ثغور محتلة منذ مئات السنين.. وتمسك مغربي بحقوق "لا تسقط"
11:11 - 20 مايو 2021أثار اجتياح ما يفوق 8 آلاف شخص لسياجات مدينة سبتة الخاضعة للسلطات الإسبانية، شمالي المغرب، فجر الاثنين، جدلا واسعا في أوساط المتابعين، وذلك بخصوص الثغور الواقعة ضمن التراب المغربي، أو ضمن المياه الإقليمية للمملكة، في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، لكنها خاضعة للسلطات الإسبانية.
وإلى جانب مدينتي سبتة ومليلية، الواقعتين شمال المغرب، تفرض إسبانيا نفوذها على 21 جزيرة مغربية، وذلك منذ استقلال شمال المغرب عن الاستعمار الإسباني عام 1956، ثم استكمال استقلال الجنوب المغربي عنه، خلال العام 1975.
وتسببت تدخلات إقليمية، وما يعتبره المؤرخون "تواطؤا إسبانيا"، في افتعال النزاع حول مغربية الصحراء، واستمرار احتلال الثغور المغربية من طرف إسبانيا، والتي بدأ احتلال الكثير منها منذ القرون الوسطى، والقرن التاسع عشر.
ثغور متوسطية وأطلسية
واحتلت إسبانيا مدينة مليلية، القريبة من مدينة الناظور المطلة على البحر الأبيض المتوسط، منذ العام 1497، فيما تعرضت مدينة سبتة للاحتلال الإسباني عام 1668، بعدما كانت قد تعرضت للاحتلال البرتغالي عام 1415، ليستمر الاحتلال الإسباني إلى اليوم للمدينتين، حيث توجد بهما قاعدتان عسكريتان تابعتان للجيش الإسباني.
وفيما تحتل إسبانيا أيضا الجزر الجعفرية الثلاث، القريبة من سواحل إقليم الناظور المتوسطي، منذ العام 1848، توجد أيضا جزر الحسيمة الثلاث بدورها تحت النفوذ ذاته، وذلك منذ العام 1559، إضافة إلى جزيرة باديس القريبة من ساحل إقليم الحسيمة المتوسطي، والتي تحتلها إسبانيا منذ عام 1564.
وعلى مقربة من مدينة طنجة، توجد جزيرة "تورا" المعروفة باسم جزيرة ليلى، والتي لا يوجد فيها احتلال إسباني، فيما تمنع إسبانيا المغرب من ممارسة سيادته عليها، والتي كانت قد تدخلت قواتها البحرية في العام 2002 لمهاجمة جنود مغاربة نزلوا على تلك الجزيرة.
وبدورها توجد جزر الكناري المتكونة من 13 جزيرة، المتواجدة على سواحل المغرب الأطلسية، تحت النفوذ الإسباني، حيث تم احتلالها تدريجيا منذ العام 1405، فيما يعيش سكان الجزر الثمانية المأهولة منها، وأصولهم أمازيغية، تحت سلطة الإسبان.
شذ وجذب
ويقول الباحث في المعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط، عبد الفتاح الزين، إن "المغرب لم يعترف بالحدود التي ورثها عن فك الارتباط مع فرنسا عام 1956"، مؤكدا أن "إسبانيا التي تم فك الارتباط معها في نفس الوقت لم تكن تحتل المغرب، من الناحية القانونية"، داعيا السلطات الفرنسية "إلى رفع السرية عن وثائق معاهدة الحماية وإيكس ليبان، لكي نعرف على ماذا اتفق المغرب مع فرنسا".
ونبه الزين في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى "المغرب عندما نقول أنه كان تحت الحماية، فإنه يكون معترفا بسلطته، وبالتالي فإن للمغرب قانونيا وسياسيا امتدادا تاريخيا، يجعله أعرق دولة في المنطقة".
وأكد الزين، على أن "ما يسري على الثغور المغربية المحتلة من طرف إسبانيا، يسري على جبل طارق"، في إشارة منه إلى مدينة جبل طارق، جنوب إسبانيا، والخاضعة للنفوذ البريطاني منذ عام 1713، والتي تطالب بها إسبانيا، معتبرا أن "العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، كان قد اقترح لجنة ابن رشد، بخصوص الثغور المغربية التي ماتزال إسبانيا تعتقد أنها جزء منها، وتسعى إلى مس هويتها المغربية الإسلامية".
وشدد المتحدث على أن "إسبانيا لن تعيش مع المغرب في سلام وأمن مادامت لم تتجاوز عقدة الكاوديو، والإيديولوجية الأفريقانية"، معتبرا أن "عدم تجاوز هذه المسألة سيجعل إسبانيا تستمر في النظر إلى المغرب كدولة قاصرة".
توتر مستمر
وفي ذات الصدد يؤكد الباحث في العلاقات المغربية الإسبانية، عبد الحميد البجوقي، أن "تطور العلاقات بين المغرب وإسبانيا تشوبه توترات مستمرة، بسبب استمرار احتلال إسبانيا للثغور المغربية، وفي مقدمتها سبتة ومليلية".
وأوضح المتحدث، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "هذا التوتر يظهر حينا ويختفي حينا آخر، كما يحدث خلال هذه الأيام"، معتبرا أن ذلك يؤثر على "المصالح الاستراتيجية بين البلدين، المرتبطة بملفات الإرهاب والهجرة وغيرهما".
وأضاف أن "موقف إسبانيا متذبذب وكلاسيكي، واستمرارها في هذه المساحة الرمادية، بحيث هي مع المغرب وفي موضوع الصحراء تكون ضد المغرب"، مشيرا إلى أن "إسبانيا أحيانا تقوم بمناوشات لعرقلة تطور هذا الملف".
وأشار إلى أن "الأزمة التي تبدو بحسب الإسبان على أنها أزمة هجرة، هي أزمة سياسية بامتياز"، منبها إلى أن "السياسة الخارجية الإسبانية تشهد ارتباكا غير مسبوق، في ظل النجاحات الدبلوماسية المغربية اتجاه العالم، وهو ما لم تكن الدبلوماسية الإسبانية في مستوى التفاعل معه".
حقوق ثابتة
ومن جهته اعتبر الكاتب والصحفي المغربي، لحسن العسيبي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "التأطير القانوني لاستعادة المغرب كامل حقوقه في ثغوره المحتلة يجد سنده في مبادئ ويلسون الأربعة عشر، التي رسمت مبدأ حق تقرير المصير والاستقلال لكل الأراضي المستعمرة، واستعادة الدول لكل أراضيها الشرعية المحتلة".
وأشار إلى ملفات مماثلة " من قبيل ملفات كل من مكاو وهونغ كونغ، حيث تم إنهاء تاريخ طويل للاستعمارين البرتغالي والبريطاني، عبر آلية تفاوضية بين الدولة صاحبة الأرض تاريخيا، التي هي الصين وبين الدول المستعمرة لتلك البقع".