"المتطرفون".. خرابهم يدل عليهم
15:28 - 04 ديسمبر 2016حيثما تسيطر الجماعات المتطرفة تبدأ بشن حرب عنيفة على كل ما يتعلق بالتراث الإنساني وبعلاقة الإنسان بالأرض، سواء من الناحية الاقتصادية أو الثقافية، إلى جانب الناحية الاجتماعية.
ولعل أبرز ما تقوم به تلك الجماعات المتطرفة هو سرقة ونهب التراث الإنساني العالمي، وما لم تستطع سرقته ونهبه تعمد إلى تدميره لتقطع صلة تلك المنطقة بجذورها التاريخية.
وأدركت التنظيمات المتشددة "مدى الألم" الذي تسببه للشعوب والعالم عند تدميرها للمعالم الأثرية والتاريخية، عندما قامت حركة طالبان لأول مرة بتدمير تمثالي بوذا في منطقة باميان بأفغانستان عام 2001.
ففي العام 1998، عمدت طالبان إلى تدمير رؤوس تماثيل بوذا الضخمة في باميان بحجة أنها "أصنام"، ثم أجهزت في مارس 2001 على التمثالين، اللذين يعود تاريخهما إلى القرن السادس الميلادي، بتفجيرهما بالديناميت، الأمر الذي أثار سخطا عالميا واسع النطاق.
وخلال الفترة نفسها تقريبا، قامت حركة طالبان باكستان بتخريب وتدمير منحوتات وتماثيل لبوذا في وادي سوات، حيث كانت المنطقة تخضع لسيطرة الحركة.
ولعل أبرز ما قامت بتخريبه، هو تدمير رأس تمثال بوذا الجالس، الذي يعد ثاني أقدم أثر بوذي في المنطقة بعد تماثيل بوذا في أفغانستان.
ويعود تاريخ التمثال إلى بداية عهد المسيحية، وهو منحوت على صخرة ارتفاعها 130 قدما.
وفي العراق، دمر تنظيم داعش العديد من المواقع الأثرية في هذا البلد، والمدرجة ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي، خصوصا بعد سيطرته على محافظة نينوى، شمالي البلاد.
فقد دمر التنظيم العديد من المعالم الأثرية في تلك المحافظة، ومن بينها مساجد قديمة وكنائس ومعابد، بما فيها مسجد النبي يونس، الذي يعتقد بأنه يحوي رفاة النبي يونس أو يونان، في الموصل، ومسجد النبي شيث، بالإضافة إلى آثار الحضر ومدينة نمرود الأثرية، ومحتويات متحف الموصل، والكثير من الأضرحة.
كما عمد التنظيم إلى تدمير عدة كنائس ومعابد مسيحية وإيزيدية قديمة، بالإضافة إلى مراقد شيعية وأضرحة ومساجد سنية.
أما في سوريا، فقد دمر تنظيم داعش آثار مدينة تدمر ومواقع أثرية عدة أخرى في غالبية المناطق التي سيطر عليها.
وعمد التنظيم إلى نسف "قوس النصر" الذي بني قبل نحو 2000 عام، ويعود إلى عهد الدولة الرومانية في تدمر، كما دمر معبدي بعل وبعل شمين في المنطقة ذاتها المدرجين ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي.
كما دمر أبراجا من "المدافن البرجية"، بما فيها مدفن "إيلابل" الذي بني عام 103 ميلادية، المكون من 4 طوابق فوق الأرض وطابق تحتها.
وفي ليبيا، دمرت الحركات المتطرفة، بما فيها داعش، العديد من الأضرحة في المناطق التي خضعت لسيطرته، خصوصا مع بدء الحرب الأهلية الثانية في مارس 2015، وتحديدا الأضرحة الصوفية القديمة بالقرب من العاصمة طرابلس.
ومن بين الخسائر الإنسانية الأكبر، ما قامت به الحركات المتطرفة في شمال مالي، خصوصا في منطقة تينبكتو، التي خضعت لسيطرتها عام 2012.
ويمكن القول إن المنطقة تعرضت لنكبات أثرية، حيث دمرت وأحرقت العديد من الأضرحة والمساجد القديمة التي كانت تشكل مستودعا مهما لمجموعة كبيرة من المخطوطات النفيسة عن التاريخ الإفريقي.