عقبات أمام اتفاق وقف إطلاق النار ومرحلة ما بعد الحرب في غزة
09:34 - 21 مارس 2024تشهد العاصمة المصرية القاهرة، اليوم الخميس، نشاطا دبلوماسيا مكثفا حيث من المقرر أن يصلها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قادما من المملكة العربية السعودية.
ومن المنتظر أن يلتقي بلينكن نظيره المصري سامح شكري، في جلسة مباحثات ثنائية تناقش تطورات الأوضاع في قطاع غزة وجهود وقف إطلاق النار ودخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ومستجدات المباحثات المتعلقة بصفقة تبادل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
كما يعقد اجتماع عربي سداسي يضم وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية وقطر ووزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي إضافة إلى أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، قبل أن تجتمع اللجنة السداسية بوزير الخارجية الأميركي.
الجولة السادسة
هذه هي سادس زيارة يقوم بها بلينكن إلى المنطقة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة على خلفية عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي.
وعلى الرغم من أن جدول الزيارة لم يكن يتضمن زيارة بلينكن لإسرائيل إلا أن المتحدث باسم الخارجية الأميركية أعلن لاحقا أن بلينكن سيزور إسرائيل الجمعة بعد اجتماعه بالمسؤولين المصريين واللجنة العربية السداسية في القاهرة، وهو ما اعتبرته مصادر دبلوماسية عربية دليلا على محاولات بلينكن إحداث اختراق في زيارته السادسة للمنطقة بعد أن أخفقت زياراته الخمس السابقة في التوصل لاتفاق يوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإن بقي هذا الأمر معلقا، حسب مصادرنا، على ما سينتج عن لقائه باللجنة العربية السداسية، خاصة وأن اللقاء الأخير الذي جمعه بالوزراء العرب في العاصمة الأردنية عمان في الرابع من نوفمبر الماضي شهد انقساما حادا بين المواقف العربية من جانب والموقف الأميركي من جانب آخر، والذي بدا واضحا في المؤتمر الصحفي المشترك الذي جمع بلينكن بنظيريه الأردني أيمن الصفدي والمصري سامح شكري.
اللجنة السداسية
كانت اللجنة العربية السداسية قد اجتمعت للمرة الأولى في العاصمة السعودية الرياض في الثامن من فبراير الماضي، حيث أكدوا على ضرورة إنهاء الحرب في قطاع غزة والتوصل إلى وقف فوري وتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفقاً للقانون الإنساني الدولي، ورفع كافة القيود التي تعرقل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وشدد الوزراء على أهمية اتخاذ خطوات لا رجعة فيها لتنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، مؤكدين على أن قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، ورفضهم القاطع لكافة عمليات التهجير القسري.
ومن هذا المنطلق يمكن تفسير الخلاف بين التصور العربي لحل النزاع ووقف الحرب في قطاع غزة، وبين التصور الأميركي، على حد تعبير مصدر مصري رفيع المستوى لسكاي نيوز عربية، فالتصور العربي قائم على أن جوهر الصراع هو عدم حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة، وأنه بدون فتح الطريق أمام عملية التسوية الشاملة القائمة على حل الدولتين سيبقى المجال مفتوحا على جولات جديدة من الصراع، حتى لو تم التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة.
معضلة الاتفاق
ووفقا لمصادر دبلوماسية مصرية وعربية فمن المقرر أن يشهد اجتماع اللجنة السداسية مناقشة محورين رئيسيين:
- الأول: كيفية التعامل مع الوضع الحالي في قطاع غزة ، حيث يناقش المجتعمون مستجدات الجهود المبذولة من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية لسكان القطاع، وسبل جسر الهوة التي يبذلها الوسطاء في مصر وقطر من أجل التوصل لاتفاق يحظى بقبول الجانب الإسرائيلي وحركة حماس، وهي الجهود التي مازالت تواجه صعوبات بسبب محاولة كل طرف الحصول على أكبر قدر من المكاسب، إذ على الرغم من التراجع النسبي الذي أبدته حماس خاصة فيما يتعلق بمطلبها الرئيسي الخاص بالوقف الدائم لإطلاق النار إلا أن الجهود لم تسفر حتى اللحظة عن الاقتراب من إبرام الاتفاق، وفقا لمصدر قريب من مفاوضات الهدنة.
- الثاني: يرتبط بمرحلة ما بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار ومستقبل قطاع غزة وتعبيد الطريق أمام إعادة إحياء عملية التسوية السياسية الشاملة، وهو المحور الذي لا يخلو هو الآخر من ملفات شائكة وفق تعبير مصدر دبلوماسي مصري.
فعلى الرغم من أن مبادرة السلام العربية التي أطلقها في القمة العربية ببيروت عام 2002 ولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبد الله مازالت تمثل الإطار العربي المطروح للتسوية السياسية السلمية للصراع، إلا أن مناقشات اللجنة السداسية في الرياض، والاجتماعات التي أعقبتها في هذا الشأن طرحت إجراء بعض التعديلات الخاصة بسبل إعادة المسار التفاوضي كسبيل لبلوغ اتفاق سلام شامل، وكذلك ما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للفلسطينيين، ومسئولية السلطة الفلسطينية، وسبل دعمها.
هذا بالإضافة إلى تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة كنقطة بداية لهذا المسار، ومن المقرر أن يخرج اجتماع اللجنة السداسية بموقف عربي موحد لمناقشته مع الجانب الأميركي الذي أبدى بلينكن في لقائه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الأربعاء في مدينة جدة تأكيدا على أهمية استمرار التنسيق الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين بشأن حل الصراع في غزة، والتحضير لمرحلة ما بعد الصراع مشددا على التزام الولايات المتحدة بتحقيق السلام المستدام من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة مع ضمانات أمنية لإسرائيل.
ترقب وحذر
ووفقا لمصادر دبلوماسية عربية فإن اجتماع اللجنة السداسية مع وزير الخارجية الأميركي، اليوم الخميس، سيشهد نقاشات معمقة بشأن المحورين ، محور التعامل مع الوضع الحالي في قطاع غزة ومحور ما بعد وقف إطلاق النار، وأشارت المصادر إلى أن الأمر سيحتاج لجولات لاحقة من أجل التعامل مع نقاط الاختلاف بين التصور العربي والتصور الأميركي، الذي يبقى مرتبطا ارتباطا وثيقا بموقف إسرائيل التي يزورها بلينكن بعد انتهاء اجتماعاته في القاهرة.