بطعم التسعينيات.. مواجهة كروية "مشتعلة" بين العراق وإيران
15:22 - 15 يونيو 2021تتزين الكثير من المقاهي والمجمعات التجارية في العاصمة العراقية بغداد بالأعلام، وتقدم عروضا خاصة لمشاهدة المباراة التي ستجري مساء الثلاثاء، باستاد علي بن محمد في دولة البحرين، ضمن التصفيات المؤهلة لبطولة كأس العالم 2022، وكأس آسيا 2023، والتي تجمع منتخبي العراق وإيران.
من أسواق الشورجة الشهيرة وسط العاصمة العراقية بغداد، يقود المشجع العراقي عبد الرؤوف المياحي مراسل موقع "سكاي نيوز عربية" إلى "مقهى الزهاوي" التاريخي، عبر الأزقة والحواري القديمة للمدينة، المتزينة بالأعلام الوطنية العراقية، ويشير إلى المقعد الذي جلس عليه قبل قرابة ثلاثة عقود تماما في هذا المقهى، لمشاهدة المباراة التي جمعت المنتخب العراقي لكرة القدم بنظيره الإيراني في أواخر العام 1993، ضمن تصفيات كأس العالم.
ويسرد المياحي لموقع "سكاي نيوز عربية" التفاصيل المتطابقة بين أجواء مباراة اليوم، وما كانت عليه في تسعينيات القرن المنصرم، قائلا: "بالضبط كما اليوم، كان جميع سكان المدن العراقية يتوجهون للتجمع في المقاهي العامة، لأن المباراة كانت تجري في العاصمة القطرية الدوحة، بعد حرمان العراق من خوض المباريات على أرضه وبين جمهوره".
ويضيف: "مباراة عام 1993 في مواجهة منتخب إيران كانت فرصة استثنائية ليعاود العراقيون لثم جراحهم، عبر الشعور بالوحدة خلال تلك المباراة في مواجهة إيران، التي كان العراق قد خاض ضدها حربا دموية في الثمانينات، وكانت المواجهات الكروية بين البلدين تأخذ طابعا سياسيا ومنافسة استثنائية. أتذكر هدف الفوز الذي سجله اللاعب علاء كاظم على منتخب إيران، وكيف أن بغداد كلها اشتعلت بالأفراح والزغاريد، ومثلها كل المدن العراقية، بعد سنوات طويلة من الانقسام والأحزان، فقد ارتفعت الآمال بالتأهل لنهايات كأس العام التي جرت في العام التالي في الولايات المتحدة الأميركية".
حساسية المباراة
يتصدر العراق المجموعة الثالثة لهذه التصفيات، بمجموع 17 نقطة، متقدما على إيران بفارق نقطتين، وهذه المباراة هي الثامنة والأخيرة ضمن هذه المجموعة، وبذلك يحتاج المنتخب العراقي إما إلى الفوز أو التعادل في هذه المواجهة، لضمان التأهل لكأس آسيا والتصفيات الآسيوية النهائية لبطولة كأس العام.
وكما في مباراة التسعينيات، فإن هذا اللقاء يأخذ طابعا وحساسية سياسية، بسبب الصراع السياسي الداخلي في العراق، حيث أن إيران متهمة بدعم الفصائل العراقية المسلحة، التي تعمل على قمع التظاهرات التي انطلقت منذ قرابة العامين، وتثير الفتن في البلاد.
ويرى الكثير من العراقيين على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هذه المباراة هي بمثابة رد اعتبار رمزي لملايين الشبان العراقيين المنخرطين في هذه الانتفاضة الشعبية.
الناقد الرياضي العراقي جعفر عيسوي شرح في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" حيثيات هذه المواجهة الكروية قائلا: "المواجهات الكروية بين منتخبي العراق وإيران تأخذ طابعا خاصا، شبيها بمباريات الكلاسيكو التي تجري بين أقوى الأندية، فالفريقان العراقي والإيراني كانا الأقوى في منطقة غرب آسيا لعقود طويلة، وكان كل واحد منهما بمثابة حاجز أمام الآخر في التأهل للبطولات العالمية".
ويضيف عيسوي: "هذا الأمر لا ينفي وجود تأثيرات سياسية وحساسيات ثقافية بحكم الجوار والعلاقات السياسية المضطربة بين البلدين لعقود وحتى الآن. ففي عقد التسعينيات تواجه الفريقان لثلاثة مرات، واحدة ضمن تصفيات كأس العالم واثنتان ضمن مباريات كأس آسيا، والمباريات الثلاثة عالقة في الذاكرة الجمعية للعراقيين، لما شهدته من حماسة جماهرية في مختلف مناطق العراق، بالرغم من أنها جرت خارج العراق، بسبب العقوبات السياسية على العراق آنذاك، وكان ذلك عاملا إضافيا للحماسة، بالضبط مثل الآن".
توقعات اللقاء
وذهبت توقعات المراقبين إلى الموازنة بين الطاقات الفنية للمنتخبين، مع تفوق نسبي للمنتخب الإيراني، وهو الأمر الذي أكده المدرب السلوفيني للمنتخب العراقي سريتشكو كاتانيتش، الذي قال في تصريحات صحفية: "تنتظرنا مباراة هامة ومصيرية في الجولة الأخيرة أمام إيران لحسم صدارة المجموعة الثالثة"، معولا على إمكانيات اللاعبين طارق همام وعلاء عبد الزهرة ومهند علي، وهم يواجهون لاعبين إيرانيين محترفين وعلى مستوى عال من اللعب الجماعي، أمثال مهدي طارمي ووحيد أميري وكريم أنصاري.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد وجه الاثنين، بتقديم كل أشكال الدعم للمنتخب الوطني العراقي، حيث أن وزير الشباب العراقي واللاعب السابق الشهير في المنتخب العراقي عدنان درجال موجود مع بعثة المنتخب العراقي في العاصمة البحرينية المنامة لمساندة اللاعبين.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت الكثير من مجموعات التحليلات والمراهنات حول نتيجة المباراة، وتحولت إلى ساحة للنقاش وكيفية تقديم الدعم والمؤازرة للمنتخب العراقي، فيما ارتفعت ضمن تلك المجموعات الأصوات المناهضة لتحويل مجريات التشجيع والمؤازرة لأي خطاب طائفي أو عرقي، يخرج المنافسة الكروية من إطارها وفضائها الرياضي.