تطور العلاقات المصرية الأميركية.. كيف تستفيد منه المنطقة؟
18:32 - 26 مايو 2021بدا لافتاً التطور الواضح الذي تشهده العلاقات المصرية الأميركية في الفترة الأخيرة، لا سيما منذ نشوب المواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين، والدور الذي قامت به مصر حتى التوصل إلى الهدنة.
عبّر عن ذلك التطور الاتصالات واللقاءات التي تمت بين مسؤولين من البلدين، بخاصة الاتصالين الهاتفيين اللذين أجراهما الرئيس الأميركي جو بايدن مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وحتى زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة إلى القاهرة ضمن جولته بمنطقة الشرق الأوسط.
وترافق ذلك مع تصريحات أميركية إيجابية إزاء الدور المصري والعلاقات بين البلدين، وتأكيد الحرص المتبادل على تطوير العلاقات ذات الطابع الاستراتيجي المهم.
وفي إطار حرص الجانبين المصري والأميركي على إبداء اهتمامهما بتطوير التعاون والتنسيق المشترك، سواء فيما يتعلق بتطوير العلاقات الثنائية وحتى على صعيد القضايا الإقليمية، وفي القلب منها القضية الفلسطينية، أكد بايدن "قيمة الشراكة المثمرة والتعاون البناء، والتفاهم المتبادل بين البلدين، ومن ثم تطلع الإدارة الأميركية لتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر خلال المرحلة المقبلة، في مختلف المجالات، خاصةً في ضوء دور مصر المحوري إقليميا ودوليا، وجهودها السياسية الفعالة في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة وتسوية أزماتها".
كما أكد السيسي "قوة العلاقات المصرية الأميركية، وما تتسم به من طابع استراتيجي، مؤكداً استمرار مصر في بذل الجهود، لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وذلك في إطار ثابت من المصالح المشتركة والاحترام المتبادل"، وفق بيان رئاسة الجمهورية في مصر.
فترة انتقالية
الفترة السابقة منذ تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة وحتى الآن، كانت بمثابة "فترة انتقالية"، على حد وصف عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير أشرف حربي، الذي يقول في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" من القاهرة، إن الجانب الأميركي لم يكن خلالها مهتماً اهتماماً واضحاً بالاطلاع على وجهة النظر المصرية بالنسبة للقضايا المختلفة.
لكن "في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد تصاعد الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، والأحداث الأخيرة، بدا اهتمام الجانب الأميركي بالاطلاع على الموقف المصري واضحاً"، وفق حربي.
ويشير مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، في السياق، إلى الاتصالات المتكررة بين الإدارة الأميركية والقاهرة، وزيارة مسؤولين أميركيين لمصر، من بينهم المبعوث الأميركي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، وحتى زيارة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ضمن جولته بمنطقة الشرق الأوسط، وهي اتصالات هادفة إلى مناقشة التطورات المختلفة، ذلك أن واشنطن تبدي اهتماماً بالاطلاع على موقف مصر إزاء مسألة وقف إطلاق النار والتهدئة في غزة، والتسويات المختلفة في نقاط النزاع الأخرى، من بينها ليبيا، وكذا العلاقة مع تركيا.
ويلفت حربي إلى أن "هناك تطوراً حقيقياً وإيجابياً بين القاهرة وواشنطن، لعودة العلاقات المصرية الأميركية إلى سابق عهدها؛ على اعتبار أن مصر حليف استراتيجي هام في المنطقة، والدليل على ذلك ما أشار إليه بيان وزارة الخارجية الأميركية مؤخراً، وأيضاً ما قاله الرئيس بايدن عندما وجه الشكر لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي لاضطلاعه في الوساطة الأخيرة ووقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، عندما أشاد بايدن بالدور المصري بشكل مباشر".
وبخصوص مسألة "سد النهضة" وما إن كان يمكن التعويل على هذا التطور اللافت في العلاقات من أجل دور أميركي أقوى إزاء الأزمة الراهنة، يوضح عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أن "هناك مجموعة عمل أخرى تعمل على الملف داخل الإدارة الأميركية ، وكانت هناك جولة منذ أيام للمبعوث الأميركي للقرن الأفريقي لعدة دول أفريقية، من بينها مصر والسودان وإثيوبيا.. مصر من جانبها أوضحت وجهة نظرها كاملة، فيما يتعلق بارتباط ذلك الملف بالأمن القومي المصري".
