بريطانيا.. ماذا تعني زيادة الإنفاق الدفاعي بالنسبة للاقتصاد؟
13:14 - 03 مايو 2024تعهد رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، أخيراً برفع الإنفاق الدفاعي في المملكة المتحدة إلى 2.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العقد الجاري، وقال إن حلفاء بريطانيا الأوروبيين "يجب أن يحذوا حذوها؛ لأن العالم في أخطر حالاته منذ نهاية الحرب الباردة".
ويشير هذا التعهد إلى ارتفاع الإنفاق الدفاعي تدريجياً من 2.32 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5 بالمئة بحلول عام 2030، وهو أعلى بكثير من هدف الإنفاق الدفاعي لحلف شمال الأطلسي البالغ 2 بالمئة، بحسب تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.
وقال سوناك، الأسبوع الماضي، إن بلاده "ليست على شفا الحرب"، لكن ذلك (زيادة الإنفاق الدفاعي) يعد إجراءً احترازياً "معقولاً".
وكان حزب العمال المعارض، الذي يتصدر استطلاعات الرأي قبل الانتخابات العامة المقبلة، قد تعهد برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي "بمجرد أن تسمح الموارد بذلك".
وقال وزير دفاع حكومة الظل العمالية، جون هيلي:
- "يريد حزب العمال خطة ممولة بالكامل للوصول إلى هدف 2.5 بالمئة، لكن المحافظين أظهروا مراراً وتكراراً أنه لا يمكن الوثوق بهم في مجال الدفاع (..)".
- حكومة حزب العمال ستجري مراجعة استراتيجية للدفاع والأمن في عامها الأول.. "الجمهور البريطاني سيحكم على الوزراء من خلال ما يفعلونه، وليس من خلال ما يقولونه".
وواجه سوناك عديداً من المطالب من بعض نواب حزبه المحافظين، بما في ذلك وزير الدفاع غرانت شابس، لزيادة الإنفاق العسكري لمواجهة "التهديد الروسي".
وقال رئيس الوزراء البريطاني إن تلك "الزيادة الموعودة في الإنفاق" على الرغم من القيود الشديدة على المالية العامة "أكبر تعزيز لدفاعنا الوطني منذ جيل".
انعكاسات "سلبية" على الاقتصاد!
من لندن، يقول خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن إعلان رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك عن رفع الإنفاق الدفاعي والعسكري بواقع 2.5 بالمئة بحلول 2030 لا يعني أن "الاقتصاد بحالة ممتازة".
وأضاف إسماعيل: المديونية الحكومية في نهاية مارس الماضي بلغت 98.3 بالمئة من حجم الاقتصاد، بينما كانت تبلغ 95.7 بالمئة بنهاية مارس 2023.
يأتي ذلك أيضاً في خطٍ متوازٍ مع كلفة الدعم البريطاني لأوكرانيا في مواجهة روسيا، في الحرب المستمرة منذ الرابع والعشرين من شهر فبراير من العام 2022، وهي الكلفة التي تضيف أعباءً على الاقتصاد البريطاني الذي يصفه إسماعيل بأنه بالفعل ليس بوضعية جيدة.
رفع سوناك المساعدات العسكرية البريطانية لأوكرانيا إلى 3 مليارات جنيه إسترليني للسنة المالية الحالية، قائلاً إن هذا سيكون الحد الأدنى السنوي للمنح المستقبلية لكييف إذا استمرت حربها مع روسيا.
وما يؤكد تلك الوضعية الاقتصادية ذات الصلة، كانت لجنة الحسابات العامة بالبرلمان البريطاني، قد حذرت الشهر الماضي من أن وزارة الدفاع لديها فجوة قدرها 17 مليار جنيه استرليني في خططها لتجهيز الجيش على مدى السنوات العشر المقبلة.
من جانبه، شدد الرئيس التنفيذي في مركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، على أن تعهد رئيس الوزراء البريطاني بزيادة الإنفاق الدفاعي يعد بالنسبة لاقتصاد المملكة المتحدة "أمراً سلبياً".
