المغرب.. الجمع بين المناصب يثير جدلا رغم قانونيته
13:11 - 13 أكتوبر 2021في استحضار لسيناريو عام 2016، الذي انتهى بإستقالة 12 وزيرا في حكومة تصريف الأعمال، لجمعهم بين منصبي وزير ونائب، يشهد المغرب حاليا جدلا بشأن جمع بعض الوزراء في الحكومة الجديدة بين المسؤولية الحكومية ورئاسة بلديات بعضها لمدن كبرى.
وتضم تشكيلة الحكومة المغربية، 4 أعضاء يجمعون بين المنصبين، يتقدمهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي انتخب رئيسا لبلدية مدينة أكادير في الانتخابات العامة التي شهدها المغرب في 8 سبتمبر الماضي.
وإلى جانب أخنوش، تتقلد وزيرة الصحة والحماية الاجتماعية نبيلة الرميلي منصبة عمدة مدينة الدار البيضاء.
وتجمع فاطمة الزهراء المنصوري بين وزارة التعمير والإسكان وعمودية مدينة مراكش، إضافة إلى عبد اللطيف وهبي الذي يجمع بين حقيبة العدل ورئاسة بلدية مدينة تارودانت.
ورغم أن رجل الأعمال الثري عزيز أخنوش تخلى عن جميع مهام التسيير في القطاع الخاص بشركات العائلة، بعد تكليفه برئاسة الحكومة، إلا أنه لم يتخل عن منصبه في مدينة أكادير.
"الحاجة إلى التفرغ"
وأثير الجدل بشأن الجمع بين المناصب ونجاعة الأداء، منذ تكليف أخنوش بتشكيل حكومة جديدة، لكن النقاش أخذ زخما أكبر، مع تعيين عمدتي الدار البيضاء ومراكش في الحكومة الجديدة.
وجاء في تدوينة للحزب الإشتراكي الموحد (معارضة) أن الدار البيضاء تحتاج لمسؤول يكون متفرغا لحل المشاكل التي تواجهها.
ودعا الحزب نبيلة الرميلي إلى تقديم استقالتها من عمودية المدينة والتفرغ لمهامها الصعبة بوزارة الصحة.
من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي، يونس دافقير، أنه ليس من الجيد للمنصوري والرميلي الجمع بين المنصبين الوزاريين وعموديتي أكبر مدينتين بالمغرب.
ودعا في تدوينة على حسابه بفيسبوك إلى "الرفق بالسيدتين ومنحهما فرصة للنجاح وليس للغرق".
كلمة القانون
وفي تعليقه على هذا الجدل، يؤكد عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنه لا يوجد نص قانوني يمنع الجمع بين العضوية في الحكومة ورئاسة جماعة ترابية.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" يوضح أدمينو أن النقاش حول هذا الموضوع أثير في العام 2013، حين تقدمت الحكومة بمشروع قانون للبرلمان ينص على منع الجمع بين منصب حكومي ورئاسة جماعة ترابية، لكن المؤسسة التشريعية رفضت المصادقة على النص.
ويشير عبد الحفيظ أدمينو إلى أن "التنافي" بحسب القانون يتعلق بالجمع بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجهة وأيضا بالعضوية في البرلمان والحكومة.
ويعتبر أن دعوات الإستقالة التي توجه حاليا لمجموعة من الوزراء من أجل ترك مناصبهم في تدبير الشأن المحلي، لا تستند إلى نص قانوني.
وبحسب القانون، فإن الوظيفة الحكومية تتنافى مع مجموعة من المناصب من بينها العضوية في البرلمان، والمسؤولية عن مؤسسة أو مقاولة عمومية.
رهان النجاعة
من جانبه، يرى المحلل السياسي، عباس الوردي، أن دعوات الإستقالة من تسيير الشأن المحلي، وإن كانت لا تستند إلى نص قانوني، إلا أنها منطقية من ناحية تغليب مصلحة المواطن.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" يؤكد الوردي أن عمودية المدن الكبرى تتطلب حضورا دائما ومثابرة ميدانية مباشرة من طرف عمدة المدينة. وبالتالي فإن الجمع بين هذه المسؤولية وحقيبة حكومية سيؤثر بشكل سلبي على تدبير المهام في المنصبين معا.
ويشير الأستاذ الجامعي إلى أن إستقالة الوزراء من مهامهم في تسيير المدن، من شأنه أن يبعث بإشارة إيجابية للمواطنين على إرادة الوزراء للتفرغ بشكل كامل لخدمة الشأن العام، عبر الإكتفاء بمسؤولية واحدة.
وفي مقاربته لمقترح تفويض المهام للنواب المنتخبين، يوضح عباس الوردي أن تفويض المهام لنواب العمدة أو رئيس البلدية متاح بحكم القانون، لكن هذا التفويض يجب أن يكون بشكل مؤقت وليس بصفة كاملة ونهائية.
وفي هذه الحالة، يؤكد المتحدث، أن التفويض للنواب لا يمكن أن يستمر لخمس سنوات، وهي مدة الولاية الحكومية.
ويشدد الأستاذ الجامعي، على ضرورة تطعيم النص القانون للقطع تماما مع الجمع بين المسؤوليات، ويعتبر أن الحكومة الجديدة تتمتع بأغلبية مريحة داخل البرلمان تسمح لها بإجراء التعديلات المناسبة.
حدث في السابق
وفي عام 2016 قدم 12 وزيرا في حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبد الإله بنكيران حينها استقالاتهم بعد أن انتخبوا في البرلمان خلال الإستحقاقات التشريعي.
وبحسب ما صدر في الجريدة الرسمية، أياما بعد ذلك، فإن العاهل المغربي الملك محمد السادس أعفى الوزراء الذين اكتسبوا الصفة البرلمانية في الإنتخابات، وذلك بناء على تأويل من الأمانة العامة للحكومة، يقول إن "الذين يجمعون بين الصفة الوزارية والبرلمانية يوجدون في حالة تناف، وعليهم الاختيار بين المنصب الوزاري أو المقعد البرلماني".
ومن بين الوزراء الذين قدموا استقالاتهم، كان هناك 7 وزراء من حزب العدالة والتنمية، الذي كان يقود الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران.
وفي يوليو الماضي تم توسيع حالات التنافي بالمصادقة على مشروع قانون ينص على منع الجمع بين رئاسة البلديات وصفة برلماني بالنسبة للبلديات التي يفوق عدد سكانها 300 ألف نسمة .