أوائل الثانوية العامة بمصر.. حكاية 3 طلبة قهروا أصعب ظروف
21:22 - 04 أغسطس 2020وسط أفراد أسرته جلس الطالب، أحمد السيد، مشدوهًا تجاه التلفزيون، يتابع مؤتمر وزارة التربية والتعليم المصرية، للإعلان عن أوائل الثانوية العامة. يرتجف قلب الشاب قلقا، يتلهف لسماع النتيجة التي طال انتظارها، حتى جاء اسمه ليكتشف أنه الأول على مصر.
وعمت الفرحة في أنحاء قرية السيد الصغيرة بمحافظة بني سويف بصعيد مصر.
يقول السيد في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": "لم أتمالك نفسي، حملت والدي من شدة السعادة وانطلقت به في أنحاء البيت، فهو صاحب الفضل في نجاحي دائمًا".
كان وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بمصر، الدكتور طارق شوقي، قد اعتمد صباح الثلاثاء، نتيجة شهادة الثانوية العامة للعام الدراسي 2019/2020.
وأكد شوقي في مؤتمر صحفي أُذيع على التلفزيون المصري، أن عدد الطلاب الأوائل في جميع الشُعب الدراسية، التي تشمل: علمي علوم، وعلمي رياضيات، وأدبي، وصل إلى 43 طالبا وطالبة.
تضحيات لابد منها
منذ إعلان النتائج، توافد على بيت السيد العشرات من الأهالي والجيران مهنئين، يستقبلهم الشاب النابغة، بينما يؤكد لموقع "سكاي نيوز عربية" إن وصوله إلى تلك المكانة كلفه الكثير من الجهد والتضحيات.
يقول السيد: "الثانوية العامة تحتاج إلى التفرغ التام، لا مساحة للعب أو الراحة، المذاكرة هي الشاغل الأول، حيث كنت أقضي 15 ساعة يوميًا بين الكتب والمراجع".
تحدي صعب
وعن الصعوبات التي واجهته خلال تجربة "الثانوية العامة" يقول أحمد السيد: "تفشي فيروس (كورونا) كان تحديًا صعبًا خاصة بعد توقف الدراسية، المذاكرة في تلك الظروف أمر شديد التعقيد".
كان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قد وجه في منتصف مارس الماضي، بتعليق الدراسة في المدارس والجامعات خلال خطة الدولة للتعامل مع تداعيات انتشار فيروس "كورونا" المستجد.
لم يرّ الطالب المجتهد الشارع لنحو 4 أشهر. قضى معظم الوقت داخل غرفته؛ فيمر اليوم في المذاكرة وساعات قليلة من النوم، بينما يرافقه والده في الامتحانات، ينتظره أمام اللجنة لعدة ساعات ويصطحبه إلى البيت خوفًا عليه من الاختلاط والتقاط عدوى كورونا.
طبيب غلابة جديد
ينوي الطالب المجتهد الالتحاق بكلية طب بشري، جامعة بني سويف، كما يؤكد لموقع "سكاي نيوز عربية" موضحًا رغبته في مساعدة البسطاء، على غرار ما فعل الدكتور الراحل محمد مشالي المعروف بـ"طبيب الغلابة".
لم تتمكن تسنيم محمد من محافظة أسيوط جنوبي مصر، من التعرف على الدرجات التي حصلت عليها، من أصوات الزغاريد التي علت في أنحاء البيت، بعد ذكر اسمها على لسان وزير التربية والتعليم ضمن أوائل الثانوية العامة.
مفاجأة جميلة تلقتها الطالبة الصعيدية بعد شهور من الاجتهاد، يحتضنها أفراد أسرتها، يبكي الأب، تضمها الأم أكثر، لا يتوقف رنين الهاتف من ذويها احتفالا بها.
تتحدث تسنيم إلى موقع "سكاي نيوز" عربية قائلة: "حصلت على المركز الأول مُكرر عن الشعبة العلمية علوم، وهو حلم طالما راودني خلال السنوات الماضية".
معسكر مغلق
تؤكد تسنيم أنها عاشت ما يشبه بالمعسكر المُغلق خلال أزمة كورونا، حيث قاطعت وسائل التواصل الاجتماعي حتى لا تتعرض لأخبار الفيروس المُنتشر، فضلًا عن نقلها إلى شقة مجاورة لبيت العائلة من أجل الحفاظ على تركيزها.
وبعدما توقفت عن الذهاب إلى المدرسة وما تبع ذلك من انقطاع عن الأستاذة والطلبة في المواد التي تدرسها، اعتمدت تسنيم على ما تقدمه وزارة التربية والتعليم من خلال قنوات متخصصة على موقع "يوتيوب".
كانت وزارة التربية والتعليم المصرية، قد أطلقت في يونيو الماضي منصة البث المباشر لمراجعة مناهج طلاب الثانوية العامة، من خلال فيديوهات قصيرة يقدمها معلمين متخصصين وأصحاب خبرات في الوزارة.
جدل وتشتيت
ولم تهتم تسنيم بالجدل الدائر قبل امتحانات الثانوية العامة عن إمكانية التأجيل أو الإلغاء، حيث رفض وزير التربية والتعليم هذا الأمر مشددا على أنه قرار سيادي للدولة.
وجرت الامتحانات وسط إجراءات وقائية اتخذتها الوزارة لتأمين الطلاب، من بينها تعقيم اللجان الامتحانية، وتحديد 14 طالبا فقط داخل كل لجنة، والالتزام بمسافة لا تقل عن مترين بين كل طالب وآخر، وتوفير كمامات فضلًا عن وسائل تعقيم للطلاب والمعلمين والعاملين بالمدارس.
تُشير تسنيم في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية" أن تلك القرارات ساهمت في عبور فترة الامتحانات دون أزمات، موضحة التزامها التام بإجراءات الوقاية خلال خضوعها للامتحانات من ارتداء الكمامة والتباعد وغيرها.
دُفعة استثنائية
في القاهرة، فرحة مماثلة عاشتها الطالبة، حبيبة محمود، بعد اقتناصها المركز الثاني مكرر في الشعبة الأدبية، عبرت عنها بالبكاء لعدم تصديقها النجاح وسط أجواء غير اعتيادية.
تعتقد الطالبة المتفوقة أنها تنتمي إلى دفعة استثنائية، عانى الطلاب فيها من ضغوط نفسية واسعة، توضح قائلة:"لم يكن هناك مساحة للحصول على استراحة أو الترفيه عن النفس بسبب التباعد الاجتماعي وحظر التجول".
قبل بدء الامتحانات في نهاية يونيو الماضي، شعرت حبيبة بالإنهاك، نتيجة للضغوط المتزايدة غير أن أسرتها ساهمت في التخفيف عنها، وإتاحة الفُرصة لالتقاط الأنفاس بمشاهدة فيلم أو عدم الإلحاح عليها بالمذاكرة.
في المقابل، دفعها ذلك إلى مزيد من الاجتهاد وتحصيل الدروس على المنصة الخاصة بوزارة التربية والتعليم، والدخول إلى الامتحانات بأعصاب هادئة، لتحصد ذلك من خلال تواجدها ضمن أوائل الثانوية العامة.