سبتة.. مدينة في قلب "الصراع المرير" بين الرباط ومدريد
17:48 - 18 مايو 2021عاد التوتر ليخيم على العلاقات بين مدريد والرباط، خلال الآونة الأخيرة، وسط خلافات عميقة إزاء عدد من الملفات الشائكة، على رأسها الهجرة والصحراء المغربية.
وطفا هذا التوتر إلى السطح، مؤخرا، مع استضافة إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، على أراضيها، بوثيقة سفر مزورة، من أجل تلقي العلاج، وهو ما أثار حفيظة المغرب.
وفي المقابل، تشكو إسبانيا ما تراها زيادة مهولة في تدفق آلاف المهاجرين على مدينة سبتة، وتنتقد ما تراهُ غضا للطرف من قبل الرباط.
ويوم الثلاثاء، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية، سفيرة المغرب لدى مدريد، كريمة بنيعيش، بعدما عبر آلاف المهاجرين صوب سبتة.
ويعتبر المغرب كلا من سبتة ومليلية، اللتين تخضعان لإدارة إسبانيا، شمالي المملكة، مدينتين محتلتين ولا يعترف بحق إسبانيا فيهما.
ومع زيادة التوتر في سبتة، تعود هذه المدينة الصغيرة إلى الواجهة، بما تجره من تاريخ معقد ومتشعب يعود إلى عدة قرون.
قرون من الصراع
عندما خضع المغرب للحماية الفرنسية والاستعمار الإسباني، كان ذلك في النصف الأول من القرن العشرين، لكن الوجود الإسباني في مدينة سبتة يختلفُ تماما، لأنه يعود إلى عام 1668.
وبدأت هذا التشعب، في سنة 1415 تحديدا، عندما سقطت مدينة سبتة في قبضة البرتغال.
وفي سنة 1580 للميلاد، قامت إسبانيا بضم البرتغال إلى أراضيها.
وعندما أعلنت البرتغال استقلالها عن إسبانيا، فضلت ساكنة مدينة سبتة أن تبقى تحت سيادة مدريد.
وفي سنة 1694، قام السلطان المغربي، مولاي إسماعيل، بحصار مدينة سبتة، لأكثر من شهر، دون أن يتمكن من استعادة هذا الجيب.
وبموجب مرسوم ملكي إسباني، استقلت سبتة عن مقاطعة قادس في 1925، ثم أصبحت تتمتع بحكم ذاتي بدءًا من 1995.
نزاع مستمر
ورغم هذا الخلاف حول مدينتي سبتي ومليلية، حرصت مدريد والرباط على طي الصفحة بشكل مؤقت، من أجل التركيز على تقوية العلاقات بين البلدين.
ويقول متابعون إن المغرب يضع قضية الصحراء الشاسعة، جنوبا، في صدارة الأولويات، لأنها تشكل نسبة مهمة من أراضيها، وعندما يجري حسم هذه القضية، ستثار قضية مليلية وسبتة اللتين يتمسك بهما المغرب.
وهاتان المدينتان اللتان تخضعان لإدارة إسبانيا في المغرب، وتعتبرهما الرباط منطقتين محتلتين، تصلان إلى مساحة قدرها 33 كيلومتر مربع، تتوزع بين 19 كيلومترا لسبتة و12.3 كيلومترا لمليلية.
لكن هذا "الهدوء الحذر" بين الرباط ومدريد، طالما تأثر بتعاقب الحكومات وتغير أحزاب السلطة في إسبانيا، فكانت العلاقة تسوء حينا وتتقوى حينا آخر.
ومن متانة التعاون بين مدريد والرباط، أن إسبانيا أصبحت أول شريك تجاري للمغرب، في سنة 2012، متقدمة بذلك على الحليف الفرنسي التقليدي للرباط.
فضلا عن ذلك، يشكل المغرب شريكا وثيقا لإسبانيا في التعاون الأمني ومكافحة الهجرة غير النظامية، ودأب البلدان على عقد اجتماعات دورية لأجل تعزيز العلاقات.
واقع جديد
في ديسمبر 2019، أغلق المغرب، المعبرين التجاريين مع مدينتي سبتة ومليلية، بعدما كانا بمثابة منفذ لدخول السلع المهربة، وهو أمرٌ يقول المغرب إنه يضر بالاقتصاد المحلي.
وشكل القرار المغربي ما وُصف بـ"الضربة الموجعة" للمدينتين الخاضعتين لإسبانيا، لأنهما كانتا تعتمدان على نشاط التهريب صوب المغرب، وهو ما لم يعد قائما.
لكن القرار كانت له تبعاتٌ أيضا في المدن المحاذية لسبتة، حيث كان كثيرون يعتمدون على إخراج السلع المهربة من أجل كسب قوت يومهم.
في غضون ذلك، أكدت السلطات المغربية تحركها من أجل إيجاد بدائل اقتصادية لمن تضرروا عقب إغلاق المعبرين التجاريين مع كل من سبتة ومليلية.