وزير النفط: موريتانيا تستهدف التحول لمركز إقليمي للطاقة
09:34 - 13 فبراير 2025في خطوة تاريخية تعزز مكانة موريتانيا كلاعب رئيسي في سوق الطاقة، أعلنت الحكومة بدء إنتاج الغاز الطبيعي المسال من حقل "السلحفاة الكبرى آحميم" (GTA)، مع استعداد لتصدير أول شحنة بنهاية فبراير الجاري. المشروع، الذي يقع على الحدود البحرية بين موريتانيا والسنغال، يشكّل حجر الأساس لطموحات البلاد في أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة.
انطلاق الإنتاج والتصدير: بداية عهد جديد للطاقة في موريتانيا
أكد وزير النفط والطاقة الموريتاني، محمد ولد خالد، في تصريح خاص لسكاي نيوز عربية أن حقل "السلحفاة الكبرى آحميم" بدأ رسميًا إنتاج الغاز، وأن أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال ستُصدَّر بحلول 21 أو 22 فبراير. ويمثل هذا الحدث نقطة تحول مهمة لاقتصاد موريتانيا، الذي يعتمد على موارد التعدين والصيد البحري، ويطمح الآن إلى الاستفادة من ثرواته الطاقوية.
ويتم تطوير المشروع بالشراكة مع شركتي "بي بي" البريطانية و" كوزموس انيرجي " الأميركية، إلى جانب الشركاء في السنغال، وهو جزء من استراتيجية أوسع لتحويل البلاد إلى مصدر رئيسي للغاز في المنطقة.
جاء ذلك على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات 2025،المنعقدة في دبي تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل".
مراحل الإنتاج: خطة طموحة لتوسيع الطاقة الإنتاجية
يتم تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل رئيسية، تهدف إلى رفع الإنتاج تدريجيًا:
- المرحلة الأولى: بدأت بالفعل، وستوفر بين 2 و2.5 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال.
- المرحلة الثانية: قيد الدراسة والتفاوض مع الشركاء، ومن المقرر أن تضاعف الإنتاج ليصل إلى 5 ملايين طن سنويًا.
- المرحلة الثالثة: المرحلة النهائية، التي تستهدف الوصول إلى 10 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2030.
السوق المستهدف: أوروبا في الصدارة، وآسيا خيار محتمل
مع بدء تصدير الغاز، ستكون أوروبا السوق الأولى المستهدفة، نظرًا لقرب موريتانيا الجغرافي من القارة العجوز وحاجتها المتزايدة إلى مصادر بديلة للطاقة، لا سيما بعد الأزمة الروسية الأوكرانية. إسبانيا، على سبيل المثال، يمكنها استقبال الشحنات الموريتانية خلال ثلاثة أيام فقط.
لكن رغم أولوية السوق الأوروبي، كشف الوزير عن اهتمام الأسواق الآسيوية أيضًا بالغاز الموريتاني، مما يفتح الباب أمام فرص تصدير أوسع في المستقبل.
تحديات تقنية وتأخيرات تجاوزها المشروع
لم يكن الطريق نحو إنتاج الغاز من "السلحفاة الكبرى" خاليًا من التحديات، فقد أشار الوزير الموريتاني إلى أن المشروع واجه صعوبات تقنية وتأخيرات متعلقة بعمليات الحفر والإنتاج في المياه العميقة، حيث يقع الحقل على عمق 5000 متر تحت سطح البحر. ومع ذلك، نجح الشركاء في تجاوز هذه العقبات، ما مكّن من بدء الإنتاج رغم التأخير.
الانعكاسات الاقتصادية والتنموية للمشروع
من المتوقع أن يكون لهذا المشروع تأثير اقتصادي كبير على موريتانيا، حيث سيوفر إيرادات ضخمة للخزينة العامة، وسيساهم في تحسين البنية التحتية وتوفير فرص عمل جديدة. كما أنه يمثل خطوة أولى في جعل موريتانيا مركزًا إقليميًا للطاقة، ليس فقط في مجال الغاز، بل أيضًا في الطاقات المتجددة مثل الهيدروجين الأخضر.
مستقبل الغاز في موريتانيا: ماذا بعد "السلحفاة الكبرى"؟
تمتلك موريتانيا إلى جانب هذا المشروع، أحد أكبر احتياطيات الغاز في إفريقيا، حيث يحتوي حقل "بير الله" وحده على 60 تريليون قدم مكعب من الغاز، أي ما يعادل 10 بالمئة من احتياطيات القارة. تجري الحكومة حاليًا مفاوضات مع كبرى شركات الطاقة العالمية لتطوير هذا الحقل، ما يعني أن البلاد قد تشهد مشاريع غازية أكبر في السنوات القادمة.
خطوة نحو الريادة الطاقوية
مع بدء إنتاج الغاز من "السلحفاة الكبرى آحميم"، تضع موريتانيا قدمها بقوة في سوق الطاقة العالمي. وبينما تسعى إلى تعظيم الاستفادة من ثرواتها، وتأمين موقع استراتيجي في سوق الغاز العالمي، يبقى التحدي الأهم هو إدارة العوائد بشكل يضمن التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي للمواطنين.
هذا المشروع، الذي طال انتظاره، ليس مجرد استثمار في الطاقة، بل هو استثمار في مستقبل موريتانيا كقوة صاعدة في قطاع الطاقة العالمي.