ترامب والبيت الأبيض.. ماذا تجاوز من عقبات وكم تبقى أمامه؟
08:54 - 02 فبراير 2024يدنو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رويدًا رويدًا من الحسم الرسمي لبطاقة ترشحه عن الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة نهاية العام الجاري، في الوقت الذي لا تزال أمامه بضع عقبات تؤثر في مساره إلى العودة إلى البيت الأبيض مجددًا.
وأظهرت الانتصارات المتتالية التي حققها ترامب بالانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري في ولايتي أيوا ونيو هامشير، تفوقًا واضحًا له أمام خصومه الجمهوريين، وهيمنته على القاعدة الرئيسية لأنصار حزيه، لتضعه إزاء الترشح الثالث على التوالي، مدعومًا كذلك بالعديد من استطلاعات الرأي التي تُشير إلى تفوقًا ملموسًا أمام غريمه الديمقراطي والرئيس الحالي جو بايدن.
بيد أن مراقبون ومتابعون للانتخابات الأميركية، أشاروا في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن ترامب لا تزال تواجهه العديد من التحديات الكبرى أثناء الانتخابات الرئاسية، لعل أبرزها متاعب القضايا التي تلاحقه في محاكم الولايات المتحدة وفي القلب منها التحقيق الفيدرالي بشأن دوره في الهجوم على الكابيتول، فضلًا عن تلويح بعض منافسيه الجمهوريين بـ"عقبة السن"، ففي حال فوزه سيكون عمره 78 عاما يوم أدائه اليمين في يناير 2025.
ويعتقد المحللون أن هناك عددًا من العقبات التي تعترض طريق ترامب إلى المكتب البيضاوي، وعلى رأسها:
المتاعب القضائية
لا تزال الملاحقات القضائية لترامب واحدة من أبرز التحديات التي تواجهه في رحلته إلى البيت الأبيض مجددًا، بالنظر لتعددها وتوزعها على ولايات مختلفة.
آخر فصول تلك القضايا، حينما ألزمت هيئة محلفين في نيويورك الرئيس الأميركي السابق، بدفع 83.3 مليون دولار للكاتبة إي جين كارول، بسبب التشهير بها، وإنكار دعواها باعتدائه عليها جنسيا.
كما يواجه ترامب، 40 تهمة جنائية في قضية الوثائق السرية، حيث جاءت تلك الاتهامات بعد التحقيقات التي أجريت في يونيو الماضي بتهمة إساءة التعامل مع وثائق سرية للغاية في منزله بفلوريدا.
وحددت المحكمة 20 مايو المقبل موعدا للمحاكمة في تلك الدعوى.
بجانب ذلك، فأمام ترامب تحقيق فيدرالي بشأن دوره في الهجوم على مقر الكونغرس، فخلال الشهر الماضي قضت محكمة استئناف فدرالية أميركية، إمكانية مقاضاة الرئيس السابق بشأن الاعتداء على مبنى الكابيتول الذي نفذه أنصار له في 6 يناير 2021، رافضين نتيجة الانتخابات الرئاسية التي فاز بها جو بايدن.
وسيُحاكم ترامب في مارس في واشنطن بتهمة التآمر لقلب نتائج انتخابات 2020.
وفي هذا الصدد، يمثل الدستور الأميركي عقبة على طريق دونالد ترامب إلى الرئاسة، فالقسم الثالث من التعديل 14 يمنع الأفراد الذين أقسموا على التمسك بالدستور والانخراط في تمرد من تولي مناصب عامة، على الرغم من جدال الخبراء القانونيون بأن هذا يستبعد الرئيس الأميركي السابق من انتخابات 2024.
وبالإضافة لذلك، يواجه تحقيقا مدنيا يتعلق بالتزوير يخص إمبراطورية أعماله في نيويورك، كما يواجه تحقيقا جنائيا بشأن التلاعب بنتيجة الانتخابات في ولاية جورجيا.
