الاحتجاجات في العراق ولبنان تهدد نفوذ إيران.. وميليشياتها
21:11 - 30 أكتوبر 2019بعد يوم على اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق، مطلع أكتوبر الجاري، توجه الجنرال الإيراني، قاسم سليماني، جوا إلى بغداد في وقت متأخر من الليل.
واستقل سليماني طائرة مروحية من أجل الوصول إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط العاصمة العراقية، حيث فاجأ مجموعة من كبار مسؤولي الأمن بترأسه اجتماعا ليحل محل رئيس الوزراء، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس"، الأربعاء.
ويظهر وصول سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني والمسؤول عن ميليشياتها في المنطقة، قلق طهران بشأن الاحتجاجات، التي صدحت فيها حناجر المشاركين منددة بتدخلات إيران.
"إيران بره بره"
وفي بغداد، أحرق المحتجون العلم الإيراني، حيث تجمعوا قبل أيام خارج القنصلية الإيرانية في كربلاء، وهتفوا "إيران بره، بره!".
وفي بيروت، كان الهتاف المشترك بين المتظاهرين "كلن يعني كلن"، ويعني كل القوى السياسية، بما في ذلك ميليشيات حزب الله، وهتفوا ضد أمينها العام، حسن نصر الله، بعدما تبنى بقاء الحكومة التي طالب كثير من اللبنانيين برحيلها.
وتشكل الاحتجاجات، التي خرجت أساسا ضد الفساد وفشل النخبة الحاكمة في هذين البلدين، تحديا لإيران التي تدعم عن كثب كلتا الحكومتين والميليشيات المسلحة.
وأثارت حملة القمع العنيفة المتزايدة في العراق اعتداء أنصار ميليشيات حزب الله على المحتجين في بيروت وحرق خيمهم، الثلاثاء، مخاوف من رد الفعل العنيف من جانب إيران والميليشيات الموالية لها.
وقال سليماني لمسؤولين عراقيين "نحن في إيران نعرف كيفية التعامل مع الاحتجاجات"، وفقا لمسؤولين اثنين كبار مطلعين على الاجتماع تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما كونهما يتحدثان عن فحوى اجتماع سري.
وأضاف سليماني "لقد حدث هذا في إيران وسيطرنا عليه."
لكن بعد مرور نحو شهر تقريبا، تجددت الاحتجاجات في العراق وتواصلت التظاهرات في لبنان، وكلا الاحتجاجات كانت موجهة ضد الحكومتين والفصائل المتحالفة مع طهران.
وفي اليوم الذي تلا زيارة سليماني، أصبحت الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في العراق أكثر عنفاً بكثير، حيث ارتفع عدد القتلى إلى مائة بعد أن أطلق قناصة مجهولون النار على المتظاهرين في الرأس والصدر.
وقتل أكثر 150 محتجا في أقل من أسبوع خلال تجدد الاحتجاجات هذا الأسبوع، وقف رجال يرتدون ملابس مدنية وأقنعة سوداء أمام الجنود العراقيين في مواجهة المتظاهرين وقاموا بإطلاق الغاز المسيل للدموع. قال السكان إنهم لا يعرفون من هم، مع توقع البعض أنهم إيرانيون.
طهران تخشى الخسارة
وقال هشام الهاشمي، المحلل الأمني العراقي "إن إيران تخشى هذه المظاهرات لأنها حققت أكبر المكاسب في الحكومة والبرلمان من خلال الأحزاب القريبة منها" منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003.
وأضاف "إيران لا تريد أن تفقد هذه المكاسب، لذا فقد حاولت العمل من خلال أحزابها لاحتواء الاحتجاجات بطريقة إيرانية للغاية".
وتجدد الاحتجاجات في العراق الجمعة بعد توقف قصير، حيث تجمع المحتجون في ساحة التحرير ببغداد واشتبكوا مع قوات الأمن أثناء محاولتهم اختراق الحواجز المقامة على جسر يؤدي إلى المنطقة الخضراء، حيث مقر الحكومة والعديد من السفارات الأجنبية.
وفي جنوب العراق، هاجم المتظاهرون مكاتب الأحزاب السياسية والميليشيات التي تدعمها إيران وأحرقوها.
ويشكو العراقيون الفقراء، في بلد يعد ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، من بناء الميليشيات القوية المرتبطة بإيران إمبراطوريات اقتصادية، والسيطرة على مشاريع إعادة الإعمار الحكومية والدخول في أنشطة تجارية غير مشروعة.
وقال علي العراقي، وهو محتج يبلغ من العمر 35 عامًا بلدة الناصرية جنوب العراق "جميع الأحزاب والفصائل فاسدة، وهذه الفصائل مرتبطة لإيران، لأنها تستخدمها لمحاولة تصدير نظام حكمها الديني إلى العراق."
وأضاف "العراقيون يرفضون هذا، وربما كان ذلك هو السبب في قيام انتفاضة ضد إيران."
وقال أيهم كامل، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة أوراسيا: "الاحتجاجات في كل من العراق ولبنان تتعلق بالأساس بالسياسات المحلية وطبقة سياسية فاسدة فشلت في تنفيذها."
فشل نموذج وكيل إيران
وأضاف كامل إن الاحتجاجات "تظهر فشل نموذج الوكيل حيث تستطيع إيران توسيع نفوذها لكن حلفاءها غير قادرين على الحكم بنجاح."
والتزمت إيران الصمت إلى حد كبير بشأن الاحتجاجات، بينما عبرت عن دعمها لكلتا الحكومتين، وكذلك لميليشيات حزب الله.
وأعرب عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية عن "أسف طهران العميق" لمقتل عشرات المحتجين في العراق.
وقال "نحن واثقون من قدرة الحكومة العراقية والأمة ورجال الدين على التغلب على هذه المشكلات".