الأزمات تُحاصر الاقتصاد الإيراني والحلول غائبة
12:29 - 05 مارس 2025
تعيش إيران حالة من الانهيار الاقتصادي غير المسبوق، إذ يعاني 30 بالمئة من الشعب الإيراني من الفقر، وهو ما يترجم إلى 25 مليون إيراني يعيشون في ظروف معيشية قاسية، بعدما انضم 10 ملايين شخص إلى دائرة الفقر خلال السنوات السبع الماضية.
الوضع الاقتصادي، الذي لا يبدو أنه يشهد أي تحسن، يفاقم من الأزمات الداخلية التي تغذي الاحتجاجات الشعبية على تدهور الحياة المعيشية.
وفي هذا السياق، يقول نبيل العتوم، مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الإقليمية: خلال حديثه لبرنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية إن 40 مليون إيراني اليوم يعيشون تحت خطر الفقر، و13 مليون شخص لا يستطيعون شراء السلع الأساسية مثل الأرز والسكر والزيت، مما يعكس فشل السياسات الاقتصادية التي يتبعها النظام الإيراني".
الريال الإيراني في حالة سقوط حر
من أبرز المؤشرات على تدهور الوضع الاقتصادي الإيراني هو انهيار قيمة العملة المحلية. فقد شهد الريال الإيراني تراجعًا حادًا، ليصبح من بين أضعف العملات في العالم، حيث قفز سعر الدولار من 60 ألف تومان في يوليو 2024 إلى 93 ألف تومان، ما يعني أن الريال فقد أكثر من 54 بالمئة من قيمته في آخر 16 شهرًا.
ويضيف العتوم، موضحًا هذا الانهيار: "لقد وصل سعر الدولار إلى أعلى مستوى له في تاريخ إيران، ما زاد من معدلات التضخم ورفع أسعار السلع والخدمات بشكل حاد، مما أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للأسر الإيرانية".
الإقالات الحكومية.. حلول لا تعالج جذور المشكلة
في محاولة لاحتواء الأزمة الاقتصادية، قررت الحكومة الإيرانية إقالة وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، الذي كان يشغل سابقًا منصب محافظ البنك المركزي الإيراني، وهو شخصية اقتصادية بارزة.
ورغم أن هذه الخطوة قد تبدو في ظاهرها جزءًا من محاولات الإصلاح، يرى العتوم أن هذه الإقالة لا تعكس حلًا حقيقيًا.
ويؤكد: "الإقالة جاءت بعد تدهور مستمر في الاقتصاد الإيراني نتيجة السياسات الفاشلة على مدار سنوات. الأزمات الاقتصادية في إيران نتيجة تراكمات طويلة، لا يمكن حلها بتغيير وزير أو مسؤول واحد".
ويستمر العتوم في سرد الوضع قائلاً: "اليوم، 50 بالمئة من الشباب الإيرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و40 عامًا عاطلون عن العمل، بل إنهم لا يبحثون حتى عن فرص للعمل، ما يعكس حالة من اليأس في سوق العمل".
العقوبات الأميركية.. التأثير الخانق على الاقتصاد الإيراني
تتضافر العقوبات الأميركية المفروضة على إيران لتفاقم الأزمة الاقتصادية. فقد أدت هذه العقوبات إلى شلل شبه كامل في صادرات النفط الإيراني، حيث تعهدت الولايات المتحدة بتصفير صادرات النفط الإيراني، وهو ما أثر بشكل كبير على الإيرادات الوطنية.
يقول العتوم: "العقوبات عرقلت بيع النفط الإيراني، وكانت لها عواقب وخيمة على الاقتصاد الإيراني، حيث شهدنا تصاعد الاحتجاجات الشعبية نتيجة لارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض الرواتب، في ظل عجز الحكومة عن تقديم حلول فعلية لهذه التحديات".
إيران معزولة دوليًا.. والشراكات التجارية لا تعوض الخسائر
رغم محاولات إيران الالتفاف على العقوبات الغربية من خلال تعزيز علاقاتها التجارية مع روسيا والصين، إلا أن هذه الشراكات لم تكن كافية لتعويض الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها البلاد.
ووفقًا للعتوم، "رغم مساعي إيران لتعزيز علاقاتها التجارية مع روسيا والصين، فإن العزلة الدولية تزداد، مما يُضعف الاقتصاد الإيراني بشكل أكبر".
وتستمر الأزمات الاقتصادية في الضغط على إيران، حيث يعاني 41 بالمئة من المصانع الإيرانية من التوقف عن العمل بسبب أزمة الطاقة غير المسبوقة.
"هذه الأزمة في الطاقة أسفرت عن توقف العديد من المنشآت الصناعية، مما يزيد من تفاقم معدل البطالة ويؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي"، كما يوضح العتوم.
تركيز على الإنفاق العسكري.. إهمال الخدمات الاجتماعية
في وقت تتفاقم فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يلاحظ العتوم أن الإنفاق العسكري الإيراني شهد زيادة كبيرة بنسبة 200 بالمئة في السنوات الأخيرة.
وقال: "إيران تواصل زيادة الإنفاق على القطاع العسكري والأمني، بينما تغيب الإصلاحات الاجتماعية التي قد تساعد في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين".
ويضيف العتوم: "هذه السياسة لا تقتصر على إنفاق ضخم على المعدات العسكرية، بل تمتد أيضًا إلى دعم الميليشيات المسلحة في مناطق النزاع، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمات الداخلية على حساب المواطنين الإيرانيين".
هل يمكن إنقاذ الاقتصاد الإيراني؟
رغم الوضع المتدهور، يعتقد العتوم أن هناك فرصًا لتحسين الاقتصاد الإيراني، لكن هذه الفرص مشروطة بعدة إصلاحات داخلية وخارجية.
وتابع قائلا: "من الضروري أن تُطلق إيران حوارًا مباشرًا مع الولايات المتحدة للوصول إلى اتفاق نووي جديد يضمن تقليص التوترات الدولية وفتح قنوات جديدة للتجارة. كذلك، يجب على الحكومة الإيرانية اتخاذ إجراءات جذرية لمكافحة الفساد، وتحسين إدارة الموارد الحكومية".
ويختتم العتوم حديثه بقوله: "إذا لم تتحقق هذه الإصلاحات، فإن إيران ستستمر في مواجهة أزمات اقتصادية متراكمة، مع عزلة دولية قد تزيد من تعميق الجراح".
تستمر إيران في مواجهة أزمة اقتصادية خانقة نتيجة لتراكم السياسات الفاشلة والعقوبات الدولية. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة لتغيير بعض الوجوه الحكومية، إلا أن غياب الحلول الجذرية يعني أن البلاد مهددة بمزيد من التدهور.