ما العوامل التي تدعم ارتفاع أسعار الذهب؟
20:55 - 01 مايو 2024أنهت أسعار الذهب تعاملات شهر أبريل، الثلاثاء، على تراجع عند أدنى مستوى في أسبوع، في خطٍ متوازٍ مع ارتفاع الدولار وعوائد سندات الخزانة الأميركية، لكنّها سجلت ارتفاعاً شهرياً هو الثالث على التوالي، بدعمٍ من الطلب القوي على المعدن النفيس كملاذ آمن، ومشتريات البنوك المركزية.
وخلال شهر أبريل بلغت مكاسب أسعار الذهب نحو 3 بالمئة، وذلك بعد أن سجلت مستوى قياسياً مرتفعاً عند 2431.29 دولار في وقت سابق من الشهر نفسه، قبل أن تقلص من مكاسبها لاحقاً.
ورفع بنك غولدمان ساكس، توقعاته لأسعار الذهب نهاية العام الجاري إلى 2700 دولار للأونصة، فيما كانت توقعاتُه السابقة تحوم حول مستويات الــ 2300 دولار للأونصة.. فما هي أبرز المستويات التي تنتظر المعدن الأصفر خلال العام الجاري في ضوء تلك المعطيات؟
اتجاهات الذهب
كبير محللي الأسواق في XTB MENA هاني أبو عاقلة، يشير في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى تحقيق الذهب مكاسب للشهر الثالث على التوالي، موضحاً أنه من المتوقع أن يشهد المعدن الأصفر هدوءاً (استقراراً) خلال شهر مايو، قبل أن يعاود الصعود مرة أخرى.
ويشدد على أن أسعار الذهب تأثرت في الفترة الماضية بشكل واضح بالتوترات الجيوسياسية، وأن الصعود الأخير من 2200 دولار للأونصة إلى 2430 كان بسبب تلك التوترات التي كانت من الممكن أن تقود المنطقة إلى غليان أكثر من ذلك.
وبالنسبة لأسعار الذهب على المدى القصير، يتوقع كبير محللي الأسواق في XTB MENA مستويات 2240 دولاراً للأونصة، ثم احتمالية الصعود لمستويات أعلى، قريبة إلى 2500 دولار للأونصة.
أما على المدى البعيد، فيوضح أن الذهب مرشح إلى أن يصل لمستويات 2700 و3000 دولار للأونصة، مؤكداً على أن مستوى 2000 دولار "أصبح خلفنا، ولن يعود الذهب مرة أخرى إلى هذه المستويات على المدى الطويل".
ويستعرض في السياق ذاته أبرز العوامل التي من المتوقع أن يكون لها تأثير في تحرك سعر الذهب خلال الفترة المقبلة، من بينها زيادة تحوط الأسواق، ويشير في هذا السياق أيضاً إلى العامل المساعد الكبير في هذا السياق المرتبط بمشتريات البنوك المركزية -منها الصين على سبيل المثال التي عززت مشترياتها للشهر الـ 17 على التوالي-ومواصلة عمليات الشراء المكثفة من البنوك المركزية بشكل عام إلى 11 شهراً متتالياً (صافي شراء). ويتوقع أن تكون هذه السنة تاريخية لعمليات شراء البنوك المركزية.
ومن العوامل التي يلفت أبو عاقلة إليها أيضاً ما يتعلق بالطلب العيني من الأفراد، موضحاً أن "عدم تأثر الذهب بالدولار إلى حد ما وصعوده بشكل واضح بسبب الطلب القوي على الذهب العيني من الأفراد، فعلى سبيل المثال هناك عمليات شراء وتحوط كبيرة بشراء الذهب في الصين من الأفراد بسبب هبوط اقتصاد بلادهم".
مشتريات الصين
تشير البيانات الصادرة عن بنك الشعب الصيني، إلى أن البلاد عززت في شهر مارس الماضي احتياطياتها من المعدن النفيس للشهر الـ 17 على التوالي، في موجة شراء طويلة، أسهمت بدورها بشكل أو بآخر في ارتفاعات المعدن النفيس وبلوغه مستويات قياسية أخيراً.
طبقاً للبيانات، فقد نما إجمالي السبائك لدى بنك الشعب الصيني إلى 72.74 مليون أونصة بنهاية شهر مارس الماضي، بزيادة بنحو 0.2 بالمئة، وبما يعد أقل زيادة في سلسلة عمليات الشراء الشهرية التي بدأت في نوفمبر 2022.
