طموحات مايلي.. هل يمكن للأرجنتين حجز مكانها على خارطة الـAI؟
08:49 - 20 يونيو 2024يسعى الرئيس الأرجنتيني، خافيير مايلي، إلى جعل بلاده في مركز متقدم للذكاء الاصطناعي في العالم، حسبما قال أحد مستشاريه، واعداً بتنظيم عدم التدخل لجذب رؤساء التكنولوجيا الأميركيين إلى الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية المضطربة.
ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية في هذا السياق، عن رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين لمايلي ومنظم اجتماعات الرئيس رفيعة المستوى مع "أوبين إيه آي" و"غوغل" و"ميتا" و"آبل" الشهر الماضي، ديميان ريدل، قوله:
- الاستثمار في الأرجنتين سيوفر للشركات "تحوطاً" ضد المخاطر التنظيمية المتزايدة في الولايات المتحدة وأوروبا.
- "الأرجنتين لديها رئيس يطرح بالفعل أفكار الحرية والتنظيم المنخفض والمشاريع الحرة، وقد استحوذ على خيال عالم التكنولوجيا".
ويقول المسؤول الأرجنتيني: "الناس لا يدركون أنه إذا كان كل هؤلاء الناس يريدون مقابلتنا (في إشارة إلى الرؤساء التنفيذيين بشركات التكنولوجيا الذين التقى بهم الرئيس خافيير مايلي في الفترات الأخيرة).. إنها مصلحة مشتركة، من حيث الاستثمار، وما سنقدمه لهم من حيث التنظيم ومكان صديق للأعمال".
وأضاف ريدل أنه كان يتحدث إلى الشركات منذ أشهر حول التنظيم والمزايا التنافسية التي تتمتع بها الأرجنتين، والتي تشمل السكان المتعلمين جيداً وإمدادات كبيرة من الأراضي لمراكز البيانات. وأفاد بأن الاجتماعات كانت "ودية للغاية".
منافسة
ويشار إلى أن حكومات أخرى في أميركا اللاتينية تتنافس أيضاً لتصبح وادي السيليكون في المنطقة، وقال محللون إن شركات التكنولوجيا القادمة إلى الأرجنتين ستحتاج إلى القيام باستثمارات كبيرة في البنية التحتية، مثل الخوادم، والاستعداد لمواجهة المخاطر السياسية والاقتصادية الكبيرة، بحسب صحيفة "فاينانشال تايمز".
ونقلت الصحيفة عن كبير المحللين في بوينس آيرس في شركة ميدلي جلوبال أدفايزرز لاستشارات المخاطر، إجناسيو لاباكي، قوله: "سيحتاجون إلى رؤية الأرجنتين تتخلص من ضوابط رأس المال الصارمة، وتمرير إصلاحات اقتصادية طويلة الأجل قبل طرح الأموال.. هذه العملية بالكاد بدأت وسأكون حذرا."
وقال ريدل إن الضغوط التنظيمية في أماكن أخرى من شأنها أن تدفع الشركات إلى البحث عن أماكن جديدة للاستثمار، مشدداً على أن القواعد "المقيدة للغاية قتلت الذكاء الاصطناعي في أوروبا". كما أضاف أن المناقشات في الولايات المتحدة، حيث يدرس المشرعون في كاليفورنيا قواعد جديدة لسلامة الذكاء الاصطناعي ، تشير إلى أن البلاد "قد ينتهي بها الأمر إلى السير بنفس الطريقة".
ووفق المسؤول الأرجنتيني، فإنه بعد الاجتماعات -المشار إليها- "قمنا بتعديل خططنا، وخرجنا بخطط ملموسة جدًا للاستثمارات".
عوامل داعمة
من الولايات المتحدة، يقول الخبير في تكنولوجيا المعلومات، الدكتور أحمد بانافع، إن هناك عوامل عدّة تساعد الأرجنتين في أن تصبح مركزاً رائداً في الذكاء الاصطناعي، بينما الوضع الاقتصادي بالبلاد يهدد تلك الطموحات.
ويشير في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن هذه العوامل، تتمثل في القوى العاملة المتوفرة؛ ذلك أن لدى الأرجنتين عدداً كبيراً من المهندسين والخبراء والكوادر التي يمكن تأهيلها للقطاع. علاوة على ذلك، من بين الأمور التي يمكنها أن تشكل داعماً لهذا التوجه مسألة "التعليم الجيد نسبياً"، ذلك أن الأرجنتين تتمتع بنظام تعليمي مستقر، مما يساعد على تخريج المزيد من المتخصصين في المجالات العلمية والتقنية.
ومن بين العوامل أيضاً البيئة التنظيمية التي يمكن أن تكون أكثر تساهلاً من الضوابط المطروحة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.
