عوامل رئيسية تعزز توقعات النمو القوية في وول ستريت.. ما هي؟
13:09 - 17 يوليو 2024أثار الرئيس التنفيذي لشركة Fundstrat، توم لي، الدهشة الشهر الماضي عندما أطلق تنبؤاً شديد التفاؤل: "مؤشر S&P 500" سوف يتضاعف ثلاث مرات تقريبا بحلول العام 2030.
وفي مقابلة مع برنامج Odd Lots التابع لبلومبرغ، قال لي إنه يتوقع أن يتجاوز مؤشر S&P 500 حاجز 15 ألف نقطة بحلول نهاية العقد.
وقال لي في المقابلة إنه كان ينظر إلى عدد قليل من الرسوم البيانية التي تدعم توقعاته الصعودية على المدى الطويل. وقد رصد "بيزنس إنسايدر" في تقرير له في هذا السياق، مجموعة من المؤشرات الرئيسية التي تظهر سبب تفاؤل المتنبئ المتفائل بالفعل بشأن سوق الأسهم، بالاستعانة بعدد من البيانات التي اعتمد عليها لي.
جيل الألفية
يبلغ متوسط أعمار جيل الألفية الآن حوالي 31 عاماً، وبدأت الفئة العمرية العالمية التي يبلغ عددها 2.5 مليار شخص في دخول سنوات ذروتها من 30 إلى 50 عاماً.
وقال لي لشبكة "سي إن بي سي" الشهر الماضي: "ستكون هذه هي المرة الثالثة التي تدخل فيها الأسهم دورة حيث تتراكم العائدات السنوية عند مستويات مرتفعة. لقد كانت العشرينات الصاخبة، ثم كانت الخمسينيات وحتى أواخر الستينيات، وهذه هي الدورة الثالثة".
"وقد تزامنت جميعها مع زيادة في عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عامًا، أو بعبارة أخرى عدد البالغين في سن الذروة، وهذه المرة كان ذلك مدعومًا بجيل الألفية والجيل Z".
وأضاف: "إنها قصة تتعلق بالطلب.. فعندما تصل إلى ذروة حياتك، بين الثلاثين والخمسين، يظهر معهد أوربان أنك تبدأ في اقتراض المزيد من المال، وتتخذ قرارات حياتية كبرى، وهذا ما يحرك الاقتصاد".
التكنولوجيا ونقص العمالة
وقال لي إن الإنفاق على التكنولوجيا سيشهد ازدهاراً كبيراً في السنوات المقبلة في ظل معاناة العالم من نقص متزايد في العمالة.
وتابع: "لدينا فرصة كبيرة حقاً لشركات التكنولوجيا الأميركية بسبب الذكاء الاصطناعي، الذي يوفر العمالة الرقمية العالمية، لأن هناك نقصاً عالمياً في العمالة. لذا فإن هاتين القوتين تتحدان معًا لتشكلا ما يقرب من عقد من عوائد الأسهم الجيدة بشكل غير عادي".
وأضاف :"أعتقد بأنه سيتم إنفاق الكثير من الدولارات على منتجات التكنولوجيا الأميركية لأن العالم يعاني من نقص 80 مليون عامل بحلول نهاية هذا العقد، وهذا يعني أن حوالي 3 تريليون دولار من رواتب العمال تتحول إلى وادي السيليكون، وهذا يعني أن الموردين الأميركيين للذكاء الاصطناعي سوف يحققون معدل إيرادات يبلغ 3 تريليون دولار".
أسهم التكنولوجيا
ومع قيام المزيد من الشركات بإنفاق تريليونات الدولارات على التكنولوجيا لمعالجة النقص العالمي في العمالة، فإن ذلك من شأنه أن يدفع قطاع التكنولوجيا إلى تشكيل 50 بالمئة من مؤشر S&P 500. (ويشكل قطاع تكنولوجيا المعلومات حاليا حوالي 30 بالمئة من المؤشر).
وقال لي "إذا كانت الشركات الأميركية تنمو أرباحها بهذه السرعة، فإن مضاعف السعر إلى الربحية في الولايات المتحدة ينبغي أن يرتفع. وسوف تتدفق رؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة. وفي أي مكان آخر في العالم تجد أفضل وأهم شركات التكنولوجيا، فهي كلها في الأساس في أميركا".
عوامل مختلفة
من جانبه، قال خبير الشؤون الاقتصادية، مازن أرشيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن الاستراتيجيين الأكثر تفاؤلاً في وول ستريت يتوقعون أن تتضاعف سوق الأسهم ثلاث مرات بحلول العام 2030 نتيجة عدة عوامل متكاملة.
