النفط الليبي.. بين مطرقة الإهمال وسندان السياسة
13:22 - 23 أبريل 2022يمثل قطاع النفط شريان الحياة للدولة الليبية، إذ يوفر 97% من إجمالي الدخل القومي للبلاد، ورغم تلك الأهمية القصوى التي تستدعي الحفاظ عليه وتنميته، يصارع في غمار تحديات عصيبة.
ووصل إنتاج ليبيا من الخام في العام 2010، إلى نحو 1.65 مليون برميل يوميا، وكانت التقديرات المحلية والدولية تشير إلى مسار تصاعدي قد يتراوح ما بين 2.5 إلى 3 ملايين برميل في السنوات التالية، لكن اليوم لا يتجاوز الإنتاج 1.3 مليون برميل.
ومنذ العام 2011، توقفت تقريبا عمليات التطوير والتحديث في حقول وآبار النفط الليبي، ثم تعرضت المنشآت النفطية إلى أضرار جراء الحروب والصراعات التي دارت خلال العقد الأخير، في ظل محاولات الجماعات الإرهابية والإجرامية السيطرة عليها.
وفي النهاية، بسط الجيش الوطني الليبي سيطرته على المنشآت النفطية في المنطقة الشرقية، والكثير منها في الجنوب، ما أدى إلى انتظام الإنتاج خلال الفترة الماضية بواقع 1.2 مليون برميل يوميا، فيما كانت المنطقة الغربية أقل حظا حيث لازالت المجموعات المسلحة والميليشيات هي المهيمنة على المنشآت هناك.
تهالك المنشآت
وتشير التقديرات الرسمية إلى أضرار جسيمة لحقت بخزانات الخام في الموانئ النفطية العديدة في البلاد، جراء الصراعات، والتي لم تجرى لها صيانات حقيقية خلال السنوات الماضية.
كما تسبب تهالك خطوط نقل الخام من الحقول إلى المنشآت النفطية الأخرى، في تسرب كميات كبيرة تقدر بآلاف البراميل، وهو ما يحدث بصفة دورية.
وبالإضافة إلى ذلك، تشتكي مؤسسة النفط باستمرار من عدم توفير الميزانيات المطلوبة لعمليات الصيانة والتطوير، وهو ما أدى إلى تراكم الديون على شركات القطاع بالإضافة إلى التذبذب في صرف مستحقات العاملين.
النفط في ساحة السياسة
ويذهب بعض المراقبين للشأن الليبي إلى حصر الصراع في البلاد بأنه مشكلة في توزيع الثروات النفطية، وهي الأزمة المفصلية التي لم تجد طريقها للحل طوال السنوات الماضية.
وفي ظل معاناة قطاعات كبيرة من الشعب الليبي من شظف الحياة، وغياب الخدمات الأساسية، تذهب إيرادات النفط إلى المجموعات المسلحة والميليشيات التي تسيطر على الغرب الليبي، التي تبسط هيمنتها على المؤسسات الرسمية هناك.
وظل النفط الليبي في تلك الحسبة العاصفة، حيث تحاول أطراف استخدامه، محليا أو حتى دوليا، كورقة للمساهمة ولتحقيق مكاسب، أو للمد من أجل البقاء في السلطة، فيما يظل الطلب الأساسي قائما وهو "عدالة التوزيع".
فرص واعدة
ورغم ضبابية المشهد، مازالت الفرص واعدة أمام ليبيا من أجل لعب دورا أكبر في سوق الطاقة العالمية، لما تمتلكه من احتياطات كبيرة من النفط والغاز، وأيضا لموقعها الاستراتيجي المهم، والقريب من دول الاستهلاك في أوروبا.
ومثلت الحرب الروسية – الأوكرانية فرصة حقيقية لليبيا، في ظل ارتفاع أسعار النفط والغاز، وإمكانية زيادة حصتها التصديرية إلى أوروبا، لكن كل هذا مرهون بقدرتها على تجاوز التحديات السابقة.
ولا يمكن التبؤ بما يمكن أن يحل بالقطاع خلال الفترة المقبلة، نظرا للتطورات العاصفة التي تمر بها ليبيا، لكن بالتأكيد لن يكتب له النهوض من كبوته طالما استمرت التقلبات السياسية وغياب الخطط الحقيقية لتطويره.