ويعتقد بانافع بأنه "إذا ما استثمرت الحكومة الأرجنتينية والشركات الكبرى داخل وخارج الأرجنتين في مشاريع البحث والتطوير المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، فقد يساعد ذلك على جذب المزيد من الاستثمارات والمواهب. كما ينوه إلى دور "التعاون الدولي"، فقد تستفيد الأرجنتين من التعاون مع دول أخرى رائدة في الذكاء الاصطناعي لتبادل الخبرات والمعرفة (وهذا ما يسعى إليه الرئيس مايلي).
ويضيف: هناك بعض التحديات التي يجب على الأرجنتين معالجتها لتحقيق حلمها للتحول كمركز لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أهمها على الإطلاق يتمثل في نقص التمويل، إذ لا يزال التمويل المخصص للبحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي في الأرجنتين منخفضاً مقارنة بالدول المتقدمة (في ضوء الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد). علاوة على العامل المرتبط بـ "هجرة المواهب".
لكن السلطات في الأرجنتين تسعى جاهدة إلى استمالة عمالقة التكنولوجيا، مرتكزة على خطاب الحرية الذي تتبناه بعيداً عن القيود التنظيمية التي تواجه شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة وأميركا.
ويلعب الرئيس مايلي دوراً بارزاً في التواصل مع مسؤولي التكنولوجيا العالميين للترويج لبلاده كوجهة للاستثمار في قطاع الذكاء الاصطناعي.
- تأتي خطط الرئيس خافيير مايلي للأرجنتين وسط أزمة اقتصادية حادة دفعت التضخم السنوي إلى 289 بالمئة. وبعد ستة أشهر من رئاسته، لم تقم حكومة الأقلية التي يتزعمها بتمرير أي قوانين في الكونغرس الأرجنتيني لتحرير الاقتصاد وجذب الاستثمار.
- لكن انتقاداته اللاذعة للزعماء الغربيين، الذين اتهمهم بـ "استمالتهم" من قبل الاشتراكية في خطاب ألقاه في دافوس في يناير الماضي، أكسبته معجبين في قطاع التكنولوجيا الذي أصبح هدفاً للتنظيم بشكل متزايد من قبل صناع السياسات الأوروبيين والأميركيين، بحسب الصحيفة البريطانية.
وفي شهر مايو الماضي، عقد مايلي وريدل اجتماعات خاصة في كاليفورنيا مع الرؤساء التنفيذيين بما في ذلك سام ألتمان من شركة"أوبين إيه آي" وتيم كوك من شركة أبل، واستضافا قمة مع مستثمري ومفكري الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك صاحب رأس المال الاستثماري مارك أندريسن وعالم الاجتماع لاري دايموند. كما التقى الرئيس الأرجنتيني بالرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك مرتين.
الدعم الحكومي ونقص التمويل
وفي السياق ذاته، يشير أخصائي التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، إلى أن الأرجنتين تظهر عديداً من الفرص لتحولها إلى مركز رئيسي لتقنيات الذكاء الاصطناعي بمنطقة أميركا اللاتينية، ويرجع ذلك إلى عدّة أسباب أهمها أن البلاد تتميز الأرجنتين بموارد بشرية كبيرة، ولديها عدد من المؤسسات التعليمية التي تخرج عدداً كبيراً من المهندسين والعلماء، لافتاً في الوقت نفسه إلى الاهتمام الذي تُظهره الحكومة بالبلاد بقطاع الذكاء الاصطناعي.
يتجلى ذلك الاهتمام بوضوح في لقاءات الرئيس الأرجنتيني بقادة شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة الأميركية وعلاقاته معهم، وعلى رأسهم المدير التنفيذي لشركة تسلا ومالك منصة X إيلون ماسك.
ويضيف الناطور: "تظهر الحكومة الأرجنتينية اهتماماً كبيراً بتقنيات الـ AI على مستوى عال.. وتعمل على الاستفادة من التجارب المختلفة لإطلاق عدّة برامج تهدف إلى البحث والتطوير في هذا المجال، لا سيما كمصدر دخل من باب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي".
ويرى أن الأرجنتين لديها بيئة أعمال ملائمة للاستثمارات في هذا القطاع، لا سيما بفضل انخفاض التكاليف والأجور نسبياً، والدعم الحكومي المستمر المتمثل في تشجيع المستثمرين في هذا القطاع على العمل في البلاد.
لكن أخصائي التطوير التكنولوجي، يوضح أن الأرجنتين تواجه كثيراً من التحديات في مجال الـ AI رغم كافة الجهود التي تسعى إليها؛ أبرزها شح التمويل الموجهة لهذا المجال، مقارنة بالدول المتقدمة (..) علاوة على ضعف البنية التحتية، حيث أنها بحاجة إلى تطوير البنية التحتية التقنية لتلبية متطلبات الذكاء الاصطناعي.