خلاف حاد بين الجيش الإسرائيلي ونتنياهو.. ما علاقة مصر؟
22:56 - 11 فبراير 2024يدور خلاف جديد بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والجيش بشأن مسار حرب غزة، وهذه المرة سببه رغبة الجيش في عدم اجتياح مدينة رفح الفلسطينية حاليا، تجنّبا للصدام مع مصر، وفقا لصحيفة "يديعوت أحرنوت".
وقالت الصحيفة في تقرير لها، الأحد، إن نتنياهو اتهم الجيش الإسرائيلي بأنه يماطل في تنفيذ تعليماته بالاستعداد لتنفيذ هجوم على رفح، معللة ذلك بأن الجيش له وجهة نظر تجعله لا يريد صداما مع مصر في الوقت الراهن.
وتتماشى حسابات الجيش التي تُشير إليها الصحيفة الإسرائيلية، مع ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، السبت، حيث نقلت عن دبلوماسي غربي كبير في القاهرة قوله إنّ المسؤولين المصريين حثّوا نظراءهم الغربيين على إبلاغ إسرائيل بأنهم يعتبرون أي تحركٍ لإجبار سكان غزة على العبور إلى سيناء، بمثابة انتهاك من شأنه أن يعلّق فعليا اتفاقية السلام الموقّعة بين البلدين عام 1979.
حسابات متباينة
جاء في تقرير "يديعوت أحرنوت" عن حسابات الحكومة والجيش في إسرائيل بشأن خطوة اجتياح رفح، وتأثيرها على العلاقات مع مصر:
منذ أن أطلق نتنياهو تصريحاته الجمعة بشأن نيّته الهجوم على رفح لتدمير 4 كتائب لحركة حماس موجودين بها، وهناك تنديد عالمي وخلاف واضح مع مصر.
نتنياهو اتهم الجيش بالمماطلة في تنفيذ تعليماته الخاصة بالهجوم على رفح، بينما يرى الجيش أن هناك أهمية لدور مصر في الأزمة الحالية، ويريد الحفاظ على تنسيق كامل معها.
مسؤولون أمنيون يرون أن أي عملية عسكرية في رفح، وبالتأكيد أي عمل على ممر فيلادلفيا، يجب ألا يتم إلا بالتنسيق مع القاهرة وبدعم دولي، ومن دون كليهما فإن العملية العسكرية التكتيكية يمكن أن تصبح مشكلة استراتيجية قد تؤثر على قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها من الحرب.
التنسيق مع مصر، الذي يسمح لإسرائيل بتفتيش كل شاحنة محمّلة بالمساعدات الإنسانية قبل أن تدخل غزة عبر الأراضي المصرية، هو أمر غير مسبوق، ويحذّر قادة الجيش الإسرائيلي من أن أي تعطيل لهذا التنسيق سيكون ضارا بأمن إسرائيل.
وعلى المستوى الاستراتيجي، يظل التنسيق مع مصر أمرا حيويا لأي اتفاق مستقبلي لإطلاق سراح الرهائن، حتى على حساب النفعية السياسية في إسرائيل.
لم تكتفِ مصر بالتعبير عن تهديدات محدّدة بأن إسرائيل تعرّض اتفاق السلام بين البلدين للخطر، بل قامت بنقل الدبابات ووحدات المشاة إلى منطقة الحدود، خوفا من تدفق موجات اللاجئين من غزة إلى مصر.
بخلاف كل ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي أكّد أن هجومه (البري) على رفح لن يكون قبل شهر رمضان، وسيكتفي بالهجوم من الجو.
الهدنة في مصلحة الجميع.. وويليام سر أبيه
"مغامرة استراتيجية"
الخبير العسكري المصري، جمال الرفاعي، يؤكّد لموقع "سكاي نيوز عربية"، وجود مخاوف إسرائيلية من تعريض العلاقات مع مصر للخطر "فذلك يعني أن تفقد تل أبيب وسيطا متمرّسا مهما تحتاج إليه للتواصل مع حماس، ويعرف كيف يقرب وجهات النظر".
ويصف الرفاعي قرار نتنياهو بالهجوم على رفح بأنه "مغامرة بعلاقات استراتيجية مع دولة مهمة مثل مصر من أجل مصلحته السياسية، وقد يكون هذا الخلاف نقطة تحوّل في الصراع الدائر إذا غامر بهجوم عشوائي دون تنسيق واضح مع مصر".
من ناحية أخرى، يشدّد الخبير العسكري على واقعية القلق المصري من تدفق اللاجئين إلى الأراضي المصرية؛ خاصة أنه لا توجد خطة واضحة لإجلاء النازحين من رفح إلى داخل مدن فلسطينية أخرى، وقد يدفعهم ضغط الهجوم إلى اجتياز الحدود، وهو ما ترفضه القاهرة حماية للأمن المصري وخوفا من تصفية القضية الفلسطينية.
"وسيلة ضغط"
لا يستبعد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار جبر، أن تكون تهديدات نتنياهو بالدخول لرفح "وسيلة ضغط ليس إلا لدفع حماس للقبول بهدنة تسير كما يريد، خاصة أن هذه التهديدات جاءت بعد رفضه مطالب حماس الخاصة بالهدنة".
ويُضيف جبر لـ"سكاي نيوز عربية" أنّ الصدام مع مصر "سيفقد إسرائيل تنسيقا عالي المستوى، خاصة أن القاهرة كانت الوسيط الأبرز منذ تصاعُد الأزمة ولعبت دورا كبيرا في الهدنة الأولى".
ووفق تقديره، فإن الهجوم على رفح "لن يكون الفترة الحالية نهائيا، خاصّة أن الهجوم على خان يونس لم يكتمل وفق تصريحات قادة الجيش الإسرائيلي".
ويتفق حديث جبر بشأن أن تهديدات نتنياهو "وسيلة ضغط" للتوصل إلى هدنة وفق شروطه، مع تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، المنشورة الأحد، بأن تعميق العملية العسكرية في قطاع غزة يضمن لإسرائيل التوصل لاتفاق واقعي لاستعادة الرهائن الذين اختطفتهم "حماس" وتحتجزهم في غزة.
وتتوالى تحذيرات دولية من مغبة الهجوم على رفح، منه تحذير كتبه جوزيب بوريل، المفوض الأعلى للشؤون الخارجية في المفوضية الأوروبية، على حسابه في منصة "إكس"، قائلا إن الهجوم "سيؤدّي لكارثة إنسانية لا توصف وتوترات خطيرة مع مصر".