ويعتمد البعض على المحاكم لإبعاد ترامب عن سباق الانتخابات، على الرغم من أن الإدانة وحدها لن تجعله غير مؤهل للترشح، وفق صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وينفي ترامب عن نفسه ارتكابه هذه الجرائم، معتبرًا إياها "محاولة للتدخل في الانتخابات" وعرقلة مساعيه للوصول إلى الرئاسة.
السن.. وإشارة "هيلي"
سعت سفيرة واشنطن السابقة في الأمم المتحدة والمرشحة بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، نيكي هيلي، للتشكيك في منافسها ترامب بشأن مدى قدرته على تولي مهام الرئاسة، نظرا لتقدمه في العمر، معتبرة زلات لسانه مؤشرا على ذلك.
وعلى وقع ذلك، دعا الرئيس الأميركي السابق إلى إخضاع جميع المرشحين للانتخابات الرئاسية لاختبارات لقياس الإدراك، قائلًا إنه يشعر أن تركيزه أفضل مما كان عليه قبل 20 عاما.
وطالما انتقد ترامب ما اعتبره ضعفا في القدرات الذهنية لدى خلفه بايدن، فيما ظل يثني على نفسه في الكثير من المناسبات، بيد أنه بات مطالبًا الآن بالتأكيد على ذلك في خضم الإشارات التي تلاحقه بنفس سلاحه الذي استخدمه من قبل.
ذكريات التجديد النصفي
كان ينظر إلى الانتخابات النصفية التي أجريت لعام 2022 على أنها اختبار رئيسي لقوة ترامب قبل عام السباق الانتخابي في 2024، بيد أنه نظرًا لأن العديد من المرشحين المحسوبين عليه خسروا بشكل مفاجئ، كانت التكهنات حول ما إذا كان ترامب لا يزال بإمكانه إقناع الناخبين في جميع أنحاء البلاد بالتصويت له مرة أخرى في الانتخابات العامة "موضع شك أكبر".
في حين اعتبرت شبكة "إن بي سي نيوز" وقتها، أن أرقام التصويت في تلك الانتخابات، أشارت إلى أن هيمنة ترامب المستمرة على الحزب الجمهوري جعلت الانتخابات الأخيرة تدور حول رئيس سابق مهزوم، أكثر مما كانت تدور حول الرئيس الحالي والحزب الذي في السلطة.
ضغوط الجمهوريين
وفق مجلة "نيوزويك" الأميركية، فإذا أراد ترامب السيطرة على السلطة، فعليه أيضا محاربة تمرد محتمل من الجمهوريين الأكثر اعتدالا الذين ألقوا باللوم عليه شخصياً في نتائج الحزب الجمهوري بالانتخابات النصفية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة كوفنتري مات كفورتروب، إن "ترامب يتعرض لضغوط من منافسين داخل الحزب الجمهوري، بخلاف افتقاره إلى السياسات يعني أنه من غير المرجح أن يجذب الناخبين خارج القاعدة الضيقة التي دعمته سابقا".
انتصارات ترامب
على الجانب الآخر، يعتقد مراقبون أن ترامب نجح في تجاوز الكثير من العقبات، على رأسها تجنب منافسون أقوياء بين جدران حزبه.
وخلال الأسابيع الماضية، واجه ترامب في المنافسة، حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، الذي كان ينظر إليه على أنه منافسا حقيقيا في السباق.
لكن حاكم فلوريدا انسحب أواخر الشهر الماضي، من السباق الرئاسي الأميركي وأعلن تأييده لترامب، حيث قال إنه "ليس لديه طريق واضح نحو النصر".
وقال ترامب لشبكة "فوكس نيوز"، إنه "يشرفه للغاية" تأييد ديسانتيس له في سباق الترشح الرئاسي للحزب الجمهوري، مضيفًا أنه "يتطلع للعمل مع ديسانتيس للتغلب على جو بايدن، الرئيس الأسوأ والأكثر فسادا في تاريخ بلادنا".
