كيف يؤثر ارتفاع الفائدة على خطط الطاقة الخضراء في بريطانيا؟
12:28 - 28 أبريل 2024حذر أحد مراكز الأبحاث الرائدة من أن التحول الدائم إلى أسعار الفائدة الأعلى يمكن أن يضيف مليارات الجنيهات الاسترلينية إلى تحول الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة.
وارتفعت تكاليف الاقتراض منذ تخفيف عمليات الإغلاق بسبب وباء كورونا ثم الحرب في أوكرانيا، بعد أن قامت البنوك المركزية الرائدة في العالم برفع أسعار الفائدة لمعالجة التضخم، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاستثمار في البنية التحتية عبر الاقتصادات المتقدمة، بما في ذلك خطط توليد الطاقة الخضراء، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية أخيراً.
- بحسب Resolution Foundation فإنه يمكن بالتالي إضافة 29 مليار جنيه إسترليني سنوياً إلى فواتير الطاقة المنزلية في العام 2050 في سيناريو حيث تستمر أسعار الفائدة عند المستويات المرتفعة الحالية، مقارنة بالوضع الذي تعود فيه تكاليف الاقتراض إلى مستويات ما قبل الوباء.
- ومع ذلك، قالت إن التحول الأخضر سيظل يوفر للمستهلكين مليارات الجنيهات مقارنة بتكاليف الطاقة المرتفعة الحالية، وإن إبطاء وتيرة التحول ليس خيارا.
- مركز الأبحاث شدد على أن زيادة الاستثمار في قطاع الطاقة في المملكة المتحدة بمقدار أربعة أضعاف كانت مطلوبة لتوفير الخطوة التالية الحاسمة في إزالة الكربون من الاقتصاد البريطاني، وكانت هناك حاجة إلى خطة لتمويل هذا الاستثمار في حالة بقاء أسعار الفائدة عند المستويات المرتفعة الحالية.
يأتي هذا التقرير وسط معارضة للسياسات الخضراء من قبل السياسيين اليمينيين الذين يقولون إن تكاليف الوصول إلى صافي الصفر مرتفعة للغاية.
ضغوط على الميزانية
في هذا الصدد، أكد المستشار في شؤون الطاقة، مصطفى البزركان، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن هناك أكثر من عامل يؤثر على مسار التحول نحو الطاقة الخضراء في المملكة المتحدة، من ضمن تلك العوامل استمرار الفائدة المرتفعة التي تزيد من الضغوط على الميزانية والمديونية العامة.
وشدد على أن الفائدة المرتفعة تجعل تكاليف التحول عالية، وكذلك الشركات التي تتأثر نشاطاتها بارتفاع الفائدة، مشيراً إلى أن كل الأمور مرهونة بمستويات التضخم إلى جانب أسعار النفط، ومن ثم ارتفاع تكاليف الانتقال نحو الطاقة الخضراء من جانب آخر.
وأوضح أن ميزانية المملكة المتحدة تعرضت لعديد من الضغوط خلال السنوات الأخيرة، بعد خسائر جائحة كورونا وخسائر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي إضافة إلى المشاركة المالية في دعم أوكرانيا بما وضع ضغوطا على الميزانية.
وتوقع المستشار في شؤون الطاقة، عرقلة مسار التحول نحو الطاقة الخضراء بالمملكة المتحدة، وتأجيل بعض مشروعات طاقة الرياح وصناعة السيارات الكهربائية، والاعتماد على صناعة السيارات الهجينة، مشيراً إلى إجراء انتخابات عامة في هذا العام من المتوقع أن تشهد خسارة حزب المحافظين للحكومة مما يعني برامج جديدة في ظل سلطة حزب العمال بعد فوزه.
وخفض حزب العمال في وقت سابق من هذا العام خططه للاستثمار الأخضر وسط مخاوف بشأن ارتفاع تكاليف الاقتراض وحملة قام بها المحافظون لاستغلال القدرة على تحمل تكاليفها البالغة 28 مليار جنيه استرليني.
ومع ذلك، قالت المؤسسة إن:
- التحول الأخضر يظل حيويا على الرغم من ارتفاع تكاليف الاستثمار.
- إزالة الكربون من قطاع الطاقة أمر أساسي لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري، كما أنه سيساعد في تقليل اعتماد بريطانيا على إمدادات الوقود الأحفوري المتقلبة، والتي تهدد بتعريض الأسر لصدمات الطاقة العالمية من النوع الذي شهدته بعد الحرب في أوكرانيا.
- "إن الاستجابة عن طريق إيقاف أو إبطاء وتيرة إزالة الكربون في قطاع الطاقة ليست خيارًا".
تراجع حكومي
ومن لندن، قال خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الجدل حول قرار الحكومة بتمييع خطط مكافحة التغير المناخي وتحقيق صفر انبعاثات بحلول 2050 لا يزال محتدما.
