون الشتاء قاسياً للغاية بالنسبة للاتحاد الأوروبي والعديد من البلدان الأخرى، وترتفع أسعار الطاقة في جميع أنحاء العالم".
وأوضح أن "البلدان الأكثر فقرًا وتلك التي تعاني من فقر الطاقة هي الأكثر تضررا، وبالتالي تُضيف حروب الطاقة أيضًا إلى تكاليف الغذاء من خلال استخدام الطاقة للأسمدة والمبيدات وفي سلسلة التوريد الغذائية بأكملها".
"قد يفقد الكثير من الناس وظائفهم وسبل عيشهم بسبب آثار هذه الحرب"، حسبما أشار الخبير المتخصص في مجال الطاقة.
سوابق تاريخية
وأشار "سوليفان" إلى أن سلاح الطاقة جرى استخدامه ولكن بشكل طفيف منذ عقود، إذ كانت عنصرًا من عناصر الحرب منذ الحروب الأولى عندما كانت المصادر الرئيسية للطاقة للخيول والناس هي القمح والأرز واللحوم.
كما كانت الحرب العالمية الأولى أول حرب قائمة على البترول باستخدام دبابات البترول والسفن وعربات النقل الأخرى، ثم تم استخدام الكثير من النفط في الحرب، وتوسعت الإمبريالية في البلدان التي كان لديها النفط وربما لديها النفط بسرعة إلى حد ما.
لكن الحرب الراهنة لها طابع مختلف، إذ توضح وفق "سوليفان"، الاعتماد على ما وصفه بـ"عدو محتمل وفعلي للغرب" للحصول على الطاقة، وبالتالي دخل الاتحاد الأوروبي في الحرب رغم التحذيرات المتكررة بما في ذلك من الولايات المتحدة، من استمرار الارتباط بالطاقة الروسية.
استهداف أوروبا
وذهبت مصادر غربية إلى أن "سلاح الغاز" الذي تستخدمه السلطات الروسية يهدف إلى تعميق الانقسام الأوروبي بشأن العقوبات الاقتصادية، وتضخيم أزمتها المقبلة في الشتاء.
وقال المحلل بمركز الأبحاث الأوروبي "بروغل"، المتخصص في السياسات الاقتصادية، سيمون تاغليابيترا، إن "روسيا جلبت تسليحها في مجال الطاقة ضد أوروبا إلى المستوى التالي: من الاقتصادية إلى الحرب المختلطة، وبالتالي نحتاج إلى تعديل استجابتنا واستعدادنا وفقًا لذلك".
وشدد "تاغليابيترا" على أنه يجب تعزيز الأمن والمراقبة للبنية التحتية الرئيسية في جميع أنحاء أوروبا.
وعاد بول سوليفان للتأكيد إلى أن "روسيا سوف تستخدم الطاقة كسلاح حرب، إلى الأبد، حتى لو انتقلنا من الوقود الأحفوري، فقد يكون الصراع القادم حول المعادن والفلزات والتقنيات، لأنظمة الطاقة الجديدة ومصادر الطاقة المتجددة".