لقوة الطلب.. قطاع الطاقة النووية يستدعي خبراء "العصر الذهبي"
15:36 - 17 مايو 2024موجة كبيرة من المشروعات الجديدة، دفعت الشركات العاملة بمجال صناعة الطاقة النووية إلى جذب الآلاف من المهندسين المتقاعدين والمهنيين الأكبر سناً، حيث تحاول الشركات الغربية سد فجوة المهارات، في ظل أكبر موجة من المشاريع الجديدة يشهدها القطاع منذ عقود.
وتهدف شركات بناء المفاعلات النووية إلى توظيف عشرات الآلاف من الموظفين، حيث تؤدي المخاوف المتعلقة بتغير المناخ إلى تجدد الاهتمام بتكنولوجيا الطاقة منخفضة الكربون، وفقًا للمطورين والمسؤولين الحكوميين.
وتخطط دول مثل الهند والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وبولندا أيضًا لإنشاء محطات نووية جديدة، وسط مخاوف بشأن أمن الطاقة، والتهديد الذي تتعرض له إمدادات الغاز في أعقاب الحرب في أوكرانيا.
ويتزايد الطلب على المهندسين والمهنيين المتقاعدين الذين يتمتعون بخبرة تمتد لعقود نتيجة للمشروعات الجديدة، بعد أن انتهت الحقبة الذهبية للقطاع، والتي بدأت في أواخر الخمسينيات، وحتى أعقاب كارثة تشيرنوبيل عام 1986، عقبه ركود كبير في القطاع، بسبب الضرر البالغ في محطة فوكوشيما اليابانية في عام 2011 جراء تسونامي.
وبحسب تقرير نشرته "فايننشال تايمز" البريطانية واطلعت عليه "سكاي نيوز عربية"، قال جان مارك ميراوكورت، البالغ من العمر 69 عاماً، وهو مهندس سابق في شركة الطاقة النووية الفرنسية المملوكة للدولة EDF، والذي قدم المشورة للشركة بشأن المناقصات والمشاريع الأخرى منذ تقاعده في عام 2019، إن الطلب على صناعة الطاقة النووية بات أكبر في الوقت الراهن، مشيرا إلى وجود برامج جديدة ملموسة للتوسع بمجال الطاقة النووية.
وقال: "لقد أحببت العمل في وظيفتي، ونحن نعلم أن هناك احتياجات كبيرة حاليا وسيكون من العار عدم مشاركة بعض خبراتنا".
ميراوكورت، والذي كان في السابق مديرا كبيرا، عمل على إطلاق آخر مفاعلات EDF في أواخر التسعينيات، هو واحد من مئات الخبراء النوويين السابقين في فرنسا، والذين يقدمون خدماتهم في الوقت الراهن.
وتشهد فرنسا، وهي أكبر مشغل للطاقة النووية في أوروبا بعدد 56 مفاعلا، العمل على ربط أول مفاعل جديد منذ 25 عاما بشبكة الطاقة هذا الصيف، في نورماندي.
وبحسب تقرير "فايننشال تايمز"، فإن النكسات في المشروع، الذي تأخر 12 عاما عن الموعد المحدد، تعزى جزئيا إلى فقدان المهارات، بما في ذلك الموردين، بعد أن تراجع العالم الغربي عن المشاريع النووية الجديدة.
وهذا يأتي على النقيض مع الصين، والتي طورت من قدراتها لبناء المحطات النووية في السنوات الأخيرة.
المفاعلات النووية حول العالم
يمثل عدد المفاعلات النووية الجديدة لدى الصين وروسيا أكثر من ثلثي كافة المفاعلات الجديدة التي يتم بناؤها في العالم بأسره، وفق وكالة الطاقة الدولية.
فرنسا، من جانبها، تخطط لبناء 6 مفاعلات جديدة خلال السنوات المقبلة، ومن الممكن أن يرتفع العدد إلى 14 مفاعلا.
أما دول مثل السويد واليابان، فقد قررت تقليص مشروعاتها النووية، وتراجعت عن مشروعات تم التخطيط لها.
وأما الولايات المتحدة، التي تمتلك أكبر عدد من المحطات النووية في العالم يتكون من 94 مفاعلا، فتعمل على تطوير تقنيات نووية من الجيل التالي، وهي من بين الدول التي تسعى أيضا إلى إنتاج نماذج أصغر للمفاعلات.
وتقدر وزارة الطاقة الأميركية أن الصناعة ستحتاج إلى 375 ألف عامل إضافي بحلول عام 2050، وأن حوالي 55 ألفًا من هذه الوظائف ستكون مطلوبة بحلول عام 2030.
وقالت ماري بيير دي مونتيسوس، الخبيرة بمجال الطاقة النووية من فرنسا: "لقد نما الطلب بالفعل. بعد الشتاء النووي الذي شهدناه، لم تكن هناك استثمارات وتم تجميد التوظيف. ونحن الآن نذهب ونرى الشركات الكبرى ونبين لهم أن مهارات المتقاعدين تساوي وزنهم ذهباً".
وبحسب التقرير، فإن هذه الظاهرة، والتي تتمثل في التمسك بالخبرات في مجال الطاقة النووية، بما في ذلك التمسك بالعمال للبقاء كمستشارين، لا تقتصر على أوروبا.
وقال كريغ بيرسي، الرئيس التنفيذي للجمعية النووية الأميركية، والتي تمثل العلماء والمهندسين وغيرهم من المهنيين: "إنني أرى الكثير من الناس يتقاعدون ولا يتقاعدون. الناس يبقون في العمل لفترة أطول"، بحسب تعبيره.
والأمر الذي يدفع الشركات لاستدعاء الخبرات السابقة في قطاع الطاقة النووية، سينعكس أيضا على الخبرات الناشئة في الصناعة.
وبحسب التقرير، فإن كثير من المهنيين الناشئين ليس لديهم أي علم عن موعد انتهاء مسيرتهم المهنية.
فهل سيمثل قطاع الطاقة النووية استثناء لموعد تقاعد العاملين بسبب الطلب الكبير؟