وأشار إلى أن لجنة تغير المناخ انتقدت بشدة قرار تمديد الإطار الزمني لحظر بيع السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل من العام 2030 إلى العام 2035 واعتبرته تراجعاً لإحباط مشاريع مكافحة التغير المناخي، والتهرب من التزامات بريطانيا التي تعهدت بها حسب اتفاق باريس.
ووصف تصريحات رئيس الوزراء ريشي سوناك في هذا الشأن بغير المقنعة، وأن الحكومة غير جادة في وعودها والتزاماتها، وأن أمن الطاقة في نظر تلك الحكومة أهم من المناخ والبيئة خاصة بعد أزمات الطاقة بسبب وباء الكوفيد والحرب في أوكرانيا، مردفاً:
- سوناك يصر على أن الحكومة أخذت موقفًا واقعيًا وبراغماتيًا، وأنه يريد حماية العائلات من الأعباء المالية الإضافية، مشيرا لارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وارتفاع التضخم بأسعار فائدة مرتفعة.
- سوناك يقول إنه يسعى لحماية الشعب من أعباء مالية إضافية.
- هناك اتهامات لحزب المحافظين الحاكم بالتلاعب السياسي لكي لا يخسر الانتخابات التي ستجرى خلال هذا العام أي خلال شهور من الآن.
- في نوفمبر وافقت حكومة سوناك على منح رخص جديدة للشركات لأعمال اكتشاف وإنتاج النفط والغاز من بحر الشمال، لكي لا تبقى بريطانيا أسيرة لاستيراد الطاقة الروسية.
وأشار إلى أن أسعار الطاقة العالية كلفت عائلات بريطانيا 29 مليار استرليني أي تقريبا 35 مليار دولار، وأن حزب العمال المعارض خفض وعوده وبرامجه لحماية المناخ والبيئة من 28 مليار إسترليني إلى 15 مليار، وفي المحصلة بريطانيا أعطت للعالم إشارة سلبية عن موقفها الفضفاض والغامض عن التزاماتها وتعهداتها.
صافي الصفر
نظرياً تلتزم الحكومة البريطانية بالوصول إلى صافي الصفر بحلول العام 2050، مع أهداف لإزالة الكربون من قطاع الطاقة بحلول عام 2035، ووعد حزب العمال بالوصول إلى هذا الهدف قبل خمس سنوات.
وحدد التقرير الحديث المشار إليه، والذي حمل عنوان "الأحلام الكهربائية"، سيناريوهين للتكاليف المستقبلية بحلول عام 2050، سيناريو "عالي التكلفة" مع بقاء أسعار الفائدة العالمية عند المستويات الحالية، وبديل "منخفض التكلفة" حيث تعود تكاليف الاقتراض إلى مستويات ما قبل كوفيد.
- مقارنة بفواتير الطاقة في العام 2023، فإن إزالة الكربون من قطاع الطاقة ستظل توفر 14 مليار جنيه إسترليني سنويًا للأسر بحلول العام 2050. ومع ذلك، سيكون من الممكن تحقيق وفورات أكبر تصل إلى 47 مليار جنيه إسترليني سنويًا إذا أسعار الفائدة وعاد إلى المستويات التي شهدها عام 2019.
- ومع ذلك، فبالمقارنة مع مستويات العام 2019 – قبل الارتفاع الكبير في أسواق الطاقة – قالت المؤسسة إن فواتير الأسر ستكون أعلى بمقدار 11 مليار جنيه إسترليني سنويًا بحلول عام 2050 في سيناريو التكلفة العالية.
- إذا انخفضت أسعار الفائدة إلى مستويات مماثلة لعام 2019، فستوفر الأسر 18 مليار جنيه إسترليني سنويًا - بفارق 29 مليار جنيه إسترليني بين السيناريوهين.
ودعا التقرير إلى التركيز على إبقاء الأسعار منخفضة عند توفير استثمارات جديدة، بما في ذلك الدفع نحو تطوير طاقة الرياح البرية - والتي يمكن أن تكون أرخص من البدائل المتجددة الأخرى. وشدد على أن بعض المشاريع يمكن تمويلها من القطاع العام، مثل تحديث شبكة الطاقة، لأن دفع تكاليف الاستثمار عن طريق الضرائب - وليس من خلال فواتير الطاقة - يمكن أن يساعد في توزيع التكاليف بشكل أكثر عدالة بين الأسر الغنية والفقيرة.
كما دعا الحكومة إلى فرض تعريفة اجتماعية للأسر ذات الدخل المنخفض، والتي يمكن أن تساعد في حماية الأسر الفقيرة التي تستخدم الطاقة بشكل كبير على وجه الخصوص.