صعود أسهم السيارات الكهربائية الصينية ارتفاع حقيقي أم فقاعة؟
18:52 - 13 يونيو 2024شهدت أسهم شركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية ارتفاعاً ملحوظاً، بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي رسوماً إضافية تصل إلى 38 بالمئة على المركبات الكهربائية الصينية الأربعاء.
هذا الأمر أثار موجة من التساؤلات حول دلالات هذا الارتفاع فيما إذا كان حقيقياً ويقدم فرصاً استثنائية للمستثمرين الذين يتطلعون إلى الاستفادة من النمو المتسارع لصناعة السيارات الكهربائية، أم أنه مجرد فقاعة مؤقتة مدفوعة بمضاربات السوق أو تدخلات حكومية.
وتعد صناعة السيارات الكهربائية من أهم محركات النمو الاقتصادي في الصين، حيث تسهم بشكل كبير في خلق فرص العمل وزيادة الصادرات، وجاءت الرسوم الجديدة في الوقت الذي تشهد فيه الصين ازدياداً ملحوظاً في صادرات السيارات الكهربائية، خاصة في شهر مايو الماضي.
وأشار تقرير لشبكة (سي إن بي سي) اطلعت عليه سكاي نيوز إلى ارتفاع أسهم شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن الرسوم الجديدة.
وذكر التقرير أن شركة "بي واي دي" التي كانت المتصدرة في مؤشر "هانغ سينغ" في هونغ كونغ حققت قفزة بنسبة 8 بالمئة خلال تداولات صباح الخميس، لكنها خفضت بعض المكاسب لتتداول عند حوالي 6 بالمئة بعد الظهر، وارتفعت أسهم "جيلي" 4 بالبداية، بينما ارتفعت أسهم نظيرتيها "نيو ولي أوتو" 1.5 بالمئة، وانخفضت أسهم شركة "سايك" المدعومة من الدولة بنسبة 1.5 بالمئة في أواخر جلسة تداول بعد الظهر.
ونقلت الشبكة الأميركية عن محللي "سيتي غروب" إن الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها الاتحاد الأوروبي كانت "خفيفة" مقارنة بالتعريفات الجمركية الصارمة بنسبة 100 بالمئة على واردات السيارات الكهربائية الصينية إلى الولايات المتحدة، والتي ارتفعت من 25 بالمئة الشهر الماضي، من قبل إدارة الرئيس جو بايدن.
ويمكن أن تكون زيادة الرسوم الجمركية العقابية مؤثرة على قطاع السيارات الكهربائية، لكنها لن تعرقل التعافي المستمر في الصين".
وأعلن الاتحاد الأوروبي الأربعاء عن فرضه رسوم جمركية إضافية على شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية التي تتمتع بحضور كبير في أوروبا، حيث ستخضع شركة (بي واي دي) لرسوم جمركية إضافية بنسبة 17.4 بالمئة، بينما ستخضع جيلي لرسوم إضافية بنسبة 20 بالمئة.
أما شركة "سايك"، فسيتعين عليها دفع رسوم إضافية بنسبة 38.1 بالمئة، وهي الأعلى بين الثلاثة.
وتأتي هذه الرسوم الجديدة بالإضافة إلى الرسوم الجمركية القياسية البالغة 10بالمئة المفروضة بالفعل على المركبات الكهربائية المستوردة.
ارتفاع الأسهم
وقال مازن سلهب، كبير استراتيجي الأسواق في "BDSwiss MENA" في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن فرض المزيد من الرسوم الجمركية على واردات السيارات الكهربائية الصينية إلى الإتحاد الأوروبي بنسبة تصل 38 بالمئة لم يكن مفاجئاً.
وأوضح أن الخطوة جاءت في سياق متصل من التنسيق الأميركي - الأوروبي لاستيعاب واحتواء مدى ضخامة القدرة الصينية على إغراق الأسواق العالمية بمنتجات أكثر تنافسية سعرياً وتكلفةً وحتى تكنولوجياً، لأن الصين لم تعد تقدم سيارات بسيطة أو أقل تقدماً من مثيلاتها الأوروبية بل على العكس توازيها وتتقدم عليها، بحسب تعبيره.
ولكن من الواضح أن ارتفاع أسهم هذه السيارات الخميس مرتبط بمدى تسعير السوق لنسبة الرسوم الجمركية الأوروبية والتي بقيت أقل بكثير مما فرضته أميركا، حيث تصل الرسوم الجمركية الأميركية إلى 100 بالمئة على السيارات الكهربائية الواردة الى أميركا بينما كانت قبل شهر عند 25 بالمئة فقط، كما أن هذه الرسوم كانت متوقعة أصلاً.
