رد إسرائيل على هجوم إيران.. هل يكون "محدودا"؟
23:52 - 16 أبريل 2024على الرغم من التحذيرات الأميركية، لا تزال الأوساط الإسرائيلية تنتظر ردا على الهجمات التي نفذتها إيران ليل السبت الماضي، في وقت تزايدت التخوفات من تأثير ذلك على مزيد من تصاعد الصراع في المنطقة، وسط جهود إقليمية ودولية لإخماد تلك التوترات.
ومع ذلك، يتوقع محللون عسكريون ومراقبون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن يكون الرد الإسرائيلي المُحتمل على إيران "محدودا"، إذ قد يشمل أهدافا "هامشية" لا تُثير الغضب الإيراني مجددا، تزامنا مع ضغوط أميركية على الحكومة الإسرائيلية لتفادي انزلاق المنطقة لمواجهات جديدة.
وذكر العسكريون أنه من المرجح أن تشمل الضربات الإسرائيلية المتوقعة أهدافا لوكلاء إيران في المنطقة، عوضا عن ضربات مباشرة على طهران، وسط ميل داخلي في إسرائيل لتنفيذ رد "يحفظ ماء وجهها" بعد الاستهداف الإيراني.
مؤشرات على رد إسرائيل
- ناقشت حكومة الحرب الإسرائيلية، كيفية الرد على الهجوم الجوي غير المسبوق الذي شنته إيران، بشكل يضمن عدم إثارة غضب الحلفاء الدوليين أو إهدار فرصة لبناء تحالف دولي استراتيجي ضد طهران.
- ذكرت "واشنطن بوست" أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من الجيش الإسرائيلي تقديم خيارات للأهداف التي يمكن ضربها في إيران، في حين قال مسؤول مطلع على النقاشات إن إسرائيل تبحث خيارات من شأنها أن "تبعث رسالة لكنها لا تتسبب في وقوع إصابات".
- تشمل هذه الخيارات "ضربة محتملة على منشأة في طهران، أو هجوما إلكترونيا"، وفقا للصحيفة الأميركية.
- كما قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، خلال زيارته قاعدة نيفاتيم جنوبي البلاد، إن إسرائيل "سترد على إطلاق هذا العدد الكبير جدا من الصواريخ وصواريخ كروز والمسيّرات"، في الوقت الذي ذكرت القناة 12 الإسرائيلية، أن سلاح الجو الإسرائيلي يستكمل استعداداته للرد على الهجوم الإيراني "الذي سيظل موعده سريا حتى يتم تنفيذه".
- أوضحت القناة أن "الهدف هو توضيح أن إسرائيل لن تسمح للإيرانيين بإنشاء معادلة جديدة"، معتبرة أن الرد الإسرائيلي "سيحدث بطريقة من المرجح ألا تؤدي إلى جر المنطقة إلى حرب، ويمكن أن يقبلها الأميركيون".
- في ذات السياق، أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت نظيره الأميركي لويد أوستن، أن إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني.
- نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية، عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية قوله إن واشنطن تتوقع أن يكون الرد العسكري الإسرائيلي "محدود النطاق"، خاصة مع وجود معلومات استخباراتية أميركية تشير إلى أن إسرائيل تدرس توجيه ضربة ضيقة ومحدودة داخل إيران.
- في الوقت الذي أكد الرئيس الأميركي جو بايدن "دعمه الثابت" لإسرائيل، فإنه أكد لنتنياهو معارضته لأي رد إسرائيلي على إيران، وكذلك عدم مشاركة الولايات المتحدة في أي عمليات هجومية ضد طهران.
- أكد المسؤولون الأميركيون بحسب شبكة "إن بي سي نيوز"، أنه لم يتم إطلاعهم على قرار إسرائيل النهائي بشأن كيفية ردها وأن الخيارات كان من الممكن أن تتغير منذ هجوم نهاية الأسبوع، كما قالوا أيضا إنه ليس من الواضح متى سيحدث رد إسرائيلي لكنه قد يحدث في أي وقت.
قراءة إسرائيلية
واستعرض المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، الموقف الإسرائيلي الداخلي من الرد على هجوم إيران مطلع هذا الأسبوع، معتبرا أنه كان بمثابة "إعلان مباشر للحرب".
وقال غانور إنه بالنسبة للموقف الداخلي، "فلا مناص من رد إسرائيلي حاسم وقاطع على الهجوم الإيراني، الذي يعتبر إعلان حرب إيراني مباشر، من أرض إيرانية بوسائل قتالية متنوعة على السيادة الإسرائيلية وأهداف استراتيجية من الدرجة الأولى".
وذكر أن "إسرائيل سيكون عليها إثبات قدراتها وقوة الردع وتفوقها العسكري والتكنولوجي، التي ربما تزعزعت في تقديرات طهران، ومن ثم ستعمل إسرائيل على تبديد آمال وأوهام إيران من خلال رد فعل متنوع وسريع وقوي تعكف إسرائيل على بلورته".