تطور مفصلي
ويصف أستاذ العلوم السياسية رئيس وحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، طارق فهمي، التطور الحالي في العلاقات بين البلدين بكونه "تطور مفصلي"، مشيراً في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" من القاهرة، إلى أن المكالمة التي جمعت الرئيسين الأميركي والمصري، الاثنين الماضي، هي الاتصال الثاني خلال أربعة أيام تقريباً، وهو ما يعكس الاهتمام الأميركي بدور القاهرة والتعرف إلى الموقف المصري.
ويشير إلى أن الاتصال الأول تناول الدور المصري في وقف التصعيد في غزة، بينما الاتصال الثاني "كان مهماً بصورة كبيرة؛ لأنه تم خلاله التطرف إلى عدة قضايا إقليمية مختلفة، ودور القاهرة في هذا الإطار هو المهم".
ويتحدث أستاذ العلوم السياسية عن تطوير العلاقات بين البلدين، استناداً إلى الدور المصري المحوري، لافتاً إلى زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية إلى القاهرة والتي يسعى فيها للتعرف إلى طبيعة الدور المصري وما الذي تفعله القاهرة في ملف مراقبة الهدنة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
ويوضح فهمي أن العمل بين الإدارتين المصرية والأميركية يتم على مستويين، من العلاقات الثنائية الضيقة لعلاقات إقليمية أوسع، متوقعاً تواصل الزيارات الرسمية بين البلدين، بما تحمله من رسائل متبادلة، في إطار تطور العلاقات على مستوى الشكل والمضمون.
اتصالان
الاتصال الأول الذي جمع الرئيسين بايدن والسيسي، كان في 21 مايو الجاري، تبادل الطرفان خلاله الرؤى حول التوصل لصيغة تهدئة للصراع بين إسرائيل وقطاع غزة. وأكد السيسي على هامشه تطلعاته لتعزيز العلاقات بين البلدين وتحقيق المزيد من المصالح والمساحات المُشتركة.
الاتصال الثاني تم في 24 مايو، تناول تبادل الرؤى والتقديرات تجاه تطورات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن التباحث حول موضوعات علاقات التعاون الثنائي بين مصر والولايات المتحدة.
وعقب الاتصال الثاني الذي جمع بين الرئيسين، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: "سعدت اليوم بحديثى المطول مع فخامة الرئيس بايدن والذى اتسم بالتفاهم والصراحة والمصداقية في كافة الموضوعات التي تهم البلدين والمنطقة وأود أن أؤكد أن الرئيس بايدن يتمتع برؤية ثاقبة وخبرة متميزة تتسم بالواقعية في كافة الملفات بما فيها ملف العلاقات الثنائية وأجد أنه قادر بامتياز بحنكته وخبرته أن يصنع حلولاً جذرية لكافة المشاكل والتحديات التى تحيط بالعالم والمنطقة داعياً من الله أن يكلل جهوده بالنجاح والتوفيق والسداد".
مرحلة إيجابية
يستند مساعد وزير خارجية مصر، السفير حسين هريدي، إلى تلك التصريحات، ليشير إلى أن "العلاقات الأميركية المصرية في ظل إدارة بايدن ستدخل في مرحلة إيجابية في المستقبل المنظور، في إطار من التعاون، لا سيما أن الجانبين عبّرا عن استعدادهما للتعاون بصورة أكبر؛ من أجل إيجاد حلول للأزمات التي تشهدها المنطقة".
ويقول هريدي في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" من القاهرة: "يهدف البلدان إلى تعزيز العلاقات الثنائية والعمل المشترك بين الإدارة الأميركية والحكومة المصرية من أجل إيجاد حلول للمسائل والقضايا المعلقة في المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية".
ويؤكد مساعد وزير خارجية مصر الأسبق أن "الحكومة المصرية تعلق آمالاً على التعاون والتنسيق مع الإدارة الأميركية، في إطار تعزيز العلاقات وإيجاد حلول للقضايا المختلفة".