ردة فعل مؤقتة
ويرى سلهب أن ارتفاع هذه الأسهم قد لا يستمر بقوة خاصة مع قرار الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم إضافية على السيارات الصينية التي تسبب انبعاثات أكثر من غيرها داخل الاتحاد الأوروبي لكنه أشار في هذا السياق إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار خمس نقاط أساسية هي:
- هل ستكون صناعة السيارات الكهربائية الأوروبية قادرة أصلاً على اكتساب مزيد من الحصة السوقية في ظل التحول الحاصل حالياً إلى طاقات أكثر استدامة وبالتالي الاستمرار في الطلب على هذه السيارات.
- إن فرض الرسوم الجمركية على هذه السيارات قد لا يؤدي بالضرورة إلى تخفيض الطلب عليها لأننا هنا سندخل في حسابات أكثر تعقيداً للمستهلك العادي مرتبطة بتكلفة صناعة السيارة الأوروبية وبالتالي قد تنتهي هذه الرسوم الجمركية الى رفع أسعار السيارات الصينية التي سيدفعها المستهلك النهائي (المشتري الأوروبي) دون أن يحقق الأوربيون بالضرورة الهدف الأساسي وهو إيقاف زخمها وفي نتيجة غير محسوبة قد ترتفع أرباح هذه الشركات الصينية. هكذا إجراءات ورسوم لن تزيد التجارة الدولية إلا تعقيداً، كما أن المزيد من الإجراءات التقييدية والجمركية سيلغي تدريجياً مبدأ المنافسة العادلة عالمياً.
- لن تجبر هذه الرسوم الصينين على التوقف في تطوير صناعة السيارات الكهربائية وضخ المزيد من الاستثمارات فيها، بل ستصبح أدة سياسية في المفاوضات التجارية مع الأوربيين والأميركيين.
- لا بد من معرفة حقيقة وهي أن ارتفاع الأسهم الخميس مثلاً قد يكون ردة فعل مؤقتة من الشركات المدعومة حكومياً لإعطاء ثقة، لأن الحكومة الصينية غير غائبة أبداً عما يجري في هذا القطاع سواءً كانت الشركات مدرجة داخل الصين أو خارجها) شركة "نيو" مثلاً مدرجة في سنغافورة وهونغ كونغ وكذلك نيويورك.
- لطالما كانت شركات الاستثمار العالمية الكبرى براغماتية في التعامل مع الصين وهذا يعني أنها سوف تستمر في شراء الأسهم الصينية ومنها السيارات الكهربائية لطالما أنها تقدم عائداً جيداً وتوقعات كبيرة للنمو. أسهم (بي واي دي) مرتفعة 31 بالمئة في 2024 مثلاً وبالتالي لا يجب التركيز على معايير قصيرة الأجل.
3 عوامل وراء ارتفاع الأسهم
من جهته، قال علي حمودي الخبير الاقتصادي، الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في "ATA Global Horizons" في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "قد يكون ارتفاع أسهم السيارات الكهربائية الصينية نتيجة لعدة عوامل مجتمعة، منها الدعم الحكومي، الابتكار التكنولوجي، والتوسع في الأسواق العالمية".
وتقدم الحكومة الصينية دعماً كبيراً لشركات السيارات الكهربائية من خلال السياسات التفضيلية والإعانات المالية، بحسب حمودي الذي أشار أيضاً إلى أن الشركات الصينية مثل "نيو" و"بي واي دي" تتقدم بسرعة في تطوير التكنولوجيا الكهربائية والبطاريات ما يعزز مكانتها في السوق، كما سعي الشركات الصينية للتوسع في الأسواق الدولية يعزز من قيمتها السوقية.
لكنه لفت إلى أن الشركات الصينية تواجه منافسة قوية من شركات مثل تسلا وشركات السيارات التقليدية التي تنتقل إلى السيارات الكهربائية، كما أن فرض الاتحاد الأوروبي رسوماً جديدة على السيارات الكهربائية الصينية يمكن أن يعيق توسعها في أحد أهم الأسواق العالمية.
فقاعة محتملة
ويرى حمودي أن هناك مخاوف من أن تكون بعض التقييمات المرتفعة غير مستدامة على المدى الطويل، خاصة إذا انخفض الدعم الحكومي أو واجهت الشركات مشاكل في الإنتاج والجودة، لكنه أكد أنه في حال استمرت الابتكارات التكنولوجية والتوسع في الأسواق الجديدة مع الحفاظ على الجودة، فقد يعكس هذا الصعود نمواً حقيقياً ومستداماً، أما إذا كانت التقييمات مبنية على توقعات غير واقعية في ظل مواجهة الشركات صعوبات كبيرة، فقد نرى تصحيحاً في السوق وقد يؤدي إلى انخفاض الأسعار.
وفي العموم يؤكد الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في "ATA Global Horizons" ضرورة مراقبة التطورات المستقبلية لتحديد ما إذا كان هذا الارتفاع مستداماً أم لا، وفيما إذا كان مدعوماً بعوامل حقيقية.