حرب خفية في السماء.. مهمة الصين "التاريخية" تزعج أميركا
08:51 - 28 فبراير 2024وسط هرولة الولايات المتحدة والصين في سباق الاستحواذ على الفضاء، تستعدّ بكين لتنفيذ 100 عملية إطلاق فضائي عام 2024، ترسل خلالها 300 مركبة محمّلة بأقمار اصطناعية متطوّرة.
وبتعبير صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، الصادرة في هونغ كونغ، في تقرير نشرته الثلاثاء حول هذا الأمر، فإنّ هذا العام يشهد أيضا مهمّة للصين وصفتها بـ"التاريخية على القمر"، ستقوم فيها بمسح جيولوجي واسع هناك، وستكون عملية الهبوط والإقلاع هناك "مختلفة" عمّا فعلته أي دولة من قبل.
وحسب ذات الصحيفة، فإن الولايات المتحدة تتخوّف من طموحات الصين في الفضاء، ومن أن تكون تحرّكاتها هناك لها أهداف تجسسية ومرتبطة بأعمال عسكرية، خاصة أن الصين باتت تمتلك أكثر من 13 ألف قمر اصطناعي في الفضاء.
"مهمّة تاريخية"
جاء في تقرير "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" تفصيلا:
- تخطّط الصين لإجراء 100 عملية إطلاق لإرسال أكثر من 300 مركبة فضائية إلى المدار في عام 2024، وهو رقم قياسي وطني جديد يزيد كثيرا عن العام الماضي الذي سجل 67 عملية.
- تتولّى الشركة الصينية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء (CASC) التابعة للدولة 70 عملية إطلاق، حسبما كشفت شركة الفضاء الرئيسية في البلاد في كتابها الأزرق السنوي يوم الإثنين، بينما تتولّى بقية الشركات إطلاقات تجارية.
- تشمل المهام الرئيسية هذا العام رحلتين مأهولتين، ورحلتين للشحن إلى محطة تيانغونغ الفضائية في مدار أرضي منخفض.
- أما المهام الأخرى، فتخص رصد الأجسام الفضائية المتغيّرة متعددة النطاقات، والقمر الاصطناعي الصيني للرصد الكهرومغناطيسي الزلزالي مع إيطاليا، والقمر الصناعي لعلوم الفضاء "شيجيان-19".
- من بين أكثر المهام التي ستحظى باهتمام مهمة أطلق عليها Chang'e-6، المقرر أن تنطلق في مايو، لتجري مسحا جيولوجيا موسّعا على القمر، في مهمة لم تقم بها أي دولة، حتى الولايات المتحدة.
- الفارق الرئيسي بين الصين والولايات المتحدة أن الصواريخ الحكومية لا تزال تلعب دورا كبيرا جدا في عمليات الإطلاق الصينية، لكن الأمر لم يعد كذلك في الولايات المتحدة.
- الصين أصبح لديها عدد هائل الآن من الأقمار الاصطناعية في الفضاء، وهذا يزعج الولايات المتحدة بالطبع، وهناك تناحر واضح بين البلدين في هذا الشأن.
"حرب خفيّة في السماء"
يؤكّد الخبير في تكنولوجيا المعلومات، عبدالرحمن داوود، من ناحيته، أن الصراع في الفضاء بين بكين وواشنطن "على أشده"، لكنه لفت إلى أن "تفاصيله يجهلها الكثير بسبب درجة تعقيدها".
وبتعبيره، فإنه "هناك في السماء تدور حرب خفية، يُستخدم فيها التشويش والإعاقة، وأحيانا تصل إلى حد الاختراق بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، لكن الأكثر حدة هو الحرب بين الأولى والثانية؛ لأنهما تُطوّران قدرات من شأنها السيطرة على مجريات الأمور في الفضاء، والتي لم تُحسم لأي طرف حتى الآن".
ولا يعول داوود على الكم الكبير من الأقمار الاصطناعية الذي أعلنت الصين أنها تُطلقه العام الجاري في حسم هذا السباق، قائلا لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الاعتماد على إطلاق كميات كبيرة "لا يعني هنا السيطرة، وقد يتسبّب قمر صناعي واحد كبير ومتطور بداخله تكنولوجيا عالية الدقة في تحقيق المطلوب في الفضاء، وتعطيل باقي الأقمار التي تعمل حوله".
وتعليقا على مخاوف واشنطن من استخدام الصين وجودها الفضائي في أعمال عسكرية والتجسّس، يقول الخبير التكنولوجي إن طبيعة الحرب هناك "أكبر من الصراع العسكري".
بحر الصين الجنوبي
ويضيف موضّحا:
- الصراع لم يكن عسكريا فقط، بل كان خدميا أكثر؛ فهناك أقمار اصطناعية توفّر خدمات على الأرض وتجلب أرباحا مادية كبيرة، مثل أقمار الإرشاد الملاحي التي تخدم قطاعا تجاريا ضخما، وتجلب الأموال لواشنطن، وتنافس الصين معها سيعطّل هذه التجارة.
- كذلك التنبؤ بالأرصاد والتغيرات المناخية، والبحث عن الثروات المعدنية.
- يُضاف لما سبق الخدمات العسكرية، ومَن يُنجز أكثر في هذه المجالات يحصد الأفضلية، وكل هذا يعني أن الحرب ليست فقط صراعا عسكريا.
- حتى الآن، فالولايات المتحدة قد يكون لها السبق، لكنها ليست الأفضل، بينما تسير الصين بسرعة في الطريق الذي قد يزيح أميركا من طريقها.
صدام عسكري غير مستبعد
ترى خبيرة تكنولوجيا المعلومات، سوزان حاضر، في الـ100 عملية إطلاق فضائي التي تعتزم الصين تنفيذها هذا العام "رقما كثيفا جدا"، لكنها تتوقّع أن تسحب أقمارا قديمة وتحلها بالجديد.
ولا تستبعد أن يسفر السباق الصيني الأميركي في الفضاء عن صدام عسكري، قائلة لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "البلدين يستعدان لمعركة الفضاء تقنيا وعسكريا، وطوَّرا صواريخ مضادة للأقمار الصناعية، وقد يشتعل الصراع في أي وقت".
وتُرجع ذلك لأسباب منها "أن واشنطن ترى أن المحطة الصينية الفضائية تهديد مباشر لها، وهناك صراع على الحدود في الفضاء".