صدمة خروج الجزائر.. ما بين خذلان المحترفين و"لحظة الانفجار"
14:39 - 21 يناير 2022ودع المنتخب الجزائري، مساء الخميس، بطولة كأس أمم إفريقيا مبكرا، وأبكى جماهيره العريضة، التي وصلت للكاميرون أملا بالمحافظة على العرش الإفريقي.
خروج الجزائر مثل أكبر مفاجأة في البطولة الإفريقية، خاصة وأنه قبل أسبوع فقط، كان "محاربو الصحراء" المرشح الأول لتحقيق اللقب.
خروج الجزائر لم يكن عاديا، حيث فشل "الخضر" في تحقيق أي انتصار، ولم يسجلوا سوى هدفا واحدا، في مجموعة لم تكن من بين الأصعب في البطولة، خاصة مع وجود منتخبين بإمكانيات متواضعة، وهما منتخبا غينيا الاستوائية وسيراليون.
لعنة البطل
قبل الدخول بأسباب الخروج الحقيقية، لا بد من التطرق لنقطة "لعنة البطل"، وهي الظاهرة التي تصيب الأبطال في عالم كرة القدم، والتي تتجلى بوضوح في إفريقيا.
في 32 نسخة لأمم إفريقيا، فشل حامل اللقب بعبور دور المجموعات في النسخة التالية 13 مرة، وفي مرتين لم يتأهل أصلا للنسخة التالية.
هذه "اللعنة" أصابت منتخب الجزائر هذه المرة، كما أصابت مصر بالسابق في 2012 ونيجيريا في 2015 وكوت ديفوار في 2017.
أسباب اللعنة تقع عادة بسبب الإصابة بنوع من أنواع التشبع مع قليل من الغرور الذي يتسلل إلى نفوس حامل اللقب، بالإضافة إلى تسليط الضوء أكثر من اللازم على اللاعبين مما يزيد الضغوط.
المحترفون
من أبرز أسباب الخروج المبكر للجزائر هو فشل المحترفين في تقديم مستواهم الذي يقدموه في أنديتهم، خاصة بالمقارنة مع منتخب المحليين الذي قدم أداء كبيرا وحقق كأس العرب قبل أسابيع قليلة.
منتخب الجزائر وضع ثقته كاملة في رياض محرز نجم مانشستر سيتي وسعيد بن رحمة نجم وست هام وسفيان فيغولي نجم غلطة سراي، وعدد من المحترفين الآخرين الذين فشلوا في صناعة الفارق، مثل حارس بالقبلة ورامز زروقي.
أسباب "خذلان" المحترفين لجماهيرهم، قد تكون بسبب الضغوطات الكبيرة التي وضعت عليهم من أنديتهم الأوروبية، للابتعاد عن الإصابات والالتحامات، مما يبعد اللاعبين عن الدخول في المواجهات الصعبة بكامل تركيزهم.
والنقطة الأخرى هي الحرب الكبيرة التي شنتها الدوريات الأوروبية، وخاصة الإنجليزي، على بطولة أمم إفريقيا، بسبب سوء التحضيرات وسوء التوقيت، مما أدخل نجوم أوروبا المشاركين في حالة ذهنية مشتتة، وهذا ما بدا واضحا على نجوم البريميرليغ مثل محمد صلاح وساديو ماني ورياض محرز وآخرين.
من بين مانشيتات أمم إفريقيا.. تراجع الجزائر هو الأبرز
هذه الضغوطات لم تكن موجودة في نسخة أمم إفريقيا 2019 في مصر، لأنها أقيمت في فصل الصيف، ولم تتعارض مع الدوريات الكبرى، ولم تسودها أجواء جائحة كورونا ولا التنظيم السيء، الأمر الذي ساعد المنتخب الجزائري بالدخول بحالة تركيز كبيرة وتحقيق البطولة.
الضغوطات وبلماضي
المنتخب الجزائري وضع نفسه تحت ضغوطات كبيرة، فرضتها الجماهير والإعلام والمدرب جمال بلماضي نفسه، أدت للوصول إلى حالة "الانفجار" التي وصلها "الخضر".
الضغوطات أبرزها كانت بالحفاظ على سلسلة "اللا هزيمة"، والتي وصل فيها إلى الرقم 35، على بعد مباريات قليلة من تحطيم الرقم العالمي لإيطاليا.
هذا الرقم القياسي سبب نوعا من "الهوس" لدى الجماهير الجزائرية، وأثر على المنتخب، الذي فشل بتحطيم الرقم القياسي على بعد مباريات قليلة، وأمام منتخب متواضع مثل غينيا الاستوائية.
الضغط الآخر وضعه تألق منتخب الجزائر في كأس العرب، وتحقيقه اللقب بتشكيلة "شبه احتياطية"، مما رفع من سقف التوقعات للمنتخب الجزائري في إفريقيا، وأصبح أي شيء غير اللقب يعتبر فشلا ذريعا للمنتخب "الأقوى إفريقيا".
الملاعب والتحكيم
ملاعب الكاميرون كانت سيئة، وهو ما لا جدال عليه، ولكن وضعها في خانة "أسباب الهزيمة الجزائرية" أمر غير واقعي.
فملاعب الكاميرون المتواضعة، قدم عليها نجوم كوت ديفوار ونيجيريا مستوى كبيرا، وهي المنتخبات التي يلعب أغلب لاعبيها على ملاعب أوروبا المثالية، في أكبر أندية العالم.
الملاعب "المشوهة" هي لعنة تصيب الجميع، ولطالما كانت سمة بطولات إفريقيا بالسابق.
ومثله التحكيم السيء، الذي لطالما كان من علامات البطولات الإفريقية، وسوء التحكيم تعرض له الجميع في البطولة، وبالعكس، فأن المنتخب الجزائري لم يتعرض لحالات تحكيمية شديدة الجدل، وعانى من سوء الحظ وسوء المستوى فقط.
صفعة ضرورية
قد يكون خروج "محاربو الصحراء" مؤلما في أمم إفريقيا، لكنه قد يمثل "صفعة الاستفاقة" للمنتخب، كي يعيد ترتيب أوراقه قبل مباريات الحسم المؤهلة لكأس العالم 2022.
وتقام السبت قرعة الدور النهائي لتصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2022، حيث سيواجه منتخب الجزائر منتخبا واحدا، في مباراتين ذهاب وإياب، يتأهل الفائز بهما للنهائيات.
الخروج المبكر قد يكون أفضل استعداد للجزائر قبل موقعة الحسم، وتحقيق الهدف الأهم، وهو التأهل لمونديال 2022.