أسوة بأوكرانيا.. لما لا تتفاعل أسعار النفط بالأزمة الحالية؟
15:01 - 18 فبراير 2024قبل عامين عندما قررت روسيا البدء بعملياتها العسكرية في أوكرانيا وتحديدا في فبراير 2022.. قفزت أسعار النفط حينها بطريقة جنونية متجاوزة عتبة الـ 100 دولار للبرميل، هذا المشهد متناقض تماما عما يحدث اليوم، إذ أنه على الرغم من التهديد بتصعيد التوترات في الشرق الأوسط والهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر، فإن أسواق النفط تتحرك ضمن نطاقات ضيقة للغاية.
شهدت أسعار النفط ارتفاعا الشهر الماضي بعد الضربات التي قادتها الولايات المتحدة على أهداف الحوثيين في اليمن ردا على الهجمات المتكررة على السفن التجارية في البحر الأحمر. كانت أسعار النفط الخام متقلبة حيث تقوم وول ستريت بتقييم مسار أسعار الفائدة والدولار الأميركي والصراعات الجيوسياسية.
ورغم كل التوترات الجيوسياسية، لا تزال أسعار النفط بعيدة جدا عن أعلى مستوياتها التي سجلتها في عام 2022.
ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط، إلى 79.19 دولار للبرميل في تسوية الجمعة، في حين صعدت العقود الآجلة لخام برنت إلى 83.47 دولار للبرميل.
تباطؤ الطلب
أحد العوامل التي قد تساهم في كبح جماح أسعار النفط هو تراجع الطلب العالمي. حيث يتوقع تقرير شهري جديد صدر الخميس عن وكالة الطاقة الدولية، أن يتباطأ نمو الطلب العالمي على النفط إلى 1.2 مليون برميل يوميا في عام 2024، مقارنة بـ 2.3 مليون برميل يوميا في عام 2023.
ويأتي هذا بعد أن انخفض نمو الطلب إلى 1.8 مليون برميل يوميا خلال الربع الرابع من عام 2023، مقارنة بـ 2.8 مليون برميل يوميا في الربع السابق.
وقالت الوكالة: "لقد انتهت إلى حد كبير مرحلة النمو الكبير في الطلب العالمي على النفط بعد جائحة كورونا".
تعثر النمو الاقتصادي العالمي: الصين والمملكة المتحدة واليابان تواجه تحديات كبيرة
يشهد العالم مخاوف متزايدة من احتمالية حدوث ركود اقتصادي، مما يثير التساؤلات حول تأثير ذلك على أسعار النفط. ففي ظل تراجع النشاط الاقتصادي، من المتوقع أن ينخفض الطلب على النفط، مما قد يؤدي إلى انخفاض أسعاره.
في حين شهد الاقتصاد العالمي انتعاشًا جزئيًا في عام 2023 بعد جائحة كوفيد، إلا أن بعض الاقتصادات الكبرى واجهت تحديات كبيرة.
تعثر النمو الصيني
كان من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الصيني انتعاشًا قويًا في عام 2023 بعد فترة الإغلاق خلال جائحة كوفيد. إلا أن أزمة العقارات وضعف الإنفاق وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب أدت إلى تعثر النمو، ويعتقد بعض الاقتصاديين أن الصين قد تواجه عقودًا من الركود.
ركود في بريطانيا
دخلت المملكة المتحدة في ركود بعد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 0.3 بالمئة خلال الربع الأخير من عام 2023، وذلك بعد انخفاض قدره 0.1 بالمئة في الربع الثالث أيضا.
يُعرّف الركود التقني عادةً بأنه انكماش الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين، ولكن يمكن أيضًا أن يتمير بعوامل أخرى مثل ارتفاع معدلات البطالة.
انزلاق غير متوقع لـ اليابان إلى الركود
دخلت اليابان أيضًا في ركود بشكل غير متوقع بعد أن أدى ضعف الاستهلاك المحلي والعالمي إلى انخفاض ناتجها المحلي الإجمالي للربع الثاني على التوالي. وهذا أدى إلى خسارة اليابان لمركزها كثالث أكبر اقتصاد في العالم، لتتراجع خلف ألمانيا.
العم سام.. يغرد وحيدا
في حين حافظ الاقتصاد الأميركي على قوته حتى الآن رغم وتيرة رفع أسعار الفائدة الحادة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لكن بعض المستثمرين والاقتصاديين يحذرون من احتمال انزلاقه إلى ركود في وقت لاحق من هذا العام مع تزايد الضغوط على الأميركيين بسبب ارتفاع معدلات الفائدة واستنفاد مدخراتهم التي تراكمت خلال فترة الجائحة.
قوة العرض بقيادة الإنتاج الأميركي التاريخي
وبينما يتباطأ نمو الطلب العالمي على النفط، ظل العرض قويا نسبيا، مما قد يفرض مزيدا من الضغوط الهبوطية على أسعار النفط.
ومن المتوقع أن تكون الولايات المتحدة قد أنتجت 13.3 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمكثفات في الربع الرابع من عام 2023، وهو أعلى مستوى إنتاج لأي دولة في التاريخ.
بالإضافة إلى ذلك، أنتجت بعض دول أوبك+ الرئيسية كميات من النفط في يناير تفوق إنتاجها المستهدف. وضخ العراق 230 ألف برميل إضافية وأنتجت الإمارات العربية المتحدة 300 ألف برميل إضافية، وفقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية.
وكانت الإمارات قد حصلت على موافقة أوبك لزيادة إنتاجها إلى 3.219 مليون برميل يوميًا في عام 2024، من 3.019 مليون برميل يوميًا المتفق عليها بموجب اتفاق أكتوبر 2022.
وقال التقرير: "إن ارتفاع إمدادات النفط العالمية هذا العام، بقيادة الولايات المتحدة والبرازيل وغويانا وكندا، من شأنه أن يفوق الارتفاع المتوقع في الطلب العالمي على النفط".
من جانبها، كانت رئيسة قسم الاقتصاد في سكاي نيوز عربية، لبنى بوظة قد أكدت، في وقت سابق، أن ما تشهده أسواق النفط في الوقت الحالي يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:
- الحوثيون في اليمن لم يتعرضوا لناقلات النفط بشكل كبير حتى الآن
- الطلب على النفط لما يتأثر .. ما حدث فقط هو تأخيرات في وصول النفط بسبب استخدام مسار رأس رجاء الصالح حول إفريقيا.
- زيادة الإنتاج الإيراني إلى حوالي 3 ملايين برميل يوميا أي ما يعادل زيادة بنصف مليون على أساس سنوي. ناهيك عن عدم وجود أي تحرك أميركي لإضافة عقوبات على إيران أو على الأقل الالتزام بالعقوبات النفطية المفروضة أو المتابعة لها.
- العرض والطلب.. ارتفع نمو الطلب العالمي في 2023 بنحو 1.6 مليون برميل يوميا، لكن العرض زاد بأكثر من مليوني برميل.. ومن المتوقع في 2024 أن يزيد العرض بشكل مطرد من خارج دول أوبك.
- الاقتصادات العالمية اليوم ليست في أحسن أحوالها مع معدلات الفائدة المرتفعة لأعلى مستوياتها منذ عقود لكبح جماح التضخم المرتفع، هذه العوامل كلها تلعب دورا كبيرا في انخفاض الطلب على النفط وبالتالي كبح الأسعار.