هل يفاقم انضمام موسى هلال للجيش السوداني تعقيدات الحرب؟
16:07 - 27 أبريل 2024أثار إعلان الزعيم القبلي ورئيس "مجلس الصحوة الثوري" موسى هلال انضمامه إلى الجيش السوداني في الحرب الحالية المندلعة مع الدعم السريع، مخاوف من التبعات القانونية التي يمكن أن تترتب على الجيش بسبب إدراج هلال في قائمة العقوبات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي في العام 2006 على خلفية اتهامات بارتكاب مجموعات كان يقودها انتهاكات كبيرة خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في دارفور في 2003.
كما أثارت الخطوة مخاوف كبيرة حول التعقيدات التي يمكن أن تضيفها للوضع المتأزم في إقليم دارفور الذي يشهد اضطرابات متزايدة تفاقمت أكثر بعد اندلاع الحرب الحالية، وسط قلق شديد من خطورة الاصطفافات القبلية في إقليم كان البعد الإثني سببًا رئيسيًا في إشعال الصراع الذي أدى إلى انقسامات حادة نجم عنها بروز أكثر من 87 حركة مسلحة، وسط تقارير تشير إلى انتشار أكثر من مليوني قطعة سلاح بين السكان الذين ينتمون لأكثر من 30 مجموعة قبلية.
ويتزعم هلال قبيلة المحاميد التي تعتبر أحد ثلاثة فروع تتكون منها قبيلة الرزيقات التي ينتمي لها محمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع لفرعها الثالث وهو الماهرية.
اتفاق وتنافس
وزعمت وسائل إعلام محلية أن اتفاقًا تم بين قيادات الجيش وموسى هلال ينص على ضم قواته للقتال إلى جانب الجيش في الحرب الحالية مقابل امتيازات مالية ومناصب في الحكومة المخطط تشكيلها. لكن عددًا من زعماء الإدارات الأهلية وأمراء قبيلة المحاميد رفضوا قرار موسى هلال وقالوا إنه لا يمثل إلا نفسه.
وعقد أمراء قبيلة المحاميد مؤتمرًا صحفيًا بمدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور الثلاثاء تبرؤوا فيه من تصريحات موسى هلال.
وقال الأمير سنوسي الطاهر كرشوم إن المحاميد تضرروا كثيرًا من حرب الجيش. ومن جانبه قال الأمير عبد الرحمن كبرو إننا كمحاميد لم نفوض موسى هلال للحديث إنابة عننا، وأضاف "نحن نمثل أكثر من 75% من قوات الدعم السريع كيف ننضم إلى الجيش الذي سيطرت عليه جماعات إسلامية متشددة تقتل أبناءنا وتمثل بهم".
وفي العام 2003 وقف هلال إلى جانب الحكومة المركزية في الخرطوم ضد حركات التمرد في دارفور. لكن منذ العام 2006 وضع هلال في قائمة الحظر والعقوبات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي على خلفية تشكيل وتنسيق مليشيات الجنجويد التي يتهمها الغرب بارتكاب جرائم حرب في دارفور ومهاجمة السكان من ذوي الأصول الأفريقية.
وفي يناير 2008، عينه البشير مستشارًا لوزير الحكم الاتحادي، واصفًا إياه بأنه مواطن سوداني وشخصية شديدة التأثير في دارفور.
ومع حلول العام 2015 بدأت الخلافات تدب بينه وبين الحكومة بسبب الصعود السريع لحميدتي. وفي منتصف 2017 تصاعدت حدة الخلاف بين هلال وحميدتي بصورة غير مسبوقة، إلى أن اعتقلته الحكومة في نهاية ذلك العام بعد رفضه قرارًا حكوميًا قضى بدمج قوات حرس الحدود -التي يقود غالبها- في قوات الدعم السريع، التي يقودها حميدتي.
وخلال العامين الأخيرين، تحسنت العلاقات بشكل نسبي بين حميدتي وهلال، مما دفعه لاتخاذ موقفًا محايدًا منذ بداية الحرب، لكن التغيير الأخير كان مفاجئًا بالنسبة للكثير من المراقبين.
مخاوف وتعقيدات
مع اتساع رقعة الحرب في إقليم دارفور ومناطق أخرى من البلاد، تتزايد المخاوف من أن يؤدي الاصطفاف القبلي المتنامي إلى المزيد من التعقيدات في دارفور وتحويل الحرب إلى حرب أهلية تصعب السيطرة عليها.
