السعودية تجمع روسيا وأميركا.. ما دلالات اللقاء؟
16:08 - 18 فبراير 2025في خطوة دبلوماسية غير مسبوقة منذ سنوات، احتضنت الرياض لقاءً جمع وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة، في محاولة لاستكشاف سبل إنهاء الحرب الأوكرانية والتمهيد لقمة مرتقبة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب.
هذا الاجتماع، الذي يأتي وسط تعقيدات دولية عميقة، يثير تساؤلات حول مدى إمكانية تحقيق اختراق حقيقي في الأزمة الأوكرانية، وما إذا كان يمهد فعليًا لنهاية الحرب المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات.
دلالات الاجتماع الأول منذ سنوات
ضم الاجتماع كلًا من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومستشار الرئيس بوتين، يوري أوشكوف، في مواجهة نظرائهم الأميركيين وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والز.
وعلى الرغم من عدم توفر تفاصيل رسمية عن أجندة المحادثات، فإن مجرد عقد هذا اللقاء بعد قطيعة طويلة يحمل دلالات عميقة.
يرى الباحث السياسي الروسي، يفغيني سيدروف، أن "مجرد انعقاد اجتماع أميركي روسي بهذا المستوى لأول مرة منذ سنوات، يحمل دلالات كبيرة حتى لو لم يسفر عن اختراقات فورية".
ويضيف أن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ضرورية ليس فقط لحل الأزمة الأوكرانية، بل أيضًا لإعادة التوازن إلى النظام الدولي الذي شهد تصاعدًا في التوترات.
الموقف الروسي.. انفتاح مشروط على التسوية
بحسب ما نقل عن الكرملين قبل بدء الاجتماعات، فإن "التوصل إلى تسوية طويلة الأمد في أوكرانيا مستحيل دون معالجة قضايا الأمن الأوروبي"، كما شددت موسكو على أن أوكرانيا لها الحق في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن ليس إلى الناتو، وهو مطلب رئيسي ظل يشكل عقبة أمام المفاوضات منذ بدء النزاع.
بوتين، بدوره، أبدى استعداده "للتفاوض مع زيلينسكي إذا لزم الأمر"، مما يفتح الباب أمام احتمالات جديدة للتسوية، لكن دون ضمانات واضحة بأن ذلك سيتم في المستقبل القريب.
القلق الأوكراني من تغير النهج الأميركي
على الجانب الآخر، تعكس تصريحات الباحث السياسي الأوكراني، دميترو تشيكالكين، قلقًا عميقًا بشأن موقف الولايات المتحدة، حيث أشار إلى أن "التصريحات الأخيرة من واشنطن، خصوصًا خلال مؤتمر ميونيخ، أثارت مخاوف الأوروبيين والأوكرانيين بشأن تغير في نهج الدعم الأميركي لكييف".
وأضاف أن أوكرانيا لا تزال تسعى لتحقيق "سلام دائم وعادل"، لكنها في الوقت نفسه تصر على "إنشاء محكمة دولية لإدانة الجرائم التي ارتكبها النظام الروسي"، مما يعكس الهوة الواسعة بين موقفي كييف وموسكو.
ترامب.. رجل الأعمال يبحث عن مكاسب
مع عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي، فإن نظرته للحرب الأوكرانية تتسم بواقعية اقتصادية بحتة، إذ يعتقد سيدروف أن "ترامب، كرجل أعمال، يسعى إلى تحقيق أقصى الأرباح من أي اتفاق ممكن، وهو يرى أن الولايات المتحدة خسرت 300 مليار دولار جراء هذه الحرب، ولا بد من تعويض هذه الخسائر".
أما فيما يتعلق بموقف بوتين من المقترحات الأميركية، فيرى سيدروف أن "الجانب الروسي يدرك أن المفاوضات لن تكون سهلة، وأن التوصل إلى صفقة مربحة للطرفين قد يتطلب عدة جولات من المحادثات قبل القمة الرئاسية".
هل يتخلى الغرب عن أوكرانيا؟
في ظل الحديث عن تبدل في الأولويات الأميركية، يزداد القلق الأوكراني من أن الدعم الغربي قد يتراجع. فبحسب تشيكالكين، فإن "أوروبا وحدها غير قادرة على تحمل عبء دعم أوكرانيا بدون واشنطن".
وأضاف أن "الموقف الأوروبي لا يزال غير موحد تمامًا، ولكن هناك إدراك بأن أي اتفاق يجب أن يراعي مصالح الأمن القومي الأوروبي".
الطريق إلى السلام.. طويل ومعقد
رغم التفاؤل الحذر بإمكانية تحقيق اختراق دبلوماسي، يتفق الخبراء على أن الطريق إلى السلام لن يكون سهلًا أو سريعًا. فالمفاوضات التي انطلقت في الرياض قد تكون بداية لمشاورات أوسع، لكنها لن تحسم مستقبل الصراع بين ليلة وضحاها.
كما يشير سيدروف، فإن "أي قمة بين بوتين وترامب تحتاج إلى تحضيرات دقيقة، وربما نشهد في النهاية توقيع وثيقة تعهدات متبادلة، تشمل ضمانات أمنية وتفاهمات سياسية".
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحا: هل يمثل هذا اللقاء في الرياض بداية نهاية الحرب في أوكرانيا، أم أنه مجرد محطة جديدة في طريق طويل من الصراع والتفاوض؟ الأيام والأسابيع القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.