بسبب الحرب وقلة الموارد.. مهنً بدائية تعود إلى غزة
21:42 - 12 فبراير 2024رغم الزحام والأزمة الاقتصادية الخانقة والقلق من القادم، اتجه النازحون في مدينة رفح الفلسطينية، جنوبي قطاع غزة، لطرق ووسائل قديمة لممارسة بعض المهن، بعد أن دمَّر الجيش الإسرائيلي الكثير من المصانع والورش والآلات الحديثة.
ويصنع فلسطينيون الملابس والأحذية بشكل يدوي، بجانب إنتاج اللبن والحلويات ورقائق الشيبسي بما يتوفّر من مواد خام وآلات بسيطة، لتلبية احتياجات النازحين البالغ عددهم 1.5 مليون شخص، وتوفير فرص العمل.
ففي ظل حظر السلطات الإسرائيلية دخول الملابس إلى القطاع، عقب الهجوم الواسع الذي شنّته حركة حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
واضطر العاملون في قطاع صناعة الملابس إلى استخدام العجلات اليدوية لتشغيل ماكيناتهم، في ظل انقطاع التيار الكهربائي المتواصل على القطاع.
ويقضي الخياط عبدالله سلامة وشقيقه الأصغر محمد 12 ساعة يوميا لحياكة الملابس والشوادر والحقائب بمختلف أحجامها.
وحسب سلامة، فإن العمل في ظل هذه الظروف أمر معقد ومرهق إلى أبعد الحدود، لكن الحاجة إلى توفير مصدر دخل للعائلة أجبرته على العمل في ظل هذا الواقع المعقد.
مهنة أخرى برزت في الحرب، وهي صناعة الأحذية اليدوية، حيث يبدع بعض الحرفيين في صناعة أحذية متواضعة باستخدام مواد محلية، بينما يقوم آخرون برتق الأحذية المهترئة لزبائنهم ومعظمهم من النازحين.
ويعيش النازحون منذ الجمعة الماضية، في قلق شديد من تعرّضهم لمحنة نزوح جديد، بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في ذلك اليوم، أنه أعطى تعليماته لتجهيز هجوم على رفح، بحجة تدمير 4 كتائب باقية لحماس هناك.
مأكولات سريعة
رقائق البطاطس المقلية "الشيبسي" من المأكولات الخفيفة المحببة المنتشرة بشكل ملحوظ الآن في شوارع رفح أمام المدارس التي تحوّلت إلى مراكز إيواء للنازحين القادمين من شمال ووسط القطاع.
ويوزّع محمود حسين شرائح البطاطس في سيخ خشبي قبل وضعها في مقلى مملوء بالزيت، ثم رفعه عند الاستواء ورش الملح والبهارات عليه، تمهيدا لبيعه إلى زبائنه الصغار والكبار، أمام أحد مراكز الإيواء.
وعلى مدار اليوم، يعمل حسين وأشقاؤه في تقطيع وقلي البطاطس لتوفير احتياجات أسرتهم التي نزحت من غزة إلى رفح والمكوّنة من 15 فردا.
يقول حسين لموقع "سكاي نيوز عربية": "أنا بالأساس كنت أشتغل نجارا قبل الحرب، وفي ظل القصف والنزوح وخسارة كل شيء لجأت إلى هذه المهنة".
غزة.. نزيف دماء ودمار
ويُضيف الشاب الفلسطيني أن الشيبسي الذي يصنعه يباع بنصف ثمن المستورد الذي يصل إلى جنوب القطاع بكميات محدودة جدا.
وما ينطبق على صناعة الشيبسي، بات ينطبق على صناعة الحليب والألبان والجبن الآن، في ظل تدمير معظم مصانع الألبان في غزة وشمال القطاع، إضافة إلى حظر دخولها من الضفة الغربية وإسرائيل للقطاع.
وجاء رياض جودة من شمال القطاع ويقيم داخل خيمة في رفح لصناعة اللبن في المدينة الحدودية، معتمدا على القليل من اللبن المحلي وبودرة اللبن الهولندي التي تستخدم في صناعة الحلويات.
ويبيع جودة لتر اللبن الذي يصنعه داخل خيمته بخمسة شواكل، أي ما يعادل دولارا أميركيا ونصف الدولار، كما يوزّع كميات أخرى على التجار لبيعها في أسواق المدينة المكتظة على مدار الوقت.
وقبل الحرب، كانت المصانع المحلية في غزة، وعددها 11 مصنعا، تنتج سنويا 5058 طنا من الحليب، و10624 طنا من اللبن الزبادي، و3432 طنا من الجبنة بأنواعها، وهو يعادل ما متوسّطه 23% من إجماليّ حاجات القطاع الاستهلاكية من منتجات الألبان سنويا، وفق إحصاءات سابقة لوزارة الاقتصاد في غزة.
وبفعل الحرب الإسرائيلية المستمرة للشهر الخامس على التوالي، عاد فلسطينيون نازحون إلى صناعة الحلويات الشامية بشكل يدوي في خيام ومحال صغيرة وبيعها في الأسواق وسط إقبال من الزبائن.
ويصنع محمود ساق الله نحو 100 سدر من الكنافة العربية يوميا، ويبيع الكيلو الواحد في ميدان العودة وسط رفح مقابل 80 شيكل، أي ما يعادل 22 دولارا.
يقول ساق الله، إنه بدأ بصناعة 30 سدر أي 300 كيلوغرام في البداية، وأصبح الآن يصنع مائة سدر، وجميعها ينفد دون أن يلبي احتياجات جميع زبائنه.
ويضيف أن أبرز المصاعب التي تواجه صناعة الحلويات هو ارتفاع أسعار السكر وزيت الذرة، إضافة إلى صعوبة الحصول على غاز الطهي.
وصناعة الحلويات من أقدم الصناعات في غزة، وتعدّ عائلة ساق الله إحدى أبرز العائلات التي تميّزت في هذه الصناعة على مدار قرن من الزمان، وفق ما يقول محمود ساق الله.