الفساد في العراق.. كرة نار يتقاذفها السياسيون
09:25 - 07 أغسطس 2016ما من كلمة أكثر رواجا بين السياسيين العراقيين هذه الأيام، سوى كلمة "فساد"، التي أضحت بمثابة كرة نار يقذفها كل منهم في ملعب الآخر، وتحرق في طريقها مزيدا من أرض العملية السياسية المتداعية أصلا، وتضر ملايين العراقيين.
آخر فصول هذه القصة كانت بين وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، أثناء جلسة استجواب له في البرلمان بمزاعم فساد، وبين رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الذي اتهمه العبيدي بالضلوع في الفساد.
في المقابل، رفع الجبوري دعوى قضائية في اتهامات العبيدي، وقال إنه "إذا صحت ادعاءات وزير الدفاع بحقي، فسيكون هو أيضا مشترك في قضية الفساد بسبب التستر".
وهكذا تحولت الجلسة التي عقدها البرلمان الأسبوع الماضي لاستجواب العبيدي، إلى سجال واتهامات متبادلة بالفساد طالت الكثير من المسؤولين العراقيين من بينهم نواب في البرلمان ووزراء، الأمر الذي أدى إلى احتدام المشهد السياسي في البلاد.
مسلسل طويل
ورغم أن مسلسل الفساد ليس بجديد على العراق، فإن أبرز ما ميز السجال الأخير هو "الصبغة الطائفية" له هذه المرة، إذ اقتصرت الاتهامات على مكون سياسي بعينه، وهو اتحاد القوى العراقية، المكون السني الأكبر في البرلمان.
وما أجج الأزمة أكثر، هو سرعة تحرك رئيس الوزراء حيدر العبادي من أجل منع الجبوري، ومن وردت أسماؤهم على لسان العبادي في جلسة الاستجواب من السفر، فقيدت خطوته وكأنها "تحرك طائفي" ضد السنة.
إلا أن الجبوري نفسه، الذي ترأس الحكومة بجدول أعمال مبني على القضاء على الفساد في مرافق الدولة، لم يحرك ساكنا بخصوص اتهامات الفساد التي لطخت سلفه نوري المالكي على مدار 8 سنوات قضاها في رئاسة الوزراء (2066 وحتى 2014).
هدر بالمليارات
وقد تحدثت تقارير عن هدر 48 مليار دولار أميركي لحماية المسؤولين العراقيين بين 2008 و2014، أي في عهد المالكي، الذي لم تدرج السلطات القضائية في البلاد اسمه على لائحة المطلوبين أو الممنوعين من السفر، على غرار ما فعلت مع عدد من المسؤولين.
وفي عهد المالكي أيضا، الذي كان يتولى بالإضافة إلى رئاسة الوزراء منصب القائد العام للقوات المسلحة، سيطر تنظيم داعش في 2014 على الموصل إثر انسحاب القوات الحكومية، الأمر الذي أثار علامات استفهام كبيرة بشأن الفساد في القطاع العسكري.
وفي نوفمبر 2015، شكل مجلس القضاء الأعلى هيئة تحقيق للنظر في وثائق قدمها رئيس اللجنة المالية الراحل أحمد الجلبي، والمتعلقة بقضايا غسيل أموال وتهريب العملة الأجنبية في عهد المالكي.
وإزاء عدم تحرك العبادي أمام هذه الملفات، خرج الآلاف من العراقيين إلى الشوارع قبل عام، واستمر خروجهم حتى هذه الأيام، مطالبين بـ"تطهير" مؤسسات الدولة من الفساد، إلا أن مطالبهم هذه ظلت حبيسة أدراج رئيس الوزراء.
وتضاف تهم الفساد الجديدة في صفوف الطبقة السياسية الحاكمة في العراق، إلى ملفات فساد قديمة ما فتأت تتراكم في أدراج الحكومات العراقية المتعاقبة منذ أول حكومة انتقالية إبان إسقاط الرئيس الراحل صدم حسين عام 2003 إلى يومنا هذا.