هل ينجح العراق في الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية؟
11:23 - 26 فبراير 2024يسعى العراق إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية، وهي المساعي التي تعززت أخيراً من خلال إعادة افتتاح مصفاة الشمال في بيجي بعد إغلاقها لأكثر من عقد، وفي ضوء التحركات الجادة لحكومة محمد شياع السوداني، الهادفة للانتهاء من استيراد المشتقات النفطية في أسرع وقت قبل حلول منتصف العام المقبل 2025.
أغلقت المصفاة في العام 2014 عندما استولى عليها مقاتلو تنظيم داعش، الذين سيطروا حينها على مساحات واسعة من البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
تبلغ طاقة المصفاة 150 ألف برميل يومياً بعد إعادة تأهيلها وتشغيلها، في خطوة تسعى من خلالها الحكومة إلى تقليل اعتمادها على استيراد المشتقات النفطية.
- وفقًا للحكومة العراقية فإن متوسط الإنتاج النفطي للبلاد يبلغ 4.23 مليون برميل يوميا، فيما يبلغ متوسط التصدير النفطي 3.35 مليون برميل يوميا.
- تشير التوقعات الحكومية إلى زيادة احتياطيات النفط الخام من 153 مليار برميل سنويًا، إلى 500 ألف في ظل الاكتشافات الجديدة.
المشتقات
رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في كلمة له خلال الافتتاح، شدّد على أن بلاده تقترب من تأمين كامل احتياجاتها من المشتقات، في موعد أقصاه منتصف العام المقبل، وهو ما سيوفّر مليارات الدولارات التي ستوظف في جوانب خدمية واقتصادية أخرى، عبر التوقف عن استيراد المشتقات النفطية، ليحقق بهذا أهداف في الإصلاح".
رهانات واسعة
فيما يُعول العراقيون على عوائد ضخمة مرتقبة لإعادة افتتاح المصفاة على رأسها تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية، وبحسب رئيس وزراء العراق، محمد شياع السوداني فإن:
- عودة المصفى تمت بالتعاون مع حكومة إقليم كردستان العراق.
- مع افتتاح المصفاة العراق يقترب من تأمين كامل احتياجاته من المشتقات، في موعد أقصاه منتصف العام المقبل، وهو ما سيوفر مليارات الدولارات التي ستوظف في جوانب خدمية واقتصادية أخرى، عبر التوقف عن استيراد المشتقات النفطية.
- الحكومة، وخلال 15 شهراً من عمرها، وضعت قطاع النفط والغاز على رأس أولوياتها، وفق برامج وخطط مدروسة لاستثمار هذه الثروة، بما يحقق أفضل العوائد.
- الحكومة تعد خطة مشاريع استثمارية داخل العراق وخارجه، في سياسة جديدة تتبناها باستثمار النفط في الصناعات البتروكيمياوية والتحويلية للحصول على أكبر عائد.
- العراق مع إنتاجه لأكثر من 4 ملايين برميل يومياً، مازال يستورد المشتقات النفطية، وهي سياسة كانت قائمة لطيلة عقود.
- مليارات الدولارات سيجري توفيرها ورصدها لجوانب خدمية واقتصادية أخرى عبر التوقف عن استيراد المشتقات النفطية.
وأوضح رئيس وزراء العراق أن الحكومة وضعت قطاع النفط والغاز، على رأس أولوياتها، وفق برامج وخطط مدروسة بأهمية استثمار هذه الثروة، بما يحقق أفضل العوائد، كما أن هناك مشاريع تنفذ لأول مرة، كاستثمار الغاز المصاحب، كما أن شركات عالمية تعمل في أكثر من موقع وحقل، لإنهاء حرق الغاز ضمن مدى زمني 3-5 سنوات.
وأضاف أن هناك خطة لمشاريع استثمارية داخل العراق وخارجه في سياسة جديدة باستثمار النفط في الصناعات البتروكيمياوية والتحويلية؛ للحصول على أكبر عائد.
خطوة هامة على صعيد الاكتفاء الذاتي
مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أكد أن إعادة فتح مصفاة الشمال في بيجي بعد إغلاقها لأكثر من 10 سنوات، خطوة هامة جدًا على صعيد الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية التي توقفت بعد عام 2003.
وأضاف: "العراق منذ ذلك الوقت تحول إلى مُستورد للمنتجات النفطية، بكلفة تقدر خمسة مليارات دولار سنوياً، وبما يستنزف الموارد الاقتصادية ويبدد الثروات الوطنية"، موضحاً أن هذه العودة المهمة لمصافي الشمال وتحديداً مصفاة بيجي، من المؤكد أنها ستوفر حاجة العراق لإنتاج 150 ألف برميل يومياً من المشتقات النفطية.
وأوضح أن العراق يُنتج يومياً أكثر من أربعة ملايين برميل من النفط، ويشكل ثاني إنتاج للنفط على صعيد الشرق الأوسط بعد المملكة العربية السعودية، إذ بامتلاكه النفط الخام وهذه الكميات المهمة من الممكن أن يرتفع الإنتاج إلى سبعة ملايين برميل نفط يوميًا في السنوات القادمة، مشددًا على أنه من العبث وسوء الإدارة والتخطيط الاستمرار في استيراد المنتجات النفطية بصورة كارثية.