وعدد أرشيد العوامل التي تسهم في تحقيق هذا الهدف وتشمل:
- الابتكار التكنولوجي الذي يعتبر أحد العوامل الرئيسية، فالتقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء تعزز الكفاءة والإنتاجية، مما يزيد من أرباح الشركات وقيمتها السوقية.. مثال على ذلك، شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "أبل" و"أمازون" شهدت نموًا كبيرًا في قيمتها السوقية بفضل الابتكارات المستمرة التي تعزز من قدرتها على تقديم منتجات وخدمات جديدة وتحسين العمليات التشغيلية.
- السياسات النقدية الداعمة تلعب أيضاً دوراً مهمًا في تعزيز سوق الأسهم. منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، تبنت البنوك المركزية سياسات نقدية توسعية مثل تخفيض أسعار الفائدة وشراء الأصول. هذه السياسات توفر السيولة في الأسواق المالية وتخفض تكلفة الاقتراض للشركات، مما يعزز من استثماراتها وقدرتها على النمو. استمرار هذه السياسة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في مرحلة تالية، على سبيل المثال، يمكن أن يدعم النمو الاقتصادي ويسهم في تعزيز قيمة الأسهم في المستقبل.
- التعافي الاقتصادي العالمي المتوقع هو عامل آخر يدعم التوقعات بنمو سوق الأسهم. فبعد تأثير جائحة كوفيد-19، يشهد الاقتصاد العالمي فترة من التعافي والنمو القوي. هذا النمو يترافق مع زيادة الطلب على السلع والخدمات، مما ينعكس إيجابًا على أداء الشركات وقيمتها السوقية. هناك توقعات بنمو الاقتصاد العالمي خلال الأعوام القادمة مما يشير إلى فرص كبيرة للنمو في الأسواق المالية.
- التحولات الديموغرافية كذلك تلعب دوراً في هذه التوقعات المتفائلة.. فارتفاع معدلات التقاعد في الدول المتقدمة وزيادة الاعتماد على خطط التقاعد المدعومة بالأسهم يعزز من تدفقات الاستثمارات إلى سوق الأسهم.
- بالإضافة إلى ذلك، دخول الأجيال الشابة إلى سوق العمل وزيادة مدخراتها واستثماراتها في الأسهم يمكن أن يعزز من الطلب على الأسهم، مما يدفع قيمتها السوقية للارتفاع. كل هذه العوامل مجتمعة تساهم في تعزيز التوقعات بنمو قوي للسوق المالية في السنوات المقبلة.
مبررات قوية
وعلق المحلل المالي وعضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد CISI وضاح الطه، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن هناك دراسات وتحليلات تشير إلى احتمالية وصول مؤشر "S&P 500" لأكبر 500 شركة أمريكية من حيث القيمة السوقية إلى مستويات الـ 15 ألف نقطة بحلول 2030، واصفًا هذا التحليل باتسامه بالموضوعية والتفاؤل، خصوصاً وأنه لم يأت بذلك من فراغ بل يستند إلى مبررات قوية.
ورصد الطه هذه المبررات في عدة نقاط كما يلي:
- ارتفاع معدل أعمار الأميركيين ما بين 30 إلى 50 عامًا بشكل ملحوظ ، وبالتالي فإن سوق الأسهم تمثل أحد الأوعية الاستثمارية الهامة لهذه الفئة العمرية، وهذا ما ستنتج عنه احتمالية ارتفاع عدد المساهمين في سوق الأسهم.
- شركات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت تمثل وجهة استثمارية قوية، فهناك حالة من التهافت من قبل المستثمرين على شراء أسهم هذه الشركات، وهذا ما سيأخذ الأسواق إلى مدى لم نكن نتخيله من قبل، مستشهداً بشركة إنفيديا التي نجحت في فترة زمنية قياسية في المنافسة على المركز الأول من حيث القيمة السوقية، متوقعًا تكرار هذا السيناريو في ظل الاتجاه إلى تفعيل الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر الفترة المقبلة.
- القطاع التكنولوجي في المرحلة الحالية يعتبر العامل الرئيسي في وصول السوق الأميركية إلى هذه المستويات الخيالية من النقاط.
- متوسط الأرباح ارتفع بشكل كبير إلى مستويات تقارب الـ 20 بالمئة وهي مستويات لم تشهدها وول ستريت منذ فترة طويلة، فالأرباح تتزايد بشكل كبير وعندما يحدث ذلك فإن توزيعات الأرباح ترتفع هي الأخرى والتي بدورها جزء منها يضخ مرة ثانية في السوق والجزء الأخر يوجه كعائد إلى حملة الأسهم ويساهم بشكل مباشر في زيادة الناتج المحلي الأمريكي بشكل عام.