شغف الصين بالذهب متواصل.. 18 شهرا من الشراء المتوالي
13:07 - 08 مايو 2024أظهرت بيانات رسمية حديثة، أن البنك المركزي الصيني (بنك الشعب) أضاف 60 ألف أونصة من الذهب إلى احتياطياته في أبريل، مما يمدد فترة الشراء المتتالية إلى 18 شهرا على الرغم من القفزات الكبيرة في أسعار الذهب.
ساهم الطلب المتزايد على الملاذ الآمن، مدفوعا بعدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، بالإضافة إلى الشراء المستمر من البنوك المركزية، في ارتفاع أسعار الذهب في الفترة من مارس إلى أبريل، حيث سجلت أسعار الذهب في التعاملات الفورية مستوى قياسيًا عند 2431.29 دولارا للأونصة في 12 أبريل.
وقال إيليا سبيفاك رئيس قطاع الاقتصاد الكلي العالمي في تاستي لايف "أود أن أقول استمروا في مراقبة الصين لأنها ورقة رابحة هنا (في إشارة إلى ارتفاع أسعار المعدن الثمين)".
وأظهرت البيانات أن حيازة الصين من الذهب قد بلغت 72.80 مليون أونصة (حوالي 2264 طن) في نهاية أبريل، ارتفاعا من 72.74 مليون أونصة في الشهر السابق. وارتفعت قيمة احتياطيات الصين من الذهب إلى 167.96 مليار دولار من 161.07 مليار دولار.
ويرتفع الطلب من البنوك المركزية العالمية على الذهب منذ عامين، مما يدعم الأسعار.
ويتوقع مجلس الذهب العالمي أن تقوم البنوك المركزية العالمية بإبطاء المشتريات في عام 2024 مقارنة مع 1037.4 طن التي تم شراؤها العام الماضي، لكنها ستظل أعلى مما كانت عليه قبل عام 2022.
يتوقع مجلس الذهب العالمي أن تقلص البنوك المركزية العالمية مشترياتها في عام 2024 مقارنة بـ 1037.4 طن التي تم شراؤها في العام الماضي.
كان بنك الشعب الصيني أكبر مشتري رسمي للذهب في عام 2023، حيث بلغ صافي مشترياته 7.23 مليون أونصة، أو 224.9 طن متري، وفقًا لمجلس الذهب العالمي، هي أكبر كمية يتم شراؤها في عام واحد على الأقل منذ عام 1977.
من جانبه، قال مازن سلهب، كبير استراتيجي الأسواق – BDSwiss MENA في حديث خاص لسكاي نيوز عربية، "كان واضحاً أن شراء الصين القوي للذهب في العام الماضي مرتبط بتموضع استراتيجي من بنك الشعب الصيني الذي يحاول رفع نسبة الذهب في هذه الاحتياطات، حيث يشكل الذهب فقط 4.3 بالمئة من احتياطات الصين للعملات الأجنبية مع نهاية الربع الأول 2024، بينما تصل هذه النسبة 69 بالمئة في ألمانيا، 26.2 بالمئة في روسيا 33.9 بالمئة لدى البنك المركزي الأوروبي".
وتابع قائلا: "في عملية التوسع الصيني الاقتصادية عالمياً لابد للصين من أن تتخلى عن تأثير الدولار الأميركي وتبتعد بهامش أعلى عن السيطرة الأميركية، أميركا التي تخسر من حصتها السوقية مقابل التوسع الصيني البطيء لكنه مستمر".
وأكد سلهب أن أميركا لا تزال الدولة الأولى في العالم باحتياطات الذهب بأكثر من 8130 طن، مشيرا إلى أن الصين بعيدة نسبياً مع فقط 2264 طن أي أن الصين أمامها طريق طويل للحاق بأميركا وحتى بألمانيا مثلاً 3352 طن، ومقتربة من فرنسا 2437 طن، وروسيا 2330 طن وكذلك إيطاليا 2451 طن.
