ما الذي يعنيه قرار رفع الفائدة في مصر؟
16:21 - 02 فبراير 2024في اتجاه مخالف لتوجهات بنوك مركزية حول العالم حيال الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، الخميس، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25 بالمئة، 22.25 بالمئة و21.75 بالمئة، على الترتيب.
قرار الرفع جاء بهدف الحد من توقعات التضخم وتقييد الأوضاع النقدية للحفاظ على مسار التراجع لمعدلات التضخم، وفق بيان المركزي المصري.
ويأتي ذلك في وقت واصلت فيه المعدلات السنوية للتضخم العام والأساسي انخفاضها لتسجل 33.7 بالمئة و34.2 بالمئة على الترتيب في ديسمبر 2023.
فيما تشير التطورات الحالية إلى "استمرارية الضغوط التضخمية وارتفاعها عن نمطها المعتاد، وهو ما ينعكس على تضخم كل من السلع الغذائية وغير الغذائية"، وفق المركزي.
ذلك بالإضافة إلى التوقعات بشأن استمرار تلك الضغوط في ضوء إجراءات ضبط المالية العامة، وكذا تواصل الضغوط من جانب العرض، حيث أسهم ارتفاع معدل نمو السيولة المحلية عن متوسطه التاريخي في تصاعد الضغوط التضخمية.
السيطرة على الضغوط التضخمية
المدير التنفيذي في شركة VIP Markets أحمد معطي، يشير في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن:
- قرار المركزي المصري برفع الفائدة جاء في ضوء رؤية البنك بشأن استمرار الضغوط التضخمية التي تعاني منها مصر خلال هذه الفترة بسبب عدة أمور ليس فقط من جانب الطلب ولكن أيضًا من جانب العرض ومع تراجع المعروض في ظل استمرار الضغوط الجيوسياسية واضطراب الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
- تتوافق تلك العوامل مع رؤية الفيدرالي الأميركي والبنك الأوروبي بشأن وجود ضغوط تضخمية ناتجة عن توترات جيوسياسية وحالة من عدم الاستقرار.
- تأثير التوترات الحالية وخاصة في البحر الأحمر تؤدي إلى نقص المعروض، خاصة وأن السفن تستغرق فترة أطول لنقل البضائع فضلًا عن ارتفاع قيمة التأمين عليها، الأمر الذي أدى إلى قرار المركزي برفع المعدلات بهدف الحد من توقعات التضخم المستمرة خلال الفترة المقبلة، وامتصاص السيولة، وبالتالي يبدأ المسار الهابط والسيطرة على معدلات التضخم، وهذا يعكس تحرك وسياسة المركزي وفقًا للمعطيات الحالية وفي ظل توترات متوقعة.
وأوضح أن البنك المركزي يؤكد استمراره نحو تحقيق أهدافه بشأن تراجع التضخم، لذلك على الرغم من تسبب قرار رفع الفائدة في تباطؤ معدلات النمو لمصر، إلا أنه يعد قرارا طبيعيا اتخذته جميع البنوك المركزية بسبب الأزمة المستمرة، بهدف تقليل الضغوط التضخمية قدر المستطاع.
وفي بيان السياسة الصادر عن المركزي تمت الإشارة بشكل واضح إلى أثر التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حالياً وكذا اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر.
التضخم والتوترات الجيوسياسية
من جانبه، يقول الخبير المصرفي، محمد عبد العال، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن:
- قرار البنك المركزي المصري الخميس بشأن رفع معدلات الفائدة يرجع لعدة أسباب، في مقدمتها التوقعات المرتبطة بمعدلات التضخم القادمة.
- المركزي المصري يتوقع بعض الضغوط التضخمية نتيجة التوترات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر وخلافه، ورغم تباطؤ معدلات التضخم العالمي نتيجة لتأثير السياسات التقليدية التي تتبعها البنوك.
- القرار جاء وسط توقعات أيضا بشأن وجود بعض الضغوط التضخمية في قطاعات الزراعة والتجارة والاتصالات، فضلاً عن تباطؤ نمو النشاط الاقتصادي في الأشهر الماضية.
- أحد أبرز الأسباب وراء قرار الزيادة تتمثل في ارتفاع معدل السيولة المحلية عن الفترة السابقة، الأمر الذي يزيد من الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي زيادة التضخم، إضافة إلى رؤيته لمعدلات التضخم العام والأساسي، والتي انخفضت خلال الـ3 أشهر الماضية بالنسبة للتضخم الأساسي.
ويشير عبدالعال إلى أن البنك المركزي يتخوف من بعض الضغوط التضخمية في الفترات المقبلة، رغم استقرار نسبة البطالة عند 7.2 بالمئة، لذلك رفع الفائدة بنحو 200 نقطة أساس.
ويؤكد أن القرار لا يمكن ربطه بإجراءات تتعلق بتحرير سعر الصرف، خاصة أن كل الأسباب التي وردت في البيان لم تشر من قريب أو بعيد إلى مثل هذا الإجراء، ولكن الاجتماع معني بالفائدة.
تحرير مُرتقب لسعر الصرف
وفي السياق ذاته، يقول الخبير الاقتصادي علي عبد الروؤف الإدريسي: "قد يحدث خلال الأيام المقبلة تحرير لسعر الصرف خاصة وأنه أحد أهم مطالب صندوق النقد الدولي".
ويضيف: "ننتظر بعض القرارات لضبط السوق الموازية؛ خاصة وأن ارتفاع الأسعار جاء نتيجة لتقلص النقد الأجنبي ومع الاعتماد على الاستيراد"، لافتًا إلى أن وجود سعرين للصرف يسهمان في ارتفاع الأسعار مع استمرار ارتفاعات الدولار أمام الجنيه المصري".
يصل سعر الدولار في البنوك المصرية رسمياً إلى ما دون الـ 31 جنيهاً، بينما تجاوز في السوق الموازية مستوى الـ 70 جنيهاً.
ويعتقد الإدريسي بأن قرار رفع أسعار الفائدة يعد جزءاً من مفاوضات صندق النقد الدولي، ومن ثم اتخاذ قرارات بعد ذلك مرتبطة بسعر الصرف، وبالتالي زيادة الطلب على الجنيه المصري، سواء على مستوى أذونات الخزانة أو السندات، الأمر الذي يدفع الجنيه إلى التقدم.
صندوق النقد
وأعلن صندوق النقد الدولي عن انتهاء زيارة بعثته إلى مصر لمناقشة إجراء المراجعة الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح، على أن تستكمل البعثة مناقشتها مع الحكومة المصرية عبر الإنترنت للتوصل إلى اتفاق خلال الأسابيع المقبلة.
وزار فريق بعثة صندوق النقد الدولي بقيادة إيفانا فلادكوفا هولار القاهرة خلال الفترة من 17 يناير إلى 1 فبراير 2024، بهدف إجراء مناقشات نحو استكمال المراجعة الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح في مصر، الذي يدعمه صندوق الصندوق الممدد (EFF) التابع لصندوق النقد الدولي.
وبنهاية الزيارة، قالت فلادكوفا هولار في بيان : إن فريق صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية حققوا تقدمًا ممتازًا في المناقشات حول حزمة السياسات الشاملة اللازمة للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء (SLA) للمراجعتين المجمعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر الذي يدعمه الصندوق.