مصر.. أطفال الشوارع مأساة تبحث عن حل
21:22 - 21 يناير 2014قرب أحد الفنادق الفخمة في القاهرة وعند إشارة المرور اندفع محمود باتجاه إحدى السيارات لينظف زجاجها مقابل بعض المال.
محمود البالغ من العمر 12 عاما هو أحد آلاف الأطفال المصريين المشردين الذين ينامون في الشوارع وليس لديهم منازل تؤويهم وجزء من مأساة عجزت الحكومات المصرية المتعاقبة عن حلها إلى الآن.
يقضي محمود ليله تحت أحد الجسور القريبة من الفندق، بينما يمضى أوقاته الأخرى في مسح زجاج السيارات وتقديم خدمات أخرى بسيطة مقابل ما يسد رمقه.
"في كل مرة أذهب إلى بيت والدي يطردني قائلا ليس لك أي شيء هنا" قال محمود الذي أصبح بلا منزل بعدما طلق والده أمه وتزوج بامرأة ثانية ومنعه من دخول المنزل.
طفلة أخرى تابعناها عن بعد، لا تتجاوز ست سنوات تبيع الكعك على حافة أحد الطرقات المزدحمة في القاهرة، تنتظر أي تباطؤ في حركة السير لتعرض ما لديها للبيع.
واعتبر هاني مهنا، المتحدث باسم وزارة التضامن الاجتماعي في مصر في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" أن انتشار العشوائيات سبب رئيس في تفشي هذه الظاهرة في البلاد.
وقال إن الوزارة شكلت منذ 4 أشهر لجنة برئاسته لتنفيذ "خطط شامة لتطوير المناطق العشوائية وبالتالي التقليل من ظاهرة أطفال الشوارع الذين هم في الغالب نتاج تلك المناطق".
وتشير تقديرات إلى أن عدد "أطفال الشوارع" الذين لا يجدون مأوى في مصر يتراوح بين 50 ألف و100 ألف وهي الأرقام الموثقة، فيما تشير مصادر أخرى إلى أن هذا الرقم قد يصل إلى مليون حسبما قال نصر السيد وهو الأمين العام السابق للمجلس القومي للأمومة والطفل في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية".
وتسعى الحكومات المصرية المتعاقبة والجمعيات الأهلية لإيجاد حلول للحد من هذه الظاهرة، وحسب السيد فإن المجلس القومي للأمومة والطفل تعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والاتحاد العام للجمعيات الأهلية بمبادرات عدة لمكافحة تشرد الأطفال في مصر.
وقال إن المجلس أنشأ أربعة دور إيواء في القاهرة الكبرى لاحتواء مثل هذه الحالات، بالإضافة إلى دورات خاصة لتأهيل هؤلاء الأطفال وتوعيتهم، كما أشار إلى مساهمات من منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف في مكافحة هذه الظاهرة
وقد ميز السيد بين ظاهرتين في المجتمع المصري هما "أطفال الشوارع" الذين لا يجدون مكانا يؤويهم على الإطلاق، وبين "أطفال في الشارع" وهؤلاء لهم مكان يعودون إليه لكن يعملون خلال النهار بالتسول أو أعمال أخرى .
وإلى الفئة الثانية ينتمي أحمد وهو طفل آخر في الرابعة عشرة من العمر يستغل الزحام الشديد على جسور القاهرة ليتسول بعض المال من سائقي السيارات التي تكاد لا تتحرك في ذروة زحام العاصمة المصرية.
"حاولت البحث عن عمل لم أجد شيئا، أسعى كل يوم للحصول على المال لمساعدة أمي العاجزة وإخوتي الصغار بعد وفاة والدي" قال أحمد.
أثر التغيرات السياسية
ورأى السيد أن الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية أسهمت في زيادة هذه الظاهرة في عامي 2011 و2012، إلا أن تلك الأعداد بدأت بالتراجع في 2013.
وعزا تزايد أطفال الشوارع في العامين الذين تليا تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى أن هؤلاء الاطفال استخدموا في مظاهرات واعتصامات طوال تلك الفترة التي شهدت تغيرات سياسية عدة وتلقوا مبالغ مادية لقاء مشاركتهم.
وقال إن الجمعيات الخيرية العاملة في إعادة التأهيل نشطت خلال عامي 2011 و2012 في الحد من ظاهرة أطفال الشوارع، لكن دورها ما لبث أن تراجع في العام التالي.
أما مهنا فرأى أن أعداد أطفال الشوارع انخفض في السنوات الأخيرة في العاصمة المصرية تحديدا، نتيجة لعودة عدد من هؤلاء إلى محافظاتهم بعد الاضرابات التي شهدتها القاهرة.
وأشار مهنا إلى إن الدستور الجديد الذي أقر مؤخرا يشير في مادته رقم 80 إلى أن لكل طفل (تحت 18 عاما) الحق بالتطعيم الإجباري والمجاني والرعاية الصحية والأسرية والمأوى الآمن والتربية والمعرفة.
كما تشير المادة إلى أن الدولة "تلتزم برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري".
كما جاء في المادة ذاتها "يحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسي، كما يحظر تشغليه في الأعمال التي تعرضه للخطر".
وقال مهنا إن قوانين مكملة وخطة قومية ستصدر قريبا لإنفاذ المواد الخاصة بحقوق الأطفال في الدستور الجديد وتنفيذها على أرض الواقع.