الصين تلتهم ذهب العالم
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد قالت في تقرير لها صدر حديثا ونقلته سكاي نيوز عربية، أن العديد من الصينين انضموا إلى موجة شراء الذهب من خلال أقساط شهرية فيما يسمى بحبوب الذهب، وهي قطع صغيرة تشبه الحصى.
يُعتبر الذهب عادة استثمارًا آمنًا خلال فترات الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية، وقد ارتفع سعره استجابةً للعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا والحرب في قطاع غزة. لكن ارتفاع سعر الذهب إلى أعلى من 2400 دولار أميركي للأونصة أثبت أنه أكثر مرونة وثباتا بسبب النهم الصيني على المعدن الأصفر.
توجه المستهلكون الصينيون إلى الذهب مع تراجع ثقتهم في الاستثمارات التقليدية مثل العقارات أو الأسهم. في الوقت نفسه، يضيف البنك المركزي الصيني باستمرار إلى احتياطياته من الذهب، بينما يتخلص تدريجيا من حيازاته من سندات الخزانة الأميركية. ويزيد المضاربون الصينيون الذين يراهنون على وجود مجال أكبر للارتفاع من حدة الاهتمام بالذهب.
وفقًا لـ "روس نورمان"، الرئيس التنفيذي لشركة MetalsDaily.com، وهي منصة معلوماتية عن المعادن النفيسة ومقرها لندن، فإن "الصين هي بلا شك المحرك الرئيسي لسعر الذهب". وأضاف: "تحول تدفق الذهب إلى الصين من مجرى ثابت إلى سيل عرم أي شديد الحركة."
ووفقًا لاتحاد الذهب الصيني، فقد ارتفعت عمليات شراء الذهب في البلاد بنسبة 6 بالمئة في الربع الأول مقارنة بالعام السابق. وجاء هذا الارتفاع بعد زيادة بنسبة 9 بالمئة في العام الماضي.
أصبحت الاستثمارات في الذهب أكثر جاذبية مع تراجع أداء الاستثمارات التقليدية. فلا يزال قطاع العقارات الصيني، الذي يُعد وجهة لمدخرات معظم العائلات، يعاني من الأزمة. كما لم تستعد ثقة المستثمرين في سوق الأسهم الصيني بالكامل. وقد انهارت سلسلة من صناديق الاستثمار الكبيرة التي تستهدف الأثرياء بعد رهانات فاشلة على العقارات.
ومع قلة البدائل الجيدة، تدفق المال إلى الصناديق الصينية التي تتداول بالذهب، ولجأ العديد من الشباب إلى جمع الذهب على شكل حبيبات صغيرة الحجم.
الملاذ الآمن
يقول المدير التنفيذي لشركة VI Markets، أحمد معطي، في تصريحات سابقة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:
- الصين وروسيا بشكل خاص تسعيان إلى التخلص من هيمنة الدولار واليورو، والاعتماد على عملتيهما المحلية في التبادل التجاري، لا سيما بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على موسكو.
- الذهب هو الملاذ الآمن لهما ولعديد من الدول وقت الأزمات، كما أنه يعد الآداة السلعية الوحيدة في العالم المتفق عليها في هذا السياق.
- بعض الدول تلجأ لمشتريات الذهب لتجنب فرض أي عقوبات مستقبلية عليها من قبل الولايات المتحدة.. الصين على سبيل المثال لجأت لزيادة الاحتياطي من الذهب بشكل واسع، مع مشتريات الذهب لمدة 17 شهراً متتاليين عززت فيهم احتياطياتها.
- دول الاقتصادات الناشئة مثل "مصر وتركيا" على سبيل المثال، تلجأ لمشتريات الذهب لحماية العملة وتنويع استثماراتهم وتحويل الذهب لأية عملة في حال حدوث أزمات.. ولا يعني هذا التخلي عند الدولار.