أولها التحريض.. ألغام على طريق الليبيين بعد تأجيل الانتخابات
20:23 - 25 ديسمبر 2021طالب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، السلطات الليبية بوضع جدول زمني واضح على وجه السرعة لإجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت.
وهذه الدعوة ليست الأولى، حيث حثت 4 دول أوروبية، بجانب واشنطن، في وقت سابق، السلطات الليبية على ضرورة التوافق وإجراء الانتخابات على وجه السرعة، والامتثال لخارطة الطريق المتفق عليها دوليًّا.
وتوالت التحذيرات والدعوات خارجية، في ظل غضب وسخط عام داخلي، نتيجة إرجاء الموعد الانتخابي الأول في تاريخ الليبيين، إلى الشهر المقبل.
وإزاء هذا الإرجاء أشار خبراء وسياسيون إلى وجود خمس عقبات في المرحلة المقبلة تهدد بنسف المسار السياسي بالكامل.
التشرذم السياسي
يعيش الوسط السياسي في ليبيا حالة من التشرذم، وهنا يقول الباحث السياسي محمد الدوري، إن الأوضاع على الأرض مقلقة، وهناك من يصب الزيت على النار، من أجل إعادة البلاد إلى الفوضى مرة أخرى.
وأضاف الدوري، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن حالة التشرذم الحالية يدفع ثمنها المواطن الليبي الذي يعيش حالة من الضبابية حول مستقبله في ظل حالة الفوضى.
وطالب الباحث السياسي جميع القوى السياسية بتحمل مسؤوليتها أمام الوطن والمواطن، وتغليب مصلحة البلاد على أي مصالح شخصية، وتابع قائلًا "لقاء بنغازي الذي جمع عددًا من المرشحين للرئاسة يعد ثمرة أمل في طريق التوافق الوطني، وتغليب مصلحة الوطن والمواطن".
وشدد الدوري على أهمية تطوير تلك اللقاءات البناءة، والعمل على تنفيذ جميع مخرجاتها من أجل حل الأزمة الليبية التي تعاني أيضًا من التدخلات الخارجية، مؤكدًا أن الحل الليبي- الليبي هو المخرج الآمن للبلاد.
والثلاثاء الماضي، وصف الليبيون اللقاء الذي جمع عددًا من المرشحين الرئاسيين، أبرزهم خليفة حفتر وفتحي باشاغا في مدينة بنغازي شرقي البلاد، بـ"بصيص أمل" لهم بعد عقد من الفوضى.
وعقب الاجتماع الذي لقي إشادة واسعة من جانب الشارع الليبي، أعلن المترشحون للانتخابات الرئاسية اتفاقهم على أن المصلحة الوطنية الجامعة فوق كل اعتبار.
وأكدوا استمرار التنسيق والتواصل وتوسيع إطار هذه المبادرة الوطنية لجمع الكلمة، ولم الشمل، واحترام إرادة الليبيين.
التحريض والفتنة
يجد الشارع الليبي نفسه أمام التحريض والفتنة، مع كل خطوة نحو الحل السلمي والسياسي، فعقب اجتماع "لمِّ الشمل" الذي عقده عدد من مرشحي الرئاسة، حرَّض المفتي المعزول الصادق الغرياني، ضد اللقاء قائلًا "ما فعلتموه حرام نهى الله عنه، وتوعد أصحابه بالنار"، في استمرار لمسلسل التحريض واستغلال الدين كستار، كما وصفه الخبراء.
وهنا أكد الأكاديمي الليبي، أحمد حمزة، أن تصريح الغرياني لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، فهو منذ 17 فبراير 2011 يصدر تصريحاته وفتاويه المسمومة، داعيًا الليبيين للالتفاف حوله لتنفيذ مآرب خبيثة، هدفها الفرقة وسفك الدماء.
وتابع الباحث الليبي، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الغرياني "يستغل الدين لتحقيق أهدافه المشبوهة والمدعومة من دول خارجية، لأن دعوته الأخيرة هدفها شقُّ الصف، ومنع أي تسوية سياسة للأزمة الحالية للبلاد".
وأضاف حمزة أن الغرياني، المدعوم من تنظيم الإخوان، يسعى دائما إلى إثارة الفتنة وتضليل الشعب بفتاويه؛ لزعزعة استقرار البلاد وخلق الفوضى، ليستمر النزاع الذي يتغذى عليه التنظيم.
في سياق التحريض، طالب المفتي المعزول، خلال تصريحات إعلامية، بالخروج إلى الشوارع ومنع أي محاولة نحو الاستحقاق الانتخابي، الذي وصفه بـ"الحرام شرعًا".
وأكد الأكاديمي الليبي أن الشارع الليبي يدرك جيدًا الآن من يعمل للمصلحة الوطنية ومن يعمل ضد الوطن، وتابع "التنظيم يخسر كل يوم في الشارع الليبي.. وذلك من خلال بث الفرقة والوقيعة".