ومن جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن أسعار الذهب ارتفعت بنحو 12 بالمئة منذ بداية العام الجاري؛ بناء على عدة عوامل، وأبرزها:
- أغلب البنوك المركزية وعلى رأسها في دول مثل الهند والصين وكازاخستان وتركيا ومصر، أقدمت على شراء كميات كبيرة من الذهب خلال آخر سبعة أشهر.
- الصينيون كأفراد أيضاً أقبلوا على شراء الذهب للتحوط به، نظراً لعدم الاستقرار الاقتصادي في بلادهم، إذ تعاني بكين من هبوط الأسهم وانهيار في قطاع العقارات، ما جعلهم يتجهون للتحوط بالذهب، وهو اتجاه الأفراد في معظم الدول التي تعاني نفس المشكلات.
- التطورات الجيوسياسية ما بين استمرار الحرب في أوكرانيا، علاوة على الحرب بين إسرائيل وحماس، وهو ما جعل من الذهب ملاذاً آمناً.
- هناك عوامل ضاغطة أخرى، فالذهب لديه حساسية تجاه الفوائد المرتفعة، وهناك توقعات بأن يترك الفيدرالي الأميركي الفائدة مرتفعة لمدى طويل لنهاية 2024 بما يؤثر على الذهب.
وقلص التجار رهاناتهم على تخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية هذا العام بسبب البيانات الاقتصادية الأميركية الأخيرة التي جاءت أكثر سخونة من المتوقع والتضخم الثابت.
ويؤكد أنه في حال انخفاض حدة التوترات الجيوسياسية خلال هذه الفترة ستنخفض أسعار الذهب ما يمثل فرصة للمستثمرين والأفراد أن يقبلوا على شرائه، بينما على العكس إذا وقعت تطورات جيوسياسية جديدة وانهيارات بالأسواق سيكون هناك اتجاه قوي للشراء.
ويشير محللو البنك الأميركي "سيتي" إلى أن الذهب، الذي يحتفظ بقيمته كأداة للتحوط ضد التضخم، يميل إلى الأداء الجيد في فترات عدم اليقين الاقتصادي عندما يبتعد المستثمرون عن الأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم.
المستويات المتوقعة
وإلى ذلك، توضح خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الذهب عالمياً خلال تعاملات الشهر المنصرم سجل مستويات قياسية جديدة فوق 2400 دولار للأونصة، مرجعة سبب هذا الارتفاع إلى التوترات الجيوسياسية وخاصة التصعيد بين إيران وإسرائيل.
وتشير رمسيس إلى أن:
- تلك التوترات دفعت المعدن الأصفر إلى الارتفاع بسبب المشتريات المتتالية من قبل البنوك المركزية لرؤيتهم أنه الملاذ الآمن الوحيد المتواجد في السوق خلال الفترة الحالية، بعد المخاوف من تذبذب أسعار الدولار بسبب الاتجاهات المنتظرة للدولار الأميركي فيما بعد إلى تثبيت ثم خفض أسعار الفائدة.
- التوترات الجيوسياسية أيضاً دفعت الأفراد لممارسة نفس السياسة التي اتجهت لها البنوك المركزية حول العالم للاستثمار في الذهب.
بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، فإن مشتريات ثاني أكبر اقتصاد في العالم من الذهب في العام الماضي 2023 بلغت 225 طناً، وذلك من إجمالي 1037 طناً مشتريات البنوك المركزية خلال العام. وجاء خلف الصين (البلد المتصدر لمشتريات الذهب العام الماضي) كل من بولندا وسنغافورة وليبيا والتشيك والهند والعراق وقطر والفلبين، على التوالي.
وتقول إن أداء الذهب على المديين المتوسط والطويل في اتجاه صاعد مستمر نحو تحقيق أرقام قياسية، متوقعة أن يصل سعر الأونصة قبل نهاية العام إلى 3000 دولار، ذلك بسبب الإقبال التاريخي على الاستثمار فيه كملاذ آمن. كما تتوقع أن يتخلل هذا الارتفاع انخفاض على المدى القصير، لتعاود الأسعار الارتفاع مرة أخرى.
وتعدد خبيرة أسواق المال، بعض العوامل التي من شأنها أن تؤثر على أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة والاستثمار فيه، وأبرزها:
- اتجاه الفيدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة، خاصة وأن أسعار الذهب تكون على عكس اتجاه سعر الدولار الذي كلما انخفض سعره ارتفع بالمقابل سعر الذهب.
- ارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية في المنطقة وتحولها إلى منطقة صراعات دائمة.