المصادقة على خطة اجتياح رفح.. مناورة أم قرار جدي؟
00:05 - 16 مارس 2024أقرت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو خطة اجتياح مدينة رفح الفلسطينية المتاخمة للحدود المصرية، وسط جهود عربية ودولية، لإتمام هدنة ثانية بقطاع غزة، وتحذيرات مصرية من تنفيذ الاجتياح.
خبراء في الشأن الإسرائيلي والفلسطيني والأميركي تحدثوا لـ"سكاي نيوز عربية"، بالقول إن قرار المصادقة مناورة إسرائيلية وأوراق ضغط تسعى لتحقيق أكبر مكاسب من الهدنة المرتقبة مع حماس.
مصادقة تحت وقع المفاوضات
الجمعة، كشف مكتب رئاسة الحكومة الإسرائيلية أمرين بارزين:
- بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة أقرّ خطة عسكرية للهجوم على رفح (دون أن يحدد إطارا زمنيا للهجوم).
- وفد إسرائيلي سيتوجه إلى قطر بعد المداولات حول رد حماس.
هذان الأمران المتزامنان في الإعلان جاءا بعد أكثر من شهر من مفاوضات تتعثر بشأن الهدنة الثانية المنتظرة بعد الأولى، التي كانت في ديسمبر الماضي.
وكان مكتب نتنياهو كشف، في فبراير، أنه أمر الجيش بوضع خطة لإخلاء رفح وتدمير أربع كتائب تابعة لحماس، يقول إنها منتشرة هناك.
مدينة رفح الفلسطينية الواقعة على الطرف الجنوبي من قطاع غزة، يقيم فيها أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وهناك قلق مصري ودولي من اجتياحها.
وتأتي المصادقة الإسرائيلية غداة إعلان مكتب نتنياهو، الخميس، أن المقترح الجديد بشأن الهدنة الذي قدمته حماس لا يزال يستند إلى "مطالب غير واقعية".
وقالت حماس في مقترحها الجديد إن المرحلة الأولى من المقترح تشمل "الإفراج عن النساء والأطفال وكبار السن والمرضى من الإسرائيليين مقابل الإفراج عن عدد يتراوح بين 700 إلى ألف أسير فلسطيني، منهم مئة من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية"، وفقا للمقترح الذي يشمل أيضا إطلاق سراح "المجندات النساء".
فهل ستكون تلك المصادقة مناورة إسرائيلية لنيل صفقة مربحة من اتفاق الهدنة أم تأكيدا نهائيا للاجتياح؟
ضغوط
الأميركية المتخصصة في الشؤون الدولية، إيرينا تسوكرمان، قرأت في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، المصادقة الإسرائيلية على النحو التالي:
- إلى حد ما، قليل من الاثنين (مناورة لصفقة مربحة من اتفاق الهدنة) و(قرار جدي بالاجتياح) معا.
- نتنياهو يؤكد بالمصادقة أن الوقت لم يأت بعد لتأجيل العملية إذا أطلقت حماس سراح جميع الرهائن أو وافقت على شكل من أشكال خطة وقف إطلاق النار المؤقتة التي تقترحها إسرائيل.
- لكن من ناحية أخرى، من غير المرجح أن توافق حماس على أي من الأمرين، في ظل وجود تقارير إضافية أبرزها متعلق بمقتل بعض الرهائن.
- من غير المرجح أن تقبل حماس خطة وقف إطلاق النار حتى مع تقديم تنازلات كبيرة لأن ذلك يعني التخلي عن النفوذ الوحيد الذي تمتلكه نظريًا ضد إسرائيل، وهو ورقة الأسرى.
- أيضا الموقف الإسرائيلي المتمثل في تدمير حماس حتى بعد إطلاق سراح الرهائن، يعتقد أن أي تنازل في هذه المرحلة سيشير إلى ضعف.
- بغض النظر عما إذا كانت حماس ستوافق أم لا، يعتقد المحللون العسكريون أنه لا توجد طريقة أمام إسرائيل للقضاء على حماس أو إلحاق ضرر كبير بحماس دون عملية رفح.
وباعتقاد تسوكرمان أن مصداقية نتنياهو تتوقف على التنفيذ رغم الضغوط:
- هجوم رفح حاليا بين متى وكيف وليس هل سيحدث أم لا؟
- إدارة بايدن، حتى لو ضغطت على إسرائيل لتأجيل أي هجمات إلى ما بعد شهر رمضان، مستعدة لدعم نسخة منها في ظل ظروف معينة، بما في ذلك الإجلاء الموعود للمدنيين.
- إذا استمر نتنياهو في التمسك برفح ولم ينفذ الأمر، فسوف يفقد أي مصداقية متبقية لدى مؤيديه.
- عملية المفاوضات تزيد الضغط على نتنياهو حتى لا يذهب إلى هجوم رفح لتجنب تعريض المحادثات للخطر من وجهة نظر حماس، وكلما مر الوقت، كلما زاد الضغط.
- أخيرا نتنياهو يدرك أن مجرد التهديد بشن هجوم لن يكون فعّالاً، وسوف يضطر على الأرجح إلى البدء بهجوم على الأقل لتجريد حماس من حافز إضاعة الوقت في المحادثات.
لا اجتياح في رمضان
الدكتور طارق فهمي، المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والمطلع على كواليس المفاوضات، قال في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية":
- عملية اجتياح رفح مؤجلة وقولا واحدا لن تتم في شهر رمضان، إلى حين قيام إسرائيل بإجراءات محددة.
- إسرائيل ستقوم بإجراءات أبرزها الأول نقل الأسر الفلسطينية من رفح إلى مناطق منها في وسط غزة في اتجاه الغرب.
- الإجراء الثاني وهو الأهم استكمال مشروع ميناء غزة وهذا مشروع أميركي إسرائيلي مهم لهما.
- الإجراء الثالث هو اجتياح رفح ولن يتم إلا بعد اسيتفاء أول شرطين.
وباعتقاد طارق فهمي، رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن إسرائيل لديها تصور واحد حاليا ليس هو المفاوضات، مضيفا:
- حاليا إسرائيل تريد شراء الوقت، اعتقادا منها أن إتمام عمليتها العسكرية ونجاحها لن يكون إلا بدخول رفح لكن هي لا تريد مواجهة مع مصر.
- إسرائيل تجري حاليا ترتيبات أمنية وعسكرية لاجتياح رفح، بينما مصر تريد إنجاز الهدنة الثانية وإسرائيل لا ترى مبررا لتقديم تنازلات، وكلاهما في سباق.
- إسرائيل تضع الترتيبات الأمنية والعسكرية أولوية الآن على الهدنة.
أوراق ضغط
جهاد الحرازين، الخبير الفلسطيني، أستاذ النظم السياسية والقيادي بحركة فتح، تحدث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، في هذا الصدد قائلا:
- قرار اجتياح رفح قرار جدي ولكن لن ينفذ اليوم أو غدا.
- توقيت صدوره جاء تزامنا مع إعلان إرسال وفد إسرائيلي للدوحة للنظر في الهدنة وبذلك هو يعد ورقة ضغط لصالح الوفد الإسرائيلي لمزيد من المكاسب.
- خطة المصادقة الإسرائيلية، وفق الضغوط الأميركية والأوربية والتحذيرات المصرية والدولية لن تكون عملية اجتياح كاملة لرفح ولكن ستكون عمليات محددة في مناطق محددة.
- إسرائيل لن تفتح جبهة جديدة مع مصر، وهي فقط تريد تنفيذ قرارها بدخول رفح لا أكثر وتأكيد مصداقيتها أمام الشعب الإسرائيلي.