هل يعيد دعم ظريف لـ"بيزشكيان" الإصلاحيين إلى رئاسة إيران؟
23:12 - 22 يونيو 2024أثار تعيين المرشح الإصلاحي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، مسعود بيزشكيان، لوزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف مستشاراً له في السياسة الخارجية، تساؤلات بشأن ما يمكن أن يقدمه في مسار الانتخابات المقرر عقدها يوم 28 يونيو الجاري.
ويعتقد مختصون في الشؤون الإيرانية في حديثهم لـ"سكاي نيوز عربية"، أن وقوف ظريف إلى جانب بيزشكيان يمثل "نقطة تحول ودعم قوي" للإصلاحي الوحيد إلى جانب المرشحين المحافظين الخمسة بالانتخابات، كما يعد ذلك بمثابة رسالة للغرب بشأن الموقف المحتمل للسياسة الخارجية الإيرانية حال فوز بيزشكيان، والتغيير الذي قد يطرأ عليها.
وانضم ظريف إلى بيزشكيان في الحملة الانتخابية في أصفهان، وحث الناخبين على عدم مقاطعة الانتخابات قائلًا إن "عدم التصويت ليس رسالة، وعدم التصويت يعطي السلطة للأقلية، وهذه الأقلية هي التي تقود إيران إلى ظروف مزرية"، على حد قوله.
من جانبه، قال "بيزشكيان" إنه يريد تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، حيث اتهم خصومه المحافظين بإفساد الاقتصاد الإيراني من خلال عدم القيام بما يكفي لإحياء الاتفاق النووي مع الغرب الذي أدى إلى رفع بعض العقوبات.
دعم المرشح الإصلاحي
ينظر إلى جواد ظريف، الذي كان كبير الدبلوماسيين الإيرانيين بين عامي 2013 إلى 2021، على أنه "مهندس" الاتفاق النووي عام 2015 من جانب إيران، والذي دافع عنه باعتباره حقق نتائج اقتصادية مباشرة لطهران، وساهم في رفع العقوبات على بلاده بين عامي 2016 و2017 قبل أن ينسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منه عام 2018.
أما بيزشكيان فاشتهر بموقفه الإصلاحي، وانتقد تعامل الحكومة مع المعارضة السياسية بعد الاحتجاجات المثيرة للجدل التي أعقبت الانتخابات عام 2009، وطالما أيد بقوة الاتفاق النووي، وكثيرا ما تحدث لصالحه في البرلمان.
وبحسب المجلس الأطلسي (مؤسسة بحثية)، فقد أيد الإصلاحيون بيزشكيان، بمن فيهم الرئيس السابق محمد خاتمي، كما حشدت الأحزاب والشخصيات الرئيسية في هذا الفصيل السياسي جهودها لضمان فوز بيزيشكيان في الانتخابات الرئاسية، وبالإضافة إلى ذلك، تم اختيار جواد ظريف، مستشارا للسياسة الخارجية ويشارك بنشاط في حملته الانتخابية.
وأوضح المجلس أن بيزشكيان وظريف لديهما القدرة على تغيير قواعد اللعبة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بيد أن المرشح الإصلاحي يواجه عقبات كبيرة على رأسها معالجة مخاوف الإصلاحيين والناخبين الذين ما زالوا يشعرون بخيبة الأمل من قمع الاحتجاجات والوضع الداخلي لإيران.
واعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن في وجود ظريف إلى جانب بيزشكيان ثمّة إشارة بشأن التغيير الذي يطرأ على نهج إيران في السياسة الخارجية، بما في ذلك الحاجة إلى التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي، إذا فاز في الانتخابات.
وأشارت تقارير إيرانية، إلى أن عودة ظريف لدعم بيزشكيان هي بمتابة رسالة بأن الانتخابات الراهنة قد تكون الفرصة الأخيرة للمشروع الإصلاحي في إيران.
سلاح ذو حدين
اعتبر مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز، أن دعم ظريف لبيزشكيان يمثل"سيف ذو حدين"، إذ أحيا حملته وحشد الكثيرين خلفه ممن يرغبون في رؤية نهاية لعزلة إيران الدولية، لكنه في الوقت نفسه أحيا المتشددين لمنع ما يعتبرونه "ولاية روحاني الثالثة".