وذكر أن عودة مصفاة بيجي للعمل بعد أن دُمرت من قبل داعش وإعادة بنائها خلال سبعة أشهر بجهود وطنية وعبر استيراد عدد من الأجهزة والمعدات المهمة الحيوية، ومحاولة عودة إنتاج هذه المصفاة لكي يغطي الطاقة التصميمية والسياسة التكريرية في البلاد باعتباره أكبر المصافي العراقية، تشكل إنجازًا وطنيًا كبيرًا داعمًا للاقتصاد العراقي، فضلًا عن أنها تمنع من تبديد الثروات الوطنية والمال العام.
وأفاد فيصل بأن:
- افتتاح المصفاة وتشغيلها يسد حاجة تقدر بـ 150 ألف يوميًا، وعلى الرغم من أن حاجة العراق أكثر من ضعف هذه الكمية، إلا أن عودتها إلى العمل تشكل نقطة تحول مهمة في سوق المشتقات النفطية.
- من المقدر بحسب التقارير الصادرة عن وزارة النفط أن يكون العام المقبل 2025 فرصة حيوية ومجال مهم للشركات وجهود الوزارة لعودة العراق إلى إنتاج أكثر من 300 ألف برميل من المنتجات النفطية.
وتوقع أن يشكل العام المقبل فرصة جدية للاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية، بارتفاع معدلات الإنتاج عما هي عليه الآن بسبب ارتفاع عدد السكان وحاجات الاستهلاك لهذه المصادر الحيوية، إضافة إلى تركيز الجهود الحكومية لعودة الصناعات النفطية في العراق بعد أن شابها الدمار بسبب الحروب وتوفير الجهد الوطني الاقتصادي لهذا الشأن.
واستطرد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، قائلًا: "إن ما تحقق الآن أُنجز في سبعة أشهر بتحويل مصفاة كانت مدمرة ومسروقة لا نعلم أين توجد أجهزتها ومعداتها التشغيلية، بينما اليوم تعمل وتنتج وتوفر 50 بالمئة من حاجة العراق للمشتقات النفطية".
كما أشار إلى أن استمرار المصفاة وتطوير إنتاجها أمامه تحديات تكنولوجية وهندسية وعقود مع شركات؛ فهي تحتاج أيضا لتوسيع الطاقة الإنتاجية عبر إضافة أجهزة ومعدات وتكنولوجيا حديثة لتطوير ورفع معدلات الإنتاج، لتصل إلى 300 أو 400 ألف برميل يومياً من المشتقات النفطية وسد حاجة العراق وتصديرها إلى دول الجوار أو على صعيد السوق العالمي لتصدير المنتجات النفطية.
ويشار إلى أن العراق يستورد يوميًا ما يقارب 25 مليون لتر من المشتقات (زيت الغاز والبنزين والنفط الأبيض)، إضافة إلى استيراد الغاز الطبيعي، وهو ما يدفع الحكومة لتسعى إلى تعزيز قدرات البلاد الاقتصادية من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي بدلا من فاتورة استيراد المشتقات النفطية.
مخطط زيادة سعة الإنتاج
من جانبه، أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة البصرة، نبيل المرسومي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن العراق يعاني عجزًا في المشتقات النفطية، على الرغم من أنه يعد من أكبر منتجي النفط الخام في العالم، لإنتاجه أكثر من 4 ملايين برميل يوميًا، إلا أنه يستنزف نحو 5 مليارات دولار من موارد البلاد لتوفير احتياجات السوق المحلية عبر الاستيراد.
وأشار إلى أن حكومة محمد شياع السوداني أخيراً أطلقت مخططًا يستهدف زيادة سعة مصافي النفط في العراق؛ لوقف استيراد الوقود، وتحقيق شبه الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية بحلول عام 2025، والتحول بعد ذلك إلى التصدير للخارج من خلال:
- رفع الطاقة التكريرية لشركة مصافي الشمال من 210 آلاف برميل يوميًا، وتشمل طاقة مصافي (كركوك، القيارة، الصينية، حديثة، الكسك، مصافي صلاح الدين1 و 2) إلى 500 ألف برميل يوميا، من خلال دعم من إعمار مصفاة الشمال بطاقة 150 ألف برميل باليوم منها 3 ملايين لتر من البنزين يوميا.
- توسعة مصفاة الديوانية عبر إضافة وحدة تكرير جديدة بطاقة تصل إلى 70 ألف برميل يوميًا، لترفع إجمالي إنتاجها إلى 90 ألف برميل يوميًا، باستثمارات 125 مليون دولار.
- زيادة إجمالي الطاقة الإنتاجية لشركة مصافي الجنوب لنحو 280 ألف برميل يوميًا، عبر تطوير وإضافة وحدات جديدة إلى مصافي تكرير النفط التابعة لها.
وقال إن العراق يستطيع أن يزيد إنتاجه مع بدء مصفاة كربلاء في العمل باعتبارها المصفاة الأكثر تطوراً بالبلاد، ذلك أن تلك المصفاة قادرة على معالجة 140 ألف برميل يوميًا من النفط الخام الثقيل والأخف وزنًا لإنتاج ما يسمى بـ "المنتجات البيضاء"، وهو ما يؤدي إلى تقليل استيراد البنزين والجاز.
وتابع: إذا ما نجحت مصفاة كربلاء في إنتاج 9 ملايين لتر يومياً من البنزين فإن الإنتاج الإجمالي للمصافي من المتوقع أن يرتفع بعد افتتاح مصفاة الشمال إلى 27 مليون لتر يوميا، وهو يغطي نسبة 90 بالمئة من الاستهلاك المحلي من البنزين، أي أن العراق سيحتاج إلى استيراد 3 ملايين لتر يوميا فقط من البنزين الذي يشكل حاليا ثلاثة أرباع المشتقات النفطية المستوردة.