وعند اندلاع الحرب في دارفور في العام 2003، والتي أدت إلى قتل وتشريد نحو 3 ملايين وتعرض العديدين للتعذيب والقتل والاغتصاب، لجأ نظام المخلوع عمر البشير إلى الاستعانة بقيادات قبلية محلية كانت تضم مجموعات متخصصة في النهب المسلح والترويع وهي المجموعات التي شكلت قوام المليشيا التي كونها موسى هلال.
وبفعل التمويل الضخم الذي كان يحصل عليه من حكومة البشير والذي قُدر بمليارات الدولارات وهيمنته على الآلاف من أفراد المليشيا القبلية التابعة له، اكتسب هلال نفوذًا قويًا في الإقليم، ويُعتقد أنه قاد بنفسه في مراحل مختلفة هجمات منظمة ضد المدنيين في عدد من مناطق الإقليم التي ارتكبت فيها أعمال قتل واغتصاب ونهب راح ضحيتها الآلاف من المدنيين العزل معظمهم من النساء والأطفال.
ويُعتقد على نطاق واسع وجود تعاون وثيق بين موسى هلال وعلي محمد علي عبد الرحمن المعروف بـ "كوشيب" الذي تجري محاكمته حاليًا في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي تحت طائلة الاتهام بالمشاركة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، ضمن قائمة تضم البشير الذي تولى رئاسة السودان خلال الفترة من 1989 وحتى أبريل 2019 عندما أطاحت به ثورة شعبية اندلعت في ديسمبر 2018.
ويشير الناشط الدارفوري أدم محمد إلى "ارتباط قوات موسى هلال بالعديد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية"، مما يضعه تحت طائلة القانون باعتباره زعيمًا لتلك المجموعة التي صنعها نظام البشير لتنفيذ أجندة تطهيرية في المنطقة.
ويقول محمد لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الجرائم التي ارتكبتها مجموعة هلال لا تنفصل عن طبيعة تركيبة المليشيات القبلية الأخرى التي تكونت في الأساس من قطاع طرق ومجموعات متخصصة في النهب المسلح. لكن هلال نفى في عدد من المناسبات مسؤوليته عن ارتكاب فظائع مشيرًا إلى أنه كان يسهل لرجال القبائل التابعين له مهمة الدفاع عن أراضيهم بعد دعوة حكومية للدفاع الشعبي ضد "المتمردين".
الإضرار بالجيش
أكدت مصادر رفض عدد من قيادات الجيش إعطاء مجموعة هلال وضعية مستقلة ضمن متحركات الجيش، مبدية مخاوفها من حدوث اختراقات بسبب الانتماءات القبلية المشتركة والتعقيدات المحيطة بذلك. كما عبر البعض عن مخاوفهم من أن يؤدي وجود قوات هلال إلى إضعاف موقف الجيش بشكل أكبر أمام المجتمع الدولي باعتبار أنه مدرج في قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي.
وفقًا للخبير القانوني كمال محمد الأمين عبد السلام، فإنه وفي حال ثبوت استئناف الجيش التعامل مع موسى هلال فإن ذلك يعني مخالفة قرارات مجلس الأمن الدولي مما يلقي بتبعات قانونية متعددة على الجيش السوداني.
ويوضح عبد السلام لموقع "سكاي نيوز عربية" أن مجلس الأمن أصدر عقوبات على هلال بموجب الفقرة 3 من قانون المجلس وهذا يعني أنه تمت إدانته بالاشتراك في ارتكاب جرائم خطيرة في دارفور".
ويضيف "لا يجوز قانونًا التعامل مع هلال لأن ذلك سينعكس سلبًا على علاقة السودان الخارجية".
ويبدي المحامي المعز حضرة استغرابه من قبول الجيش التعاون مع مجموعة موسى هلال، معتبرًا أن ذلك يشكل استمرارًا لعقلية استنساخ المليشيات التي يرى أنها أحدثت أضرارًا بالغة بالبلاد ونسيجها الاجتماعي.
ويقول حضرة لموقع "سكاي نيوز عربية" "انضمام هلال للجيش رغم إدانته من مجلس الأمن الدولي سيحدث ضررًا قانونيًا كبيرًا بالجيش وسيجعله أمام عزلة جديدة ربما تمنع التعاون الدولي معه وتغلق عليه منافذ التسليح القانونية وهذا أمر خطير للغاية".