وقال فايز في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "ظريف، دبلوماسي بارع، لم يتصرف قط كسياسي، لذا فإن الدور الذي يلعبه الآن غير عادي تماما وربما يدل على مستوى اهتمامه بمستقبل البلاد ومستقبله في آن واحد".
وأشار إلى أن "أكبر منافس لبيزشكيان هو اللامبالاة السياسية على نطاق واسع، فلن يكون لديه مسار واقعي نحو رئاسة إيران، ما لم يتجاوز معدل الإقبال على الانتخابات معدل الـ 65 بالمئة".
هل يُحدث "ظريف" حراكًا؟
يرى الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، وجدان عبد الرحمن، أن "الحراك الكبير الذي تشهده إيران من وجود ظريف مع بيزشكيان يأتي في ظل الاعتقاد أن ما يراه ظريف يختلف عما يراه الآخرين، بشأن كون الحكومات المتشددة ستجر البلاد لمزيد من الأزمات، وقد يكون هناك إعادة للبند السابع على إيران (الخاص بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح)، وهذا ما يتخوف منه كبير الدبلوماسيين الإيرانيين السابق، لذلك ظهر بهذه القوة خلال الأسابيع الأخيرة خوفًا على النظام ذاته".
ومع ذلك، يعتبر عبد الرحمن في في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن ظريف "ابن النظام الإيراني، ويخاف عليه حتى أكثر من المتشددين أنفسهم، وما يقوم به هو حراك دعائي لجر الناخبين إلى لجان الاقتراع"، مشيرا إلى أن المرشد الإيراني هو من يفرض أسماء عدة وزراء على رأسها الخارجية والداخلية والاستخبارات، وبالتالي جرى ترشيح "ظريف" خلال توليه هذه الحقيبة من "بيت المرشد".
وأوضح أن مهمة ظريف ستكون صعبة لمساعدة بيزشكيان في الفوز بالانتخابات، مضيفا: "لا أتصور أن ظريف والتيار الإصلاحي برمته وحتى جبهة الحرية التي أعلنت مؤخرًا دعمها لمسعود، يستطيعون إعادة الإصلاحيين من جديد، وحتى إن نجحوا سيأتي بيزيشكيان للحكم في ظل برلمان يتحكم فيه المتشددون ستكون هناك صعوبة لدي الحكومة القادمة، وهذا مستبعد".
ولفت عبد الرحمن إلى أنه "ليس بالأمر السهل أن يستطيع ظريف مساعدة بيزيشكيان خاصة أن الفترة الزمنية للدعاية الانتخابية قصيرة، ووسط اثنين من الخصوم الأقوياء هم: رئيس البرلمان والضابط السابق في الحرس الثوري الإيراني محمد باقر قاليباف، والمفاوض النووي السابق سعيد جليلي".
دعم.. وبرنامج انتخابي
يرى المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة الوفاق الإيرانية، مختار حداد، أن "دعم الشخصيات السياسية للمرشحين دائما ما كان موجودا بكافة الدورات الانتخابية، خاصة عندما يكون المرشح وداعميه من تيار واحد".
ويضيف حداد لكن "هذا ليس معناه أن دعم شخصية معروفة لمرشح يؤدي للحصول على أصوات إضافية كثيرة، لأن الناخب الإيراني يبحث عن برنامج المرشح الانتخابي، وقد يكون لدعم ظريف بعض التأثير على معجبيه لدعم بيزشكيان، لكن في نهاية الأمر فالمواطن ينظر لما يقدمه المرشح وحديثه خلال المناظرات الانتخابية".
ويشير المتحدث إلى أن "ظريف يدعم بيزشكيان مؤخرًا وهو حاضر كأحد الشخصيات الداعمة له في السباق الانتخابي إضافة لعدد من الشخصيات ثقافية وسياسية الأخرى، لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل لما يعرضه المرشح من برنامج انتخابي يدفع الناخب لاختياره".