بعد "مشاهد سبتة".. هل تتفاقم الأزمة المغربية الإسبانية؟
10:16 - 19 مايو 2021استدعى المغرب سفيرته لدى إسبانيا، كريمة بنيعيش، للتشاور، وذلك بعد ساعات من استدعاء وزارة الخارجية الإسبانية لها، بعدما كانت مدينة سبتة الخاضعة للسلطات الإسبانية قد شهدت نزوحا جماعيا لـ8 آلاف شخص، منذ فجر الاثنين، مما يرجح زيادة التوتر في العلاقات بين البلدين.
وقالت السفيرة المغربية، قبيل تلبيتها لاستدعاء وزارة الخارجية الإسبانية، الثلاثاء، إنه "في العلاقات بين الدول هناك أفعال لها عواقب ويجب تحملها"، معتبرة أن هناك "مواقف لا يمكن قبولها"، في إشارة منها إلى استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، بهوية مزورة، قبل أسابيع، وهو ما صعد حدة التوتر في العلاقات بين البلدين الجارين.
أن ترى العالم من الضفة الأخرى
وفي حين أكدت بنيعيش، في تصريحات لوسائل إعلام أوروبية، قبل لقائها بوزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، على أن العلاقات بين دول الجوار والأصدقاء يجب أن تقوم على "الثقة المتبادلة التي يجب العمل عليها ورعايتها"، يرى مراقبون أن من شأن تدفق المهاجرين على مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، أن يتسبب في تأزيم العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد.
ووسط الصمت الرسمي المغربي والإسباني، بخصوص الربط بين توتر العلاقات بين البلدين، وبين تدفق آلاف المهاجرين على السياج الحدودي لمدينة سبتة المحتلة، وصفت السفيرة بنيعيش استدعاءها من طرف وزارة الخارجية الإسبانية بأنه "سريع وغير عادي"، قبل أن تطلبها الحكومة المغربية لإجراء مشاورات.
وتسبب تدفق آلاف المهاجرين إلى سبتة، في رفع حالة التأهب لدى الجانب الإسباني، بحيث نشرت مدريد الآلاف من قواتها في المدينة المحتلة، وعند بوابتها الرئيسية، مما انتهى بإعادة عدد كبير من المهاجرين، تزامنا مع زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز إلى سبتة، فيما اعتبرت المفوضية الأوروبية الأمر "مقلقا"، خصوصا وأن الحدود المغربية الإسبانية، هي في الوقت نفسه حدود مغربية أوروبية.
وكان سانشيز، قد أعلن بأن أساس العلاقات بين بلاده والمملكة المغربية "هو الاحترام وحسن الجوار"، معتبرا أن "المغرب بلد شريك وصديق لإسبانيا، وهكذا يجب أن يستمر"، ومعربا عن رغبته في "زيادة تعزيز علاقتنا وتقوية الصداقة مع جيراننا المغاربة".
الهجرة والعلاج بالصدمة
ويقول الباحث المختص في العلاقات المغربية الإسبانية، محمد الروين، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "العقل السياسي الإسباني قد صُدم بما حصل"، مشيرا إلى أن "القادة السياسيين في إسبانيا لم يكونوا يتوقعون أن يصل سقف الأزمة في العلاقات بين البلدين إلى هذا الحد".
وأضاف أن "من مؤشرات تلك الصدمة اعتبار وزيرة الخارجية الإسبانية كون ما حصل مقلق، ودعوتها إلى عودة المياه إلى مجاريها"، مضيفا أن "كل الأحزاب اليمينة واليسارية في إسبانيا متفقة على أن الهجرة مشكل حقيقي ينبغي حله".
وأشار الروين إلى أنه "بالرغم من قلق إسبانيا من الهجرة، فإنها بحاجة إلى المهاجرين"، مستحضرا أن "وزير الأمن الاجتماعي والهجرة قد أكد على أن إسبانيا ستجد مشكلة في دفع رواتب المتقاعدين بحلول العام 2025، ما يجعل الحاجة ملحة إلى المهاجرين لملء صناديق الضمان الاجتماعي".
نظرة استعمارية
ومن جهته أوضح الباحث في شؤون الهجرة، محمد حلليون، أن "العلاقات بين المغرب وإسبانيا تتعرض من حين لآخر لهزات وتقلبات تكون نتيجة لبعض المواقف والممارسات السياسية للمسؤولين الإسبان الذين ينظرون للمغرب بتلك النظرة الاستعمارية التي مازالت تهيمن على انطباعاتهم كلما تعلق الأمر بالمغرب أو دولة من دول الجنوب".
وأضاف، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "وجود خلافات عميقة بين الدولتين حول قضايا شائكة مثل مشكلة الحدود والهجرة غير النظامية ومشكلة الثغرين المحتلين ومشكل التهريب الذي ينشط على نقط العبور من هاتين المدينتين، دفع الحكومة المغربية دائما إلى دعوة نظيرتها الإسبانية لمعالجة هذه القضايا وإيجاد الحلول المناسبة، لتستمر إسبانيا في الصمت ما دامت تنعم بالأمن الذي يسهر المغرب على ضمانه لها ولأوروبا دون مقابل".
وأكد حلليون أن "تنامي تدفقات المهاجرين من المغرب من الأسباب التي تخلق أزمات سياسية بين البلدين"، معتبرا أن "العلاقات بين البلدين قد ساءت كثيرا خلال السنتين الأخيرتين، خصوصا بعد قرارات إغلاق نقط العبور في الثغرين المحتلين، التي اتخذها الجانب الإسباني، إضافة إلى التوجهات السياسية المعادية للوحدة الترابية بعد الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على صحرائه، واستقبال الانفصالي غالي بوثائق هوية مزورة".
تطور مقلق
وبدوره أكد الباحث الاستراتيجي، عبدالله الرامي، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية، أن "تدفق آلاف المهاجرين نحو سبتة المحتلة، بينهم نساء وأطفال، أمر يثير القلق حيال أشكال التعبئة التي قد تشهدها الظاهرة".
ونبه الرامي إلى "خطورة مشكلة الهجرة ليس بالنسبة لإسبانيا فقط، وإنما بالنسبة للاتحاد الأوروبي بأكمله".
واعتبر "ما حدث يوم الاثنين حدثا غير مسبوق يدق ناقوس خطر حقيقي"، في إشارة منه إلى "ثقل المشكلة إذا انضافت إلى سجل الخلافات المغربية الإسبانية".