نجاح بالانتخابات التمهيدية
عضو الحزب الجمهوري والمحلل السياسي الأميركي ماك شرقاوي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أشار إلى أن ترامب يتجاوز حالياً عقبة الانتخابات التمهيدية بكل سهولة بالمقارنة بمنافسيه، على الرغم من المخاوف بين أنصاره.
وقال شرقاي: "لا شك أن ترامب خلال حملتك الانتخابية الشرسة للفوز بمنصب الرئيس يضع نصب عينيه أولًا الفوز بالانتخابات التهيدية، حيث حقق نجاحات ساحقة في ولايتي أيوا ونيو هامشير، على منافسته نيكي هيلي التي نصحها الكثيرين من زعماء الحزب بالانسحاب من السباق الرئاسي".
وأوضح أنه من الواضح أن ترامب حسم الانتخابات التمهيدية لترشيح الحزب الجمهوري لصالحه، لكن لا شك أن الديموقراطيين على الجانب الآخر يحاولون عرقلة مسيرته، وبالتالي نجد 4 اتهامات رئيسية موجهة إليه بما يقارب 90 اتهاماً جنائيًا في قضايا وولايات مختلفة، وبمواعيد بعضها يتضارب مع بعضها البعض، وهذا يمثل إشغالًا له.
وأشار عضو الحزب الجمهوري إلى أن هذا الإشغال يتضارب مع برنامجه الانتخابي، ويعطله عن التركيز في الحملة الانتخابية استعدادًا للسباق أواخر العام الجاري، لافتًا إلى أنه وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة فهناك تفوق ملحوظ لصالح ترامب بالمقارنة بالرئيس الراهن بايدن.
وبشأن عامل السن وتعليقات "هيلي" على ذلك، قال شرقاوي: "نيكي هيلي تعرضت لهزيمة واضحة حتى الآن بالانتخابات التمهيدية، وتريد التلميح لأمور أخرى ومنها قضية السن، لكن يتضح للجميع حيوية ترامب ونشاطه الملحوظ في الحملات الانتخابية والتركيز الحاد والحديث بشكل منتبه لأكثر من ساعتين، والرد على الاتهامات".
وشدد على أن صراعه بشأن الحدود ليس جديدًا، فدائمًا ما يرى أن إغلاق الحدود أمر مهم للأمن القومي الأميركي.
العقبات لا تزال كثيرة
في المقابل، يعتقد المحلل السياسي وعضو الحزب الديمقراطي، مهدي عفيفي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن ترامب لا يزال يواجه مجموعة من المعوقات في خضم حملته الانتخابية على رأسها القضايا الخاصة بالولايات؛ لأن القضايا الفيدرالية يُمكن له إذا فاز بالرئاسة أن يلغيها أو يُعفى منها، لكن القضايا الخاصة بالولايات لا يمكن إصدار عفو عنها.
وأوضح أن هناك قضايا أيضاً مدنية، مثل ما يحدث في نيويورك من اتهام بالتحرش الجنسي، وهناك حكم بالتعويض صدر ضده، لكن أهم ما يقابله الآن هو أن ردود فعله على الهجرة كان لها مردود سيئ على الناخبين المهاجرين، والذين يمثلون أكثر من 30 بالمئة من أصوات الناخبين في الولايات المتحدة، وشعبيته لدى الحزب الجمهوري فقط لا تمكنه من الفوز.
وتابع: "أضف إلى ذلك تحيز ترامب الشديد إلى إسرائيل، وبالتالي فالولايات التي يوجد بها نسبة ناخبين مسلمين وعرب قد يصوتون ضده، رغم أنها نقطة تمثل ضررا لبايدن هو الآخر".
عامل السن أيضا من الأمور التي تمثل عائقًا أمام ترامب، الذي انتقد بايدن مرارًا وتكرارًا بشأنها، لكنهما باتا يواجهان تلك الانتقادات معًا، بحسب عفيفي.