الحلويات المغربية.. مذاق رمضان
23:35 - 16 يوليو 2014قبل أسابيع من حلول شهر رمضان، لا يمكن لأي عابر بأحد الأحياء المغربية، خاصة الشعبية، إلا أن يشم روائح عادة ما لا يصادفها في باقي أيام السنة.
هي رائحة الشباكية، والبريوات و السفوف... أصناف من الحلويات تزين المائدة المغربية خلال أيام الشهر الفضيل.
محلات لم يكن لها وجود تبدأ في ملء واجهاتها بصحون ضخمة من هذه الحلويات، وبعضها يغير نشاطه خصيصا في هذا الشهر، الذي يكثر فيه الإقبال على هذه الحلويات دون غيرها.
في القديم وكما يروي المهتمون بالموضوع، كانت العائلات العريقة خاصة في الرباط وفاس ومدن الشمال تنفرد بإعداد حلوى الشباكية أو المخرقة كما تسمى في بعض المناطق، كانت ولا تزال من الحلويات الراقية والمكلفة، فمكوناتها مكلفة نوعا ما، في حال تم إعدادها بالطريقة التقليدية المتعارف عليها بين العائلات، لكن لم يعد الأمر اليوم صعبا لأن المحلات التجارية تقدم هذه الحلوى بأثمنة مناسبة، فبعضها لا يلتزم بالمكونات الصحيحة.
يتساءل كثيرون عن معنى اسم ومكونات هذه الحلوى. طريقة تحضير الشباكية تختزل الجواب، فهي عبارة عن عجين يحتوي بالإضافة إلى الدقيق والزيت وماء الزهر، اللوز والسمسم وبعض المكونات المحلية الأخرى. يتم “شبكه" بطريقة معينة ثم قليه وغطسه في العسل ثم تزيينه بالسمسم.
ترافق هذه الحلوى في كثير من الأحيان، حلوى البريوات، التي تشبه في شكلها ما يعرف بالسمبوسك في بعض الدول، لكن مضمونها مختلف.
فالبريوات عبارة عن عجين من اللوز والقرفة وماء الزهر يتم لفه على شكل مثلثات فيما يعرف في المغرب ب"الورقة" أو الرقاق في بعض الدول، وكما الشباكية يتم قلي البريوات ثم غطسها في العسل.
أما النوع الذي يتوسط المائدة ويأخذ وقتا أطول في التحضير فهو السفوف أو سلو أو الزميطة، كلها أسماء لنفس الشيء: خليط من مسحوق اللوز والسمسم والعسل والدقيق والقرفة.. يتم تناوله بالملعقة مع الشاي المغربي.
عادة ما يتم تناول هذه الحلويات خلال الإفطار برفقة أشياء أخرى كالرغايف والبيض والحريرة.. فمن خصوصيات الإفطار المغربي خلو المائدة من وجبات أساسية، خلافا لبعض البلدان التي تجمع في عاداتها بين وجبتي الإفطار والعشاء، وتحضر أطباقا رئيسية في وجبة الإفطار.
لا يمكن أن تكون المائدة المغربية مكتملة إلا إن شاهدت الشوربة المعروفة ب"الحريرة" مرفقة بصحن من الشباكية. سواء كنت في شمال المغرب أو جنوبه، ستجد هذين الطبقين متلازمين في جميع الموائد الرمضانية، فهي عادة أخرى تميز المطبخ المغربي، المزج بين الأطباق المالحة والحلوة في نفس الوقت.
لكن هذه الحلويات تظل ملازمة للمائدة المغربية حتى بعد الإفطار، حيث تقدم مع الشاي المغربي خلال تجمعات العائلة ولقاءات الأصدقاء، رغم أن أخصائيي التغذية والأطباء تعبوا من التشديد على عدم الإكثار منها لأنها مصدر خطير حسبهم للسكريات التي يصعب حرقها.
غالبا ما تقدم هذه الحلويات حتى بعد انقضاء شهر رمضان بأسابيع قليلة، وحالما ينتهي مخزون العائلات منها، تعود الحلويات المغربية الشهيرة مثل كعب غزال والفقاص وغريبة... ليزين صدر الموائد.
لكن تبقى لحلويات رمضان ميزة لا تتوفر في باقي الحلويات، وهي ميزة اجتماعية، حيث تستدعي ربة المنزل جاراتها أو قريباتها عندما تقرر تحضير هذه الحلويات، ليتحول منزل كل واحدة منهم بالتناوب إلى ورشة عمل طيلة اليوم، لكن هذه العادة بدأت تندثر تدريجيا وسط الانشغالات اليومية.