الأمن والميليشيات
يعد ملف الأمن أبرز العراقيل خلال الفترة المقبلة أمام الشارع الليبي، حيث تواصل الميليشيات عبثها باستقرار الدولة الليبية، وتؤكد عدم احترامها لكل المخرجات الدولية التي أوصت بضرورة إجراء الانتخابات.
في هذا الإطار، يقول السياسي الليبي محمد البرجاوي، إن التنظيم بجميع أركانه وأساليبه لن يترك ليبيا تمر نحو طريق الاستقرار بسهولة؛ لأن التنظيم يسيطر على مقدرات البلاد عن طريق الفوضى.
لم تهدأ الميليشيات المسلحة تجاه أي خطوة نحو رأب الصدع في الداخل الليبي، فعقب لقاء المرشحين وبعد التحريض الإخواني، بدأت تحركات مشبوهة من جانب الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس.
وطالب السياسي الليبي، محمد البرجاوي، بضرورة تفعيل ما وعدت به القوى الدولية والمعنية بالأزمة الليبية؛ من تفعيل العقوبات على أي فصيل أو شخص يسعى لعرقلة العملية الانتخابية، وما يحدث من الميليشيات المسلحة التابعة لتنظيمات معينة في الداخل الليبي، مما يهدد السلم والأمن الداخلي والخارجي.
معضلة الاقتصاد
يعاني الاقتصاد الليبي من تدهور حاد نتيجة عدة عوامل أبرزها تعاقب الحكومات وعدم وجود مؤسسات وهياكل شرعية للدولة، إلى جانب سيطرة عدد من الميليشيات على مقدرات الدولة.
وهنا أكدت الخبيرة الاقتصادية، عزة الراوي، أن الاقتصاد الليبي لن يتعافى إلا عن طريق مؤسسات شرعية تنال ثقة المجتمع الدولي والمستثمرين، مشيرة إلى معضلة الأمن التي تسببت في انهيار الاقتصاد الليبي، وأبرزها قطاع الكهرباء والبترول.
وأضافت الراوي أن الشارع الليبي متحمس لإجراء الانتخابات؛ لأنها طوق النجاة الوحيد لحل المشاكل الاقتصادية التي عصفت بالشارع، فالكثير من الليبيين لا يبالون في الوقت الحالي بالصراعات السياسية قدر اهتمامهم بأهمية التوافق لإنقاذ الاقتصاد، والاستفادة من ثروات البلاد المهدورة منذ 10 سنوات نتيجة الفوضى وعدم الأمن.
وأوضحت الخبيرة الاقتصادية أن الوضع الحالي في ليبيا يعد مناخًا جيدًا واستراتيجيًّا للميليشيات المسلحة المسيطرة على الاقتصاد الليبي أو أغلب مفاصل الاقتصاد الليبي، وبالتالي نجد عرقلة مستميتة من تلك الميليشيات من أجل تعطيل أي حل سياسي في البلاد.
فقدان الثقة
تراجعت الثقة نتيجة 10 سنوات من النزاع المسلح والاقتتال، فيما دفعت المؤتمرات الدولية والإقليمية إلى خارطة طريق من أجل تسوية سياسية، وهنا يقول الأكاديمي الليبي، علاء الغزولي، إن هناك حالة من فقدان الثقة في الشارع الليبي تجاه المجتمع الدولي الذي فشل في مساعدة البلاد لإجراء الاستحقاق الأول والمحطة الأولى في خارطة الطريق.
وأوضح الغزولي أنه في حالة فشل الموعد الثاني للانتخابات الرئاسية سيكون بمثابة شهادة وفاة لمصداقية المجتمع الدولي أمام الشعب الليبي، متوقعًا ضغطًا دوليًّا على القوى السياسية الليبية من أجل تهيئة الأجواء للانتخابات.
وتابع الأكاديمي الليبي قائلًا "المجتمع الدولي، وبالأخص أوروبا، يعي جيدًا أن الحل السياسي هو الأمثل للأزمة الليبية، وفي حالة رجوع الأوضاع لمربع الفوضى مرة أخرى، لن تعاني ليبيا فقط بل أوروبا أيضًا".
وشدد الغزولي على ضرورة تفعيل عصا العقوبات الدولية على المعرقلين؛ حتى تظهر جدية المجتمع الدولي في حل الأزمة الليبية.
ويوم الجمعة، شهدت مدن في شرق وغرب ليبيا، بالتزامن لأول مرة منذ سنوات، مظاهرات تحت عنوان "جمعة الخلاص" للتنديد بتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 24 ديسمبر، وهتف المتظاهرون بشعارات ضد معرقلي الانتخابات، وطالبوا بإسقاط كافة الهيئات السياسية القائمة حاليًّا.