وبشأن التحذيرات الأميركية والإقليمية من تداعيات الرد الإسرائيلي، أشار غانور إلى أن إسرائيل ستراعي في ردها نداءات المجموعة الدولية المؤيدة لها، والمنتقدة للعدوان الإيراني، بألا يجر رد الفعل المنطقة إلى حرب إقليمية.
سيناريوهات إسرائيل.. وخوف من "الجحيم"
بدوره، رجح الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد سمير راغب، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن يكون الرد الإسرائيلي بنفس الطريقة التي نفذتها إيران، عبر استهداف "أهداف عسكرية هامشية، وأماكن مفتوحة، مع البعد عن أماكن التجمعات والمناطق الاقتصادية".
وعن مخاطر أن يتضمن الرد الإسرائيلي استهداف منشآت نووية، قال راغب إن "الرد الإسرائيلي لن يتضمن ما يقترب من المنشآت النووية الإيرانية، أو المنشآت العسكرية ذات القيمة الكبرى على الإطلاق، لأنهم لا يمتلكون الإمكانيات لاستهداف تلك الأهداف الإيرانية لأنها محصنة بشكل كبير داخل البلاد، كما أن الولايات المتحدة لم تمنحهم الضوء الأخضر لتنفيذ ذلك، بالعكس طلبت الإدارة الأميركية عدم الرد وأكدت أنها لن تشارك فيه"، معتبرا أن التهديد بتنفيذ ذلك "يفتح الجحيم على المنطقة".
وأوضح الخبير العسكري أن "الأمر لا يقتصر على تنفيذ الرد، بل يؤخذ في الاعتبار حسابات الضربة التالية من الجانب الآخر، وهذا ما قامت به إيران، إذ لم تستهدف أهدافا ذات قيمة تحسبًا للضربة التالية من إسرائيل، وبالتالي فإن الرد سيراعي تلك الحسابات".
وشدد على أنها "لن تكون مُركزة بل محدودة النطاق، حتى لا تفتح نيران وكلاء إيران بالمنطقة، خاصة أن أذرعها لم يشاركوا في استهداف إسرائيل ليل السبت الماضي خارج قواعد الاشتباك".
احتمالات التصعيد
وأشار الخبير العسكري والاستراتيجي، إلى أن رد إسرائيل سيكون محدودا بضربات صاروخية محددة قد تضمن مسيرات انتحارية، لافتا إلى 3 احتمالات بعد هذه الضربة الإسرائيلية المحتملة:
- أولا: يكون الرد الإسرائيلي ختاما لأزمة التوتر الراهنة بين طهران وتل أبيب.
- ثانيا: يتحول الأمر لضربات صاروخية متبادلة بين الجانبين بشكل قد يكون يوميا ولكن بحدة أقل، على غرار ما يحدث بين إسرائيل وحزب الله.
- ثالثا: أن يشتعل الحجيم في كل مكان بالشرق الأوسط، بتصاعد الصراع وخروجه عن السيطرة.
لكن راغب يرى أن السيناريو الأقرب للحدوث هو أن تنتهي الضربة الإسرائيلية، ثم يتم العودة إلى حرب الظل أو ما يطلق عليه "الحرب الرمادية".
أهداف إسرائيل
ومن بيروت، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي ناجي ملاعب، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن رد إسرائيل سيكون عبر أهداف عسكرية محدودة للغاية، بحيث لا يثير طهران لدفعها للرد بقسوة.
وفي نظر ملاعب، فإنه من الوارد أن تستبدل إسرائيل ردها المباشر على إيران، بأن تستهدف أحد أذرعها سواءً في لبنان أو بالعمق السوري، خاصة مع الأخذ في الاعتبار ما حدث من اجتياز قوة من لواء الجولاني للحدود اللبنانية، قبل أن يستهدفهم حزب الله، مما يعني أنه كانت هناك محاولة لدخول هذه الأرض، كما أن التدريبات التي حدثت بشمال إسرائيل تحاكي القتال في منطقة شبيهة بجنوب لبنان.
وقال الخبير العسكري اللبناني إنه "قد يكون هناك تقدما إسرائيليا في اتجاه الجولان السوري، وأن تستبدل تل أبيب هجومها على إيران غير محمود العواقب وغير المدعوم أميركيا، بمحور إيران في المنطقة".
وأشار إلى أن إيران لم تستهدف أهدافا مدنية أو مصاف بترولية أو منشآت حيوية إسرائيلية، بل كان الاستهداف الأخطر فقط للصواريخ التي قررت طهران أن تتجاوز الدفاعات الجوية ووصلت إلى مكان عسكري محدود، وبالتالي فرد إسرائيل لن يتجاوز هذه الخطوط وقواعد الاشتباك في الأزمة الراهنة.