وأكد الرفاعي أن زيادة الإنفاق من شأنها رفع معدلات الدين العام للحكومة البريطانية وفي نفس الوقت سنرى ارتفاعًا محلوظًا في نسبة التضخم في هذه الدولة الأوروبية المهمة.
ويشار في هذا السياق، إلى أن وزارة الخزانة اقترضت 120.7 مليار جنيه إسترليني (152.5 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في مارس 2024، بانخفاض 7.6 مليار جنيه إسترليني عن العام السابق، وفقًا للتقديرات المؤقتة من مكتب الإحصاءات الوطنية . ومع ذلك، فإن الرقم يزيد بمقدار 6.6 مليار جنيه إسترليني عن توقعات مكتب مسؤولية الميزانية (OBR) قبل شهر واحد فقط.
وبشكل عام، بلغ الدين الحكومي حوالي 98.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للمملكة المتحدة في مارس، بزيادة 2.6 نقطة مئوية عن العام السابق وبمستويات لم تشهدها منذ أوائل الستينيات.
مصارف الإنفاق الإضافي
وبالعودة لتقرير الصحيفة البريطانية، فقد سلط الضوء على تصريحات وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، الذي شدد على أن الإنفاق الإضافي سيتم استخدامه للتركيز على القدرات المهمة ذات التقنية العالية (…).
ويعني هذا الالتزام ارتفاع الإنفاق الدفاعي في المملكة المتحدة من 64.6 مليار جنيه إسترليني هذا العام إلى 78.2 مليار جنيه إسترليني بحلول 2028-2029، مع ارتفاع حاد إلى 87 مليار جنيه إسترليني بحلول 2030-2031، وعند هذه النقطة تتحقق نسبة 2.5 بالمئة.
وقال مسؤولون إن الإنفاق الدفاعي كان سيقترب من 80 مليار جنيه استرليني - أي أقل بنحو 7 مليارات جنيه استرليني - إذا تم الإبقاء عليه عند نسبة 2.3 بالمئة الحالية من الناتج المحلي الإجمالي.
نسبة العجز
من لندن أيضاً، قال الخبير الاقتصادي، أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن هناك مطالب ملحة في بريطانيا لاستراتيجية دفاعية محدّثة، وذلك بالتزامن مع معاناة وزارة الدفاع البريطانية من عجز واسع في الميزانية (..).
وأضاف القاسم: هناك تدهور ملحوظ بالنسبة للوضع المالي منذ خطة العام الماضي، خصوصاً وأن وزارة الدفاع أقرت أن خطتها للمعدات للفترة من 2023 حتى 2033 لا يمكن تحمل تكاليفها مع تجاوز التكاليف المتوقعة للميزانية الحالية بنحو 17 مليار جنيه إسترليني.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن التكاليف الدفاعية بلغت 305.5 مليار جنيه إسترليني بينما قيمة الميزانية 288.6 مليار جنيه إسترليني (..).
وفي ديسمبر الماضي، قالت هيئة مراقبة الإنفاق العام البريطانية، إن القوات المسلحة البريطانية تواجه عجزا في تمويل المعدات يبلغ 17 مليار جنيه إسترليني (21.6 مليار دولار) على مدى العقد المقبل وهو ما يثير قلق مسؤولي الدفاع في ظل تصاعد المخاطر الجيوسياسية.
وقدر مكتب التدقيق الوطني تكلفة ميزانية الأسلحة والمعدات الجديدة بمبلغ 305.5 مليار جنيه إسترليني للفترة من عام 2023 إلى عام 2033 بزيادة تقدر بحوالي 16.9 مليار جنيه إسترليني عن الميزانية المحددة وهو أكبر عجز منذ تقديم أول تقرير له في عام 2012. وأفاد المكتب بأن ارتفاع التكاليف بشكل كبير في برامج الطاقة النووية والبحرية في ظل جهود بريطانيا على تطوير رادع نووي بديل أدى إلى زيادة الميزانية المستقبلية ما ترتب على ذلك "تدهور ملحوظ" في الوضع المالي لوزارة الدفاع.