الخلطات العشبية.. بديل السوريين في مواجهة جنون أسعار الدواء
16:33 - 29 يونيو 2021فوجئ السوريون بقرار وزارة الصحة السورية رفع أسعار الدواء بعد توقف معامل الأدوية عن الإنتاج ومطالبة أصحابها برفع أسعارها.
وعانت الأسواق السورية في الآونة الأخيرة من انقطاع الدواء، ففرغت رفوف العديد من الصيدليات من أدوية السكري والضغط وأمراض الكبد والأمراض العصبية وأدوية الأطفال واغلقت بعضها الأخر في العاصمة دمشق ومدن عدة ومنها حلب وحمص واللاذقية.
وأفضى قرار الوزارة بزيادة أسعار الصنوف الدوائية بنسب وصلت إلى 50 بالمئة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية للسوريين التي سجلت أسوأ مستوياتها عالميا مع توالي تحذيرات أممية بمواجهة أكثر من 12 مليون سوري شبح المجاعة.
صيدلية الفقراء
ومع الارتفاع الجنوني لأسعار الأدوية وانهيار القطاع الصحي في البلاد، أتجه السوريون الى الطبابة البديلة والتداوي بالأعشاب كحل لمشاكلهم الصحية.
فباتت اسواق العطارين في المدن السورية صيدلية الفقراء وبات التداوي بالأعشاب رائجاً بعد ارتفاع تكلفة الطبابة من معاينات الأطباء وأسعار الأدوية والمشافي لأرقام مخيفة في بلاد انهكتها الحرب والفقر.
حيث لجأت رائدة صتوف إلى محل لبيع الاعشاب في سوق البزورية بدمشق لعلاج مشكلة البحص والرمل التي تعاني منها وتسبب لها آلاما كبيرة بعد أن صرفت الأموال في عيادات أطباء الكلى.
تقول رائدة، الأم لثلاثة أطفال، إنها تحولت للطب الشعبي بعد جلسات العلاج الطويلة غير المجدية والمراجعات الأسبوعية للطبيب الذي نصحها بأجراء عملية جراحية مكلفة تفوق طاقة زوجها العامل كحارس في إحدى الفيلات في منطقة قرى الأسد بريف دمشق لسكاي نيوز عربية إن العطار وصف لها خلطة من الأعشاب المنقوعة بعصير الليمون مدة 3 أيام قبل تناولها.
وقالت السيدة الثلاثينية: "الخلطة العشبية خلصتني من كميات الرمل والبحص الصغيرة في كليتي واشعر بتحسن كبير وهي لم تكلفني سوى 3000 ليرة سورية (دولار واحد) بينما تكلفة الأدوية المرتفعة ثمنها مع معاينات الطبيب كانت تكلفني في الشهر حوالي 50 ألف ليرة وراتب زوجي هو 100 ألف ليرة سورية (33 دولارا) لذا لجأت إلى التداوي بالأعشاب".
العقاقير العشبية
ويقول حنا عاكوب، وهو بائع أعشاب طبيعية ويعمل في الطب الشعبي منذ 30 عاماً، إنه ورث المهنة عن والده وجده.
وأضاف، لسكاي نيوز عربية، أن محله يلقى إقبالاً كبيراً، لا سيما مع ارتفاع أسعار المشافي وعيادات الأطباء وأسعار الأدوية وأحيانا كثيرة فقدانها.
عاكوب أشار، في حديثه، إلى غنى سوريا بالأعشاب الطبية والعطرية التي حفظت العديد من أبنائها من الأمراض، وقال: "أحضر لزبائني خلطات لعلاج مختلف الامراض كالسكري والتهاب الكبد والامراض المعوية والفشل الكلوي والقولون والقرحة والاسهال وخلطات التنحيف وغيرها وبأسعار زهيدة جدا وفرت عليهم مبالغ طائلة".
واستعاضت مدرسة اللغة الإنجليزية، ميسون، بوصفة الجدات القديمة في علاج مشكلة تكيس المبايض لديها، وتقول لسكاي نيوز عربية إنها امتنعت عن مراجعة عيادة الطبيب بعد أن رفع تسعيرة المعاينة إلى 15 ألف ليرة سورية وطلب منها تحاليل وصلت قيمتها إلى 600 لف ليرة سورية (200 دولار) ماعدا الوصفة الدوائية التي قد تصل إلى 90 ألف ليرة سورية لكل وصفة (30 دولارا) بينما تتقاضى راتبا شهرياً بقيمة 60 ألف ليرة سورية (20 دولارا) لذا لجأت لسوق البزورية الذي وصف لها أحد العطارين بعشبة رجل الأسد والمليسة كعلاج لمشكلتها ومنقوع البقدونس.
وتشير ميسون إلى أن الوصفة كلفتها أقل من دولار واحد واحياناً بعض العطارين لا يتقاضون ثمن بعض الاعشاب بل يمنحوها مجاناً لزبائنهم الفقراء جداً.
تضاعف أسعار الأدوية
وقررت وزارة الصحة السورية تعديل أسعار الدواء الاسبوع الماضي وأرفقت قائمة ضمت 11819 صنفا دوائيا تراوحت نسبة ارتفاع أسعارها الى 50 بالمئة.
وأفادت مصادر اعلامية أن مطالبة أصحاب المعامل الدوائية برفع أسعار الدواء جاءت بسبب ارتفاع تكاليف صناعة الانتاج واستيراد المواد الداخلة في تصنيعها بالعملة الأجنبية مما هدد بفقدان السوق لصنوف عديدة من الأدوية.
مشيرة أن الحكومة تسعر قيمة الأدوية على اساس السعر القديم للدولار وهو 1256 بينما رفع مؤخراً سعر صرف الدولار الواحد إلى 2500 ليرة سورية بحسب البنك المركزي السوري وفي السوق السوداء تصل إلى 3000 ليرة سورية وهذه الفروقات هي ما دفعت اصحاب المعامل التوقف عن الانتاج والمطالبة برفع أسعار الأدوية.
وشهدت أسعار الأدوية ارتفاعات كبيرة وبلغت نسبة الزيادة في بعض الأصناف الى 100 بالمئة بحسب عدد من المواطنين السوريين ويقول بهمن علي أن شراب السعال الذي يشتريه لطفلته كانت قبل شهر بـ 8000 ليرة سورية واشتراها بـ16 ألف ليرة سورية ويضيف في حديثه لسكاي نيوز عربية أن تذبذب سعر صرف الليرة السورية يرفع أسعار الادوية للضعف".
ورغم المخاطر المترتبة على العلاج بالأعشاب كبديل عن الطب إلا أن غلاء تكاليف العلاج وانهيار القطاع الصحي وعجزه عن توفير الخدمات الكاملة للمواطنين أدى إلى انتشار كبير للعيادات ودكاكين ما يعرف بالطب الشعبي أو العربي الذي غالبية مرتاديه من الفقراء.