"مؤتمر النصر" واستيطان غزة الخالية من الفلسطينيين
07:06 - 29 يناير 2024في القاعة الكبرى في "مباني الأمة" في القدس، وسط المباني الحكومية ومؤسسات الدولة، بين وزارة الخارجية وبنك إسرائيل؛ مقرا رئاسة الوزراء الكنيست ومحكمة العدل العليا، آلاف من المستوطنين يشاركون في مؤتمر "الاستيطان اليهودي في غزة"، لم يكن هذا تجمعا لفتيان التلال في جبل ما في الضفة الغربية.
كان هذا تجمعا لفتيان التلال الذي أصبحوا وزراء ويحكمون إسرائيل فعليا، سبعة وعشرون ممثلا عن الإئتلاف الحكومي كانوا هناك، اثنا عشر وزيرا وخمسة عشر عضوا في الكنيست.
موظفو وزارة الخارجية كانوا يسمعون الخطابات الداعية لعودة الاستيطان في غزة، و"يوسي دغان" رئيس مجلس المستوطنات يصرخ "مات أوسلو، شعب إسرائيل حي" وكأنه يقول مات الملك عاش الملك، ويتوج ملوك إسرائيل الجدد - المستوطنون.
وكان موظفو الخارجية، الوزارة التي تم توزيع صلاحياتها على خمس وزارات يشاهدون تعب أشهر من الدعاية يذهب هباء مع كل جملة تقال على المنصة وتصبح غدا عناوين للصحافة العالمية؛ وزير الإسكان الإسرائيلي يتسحاك غولدكنوف: "أمم العالم لا تستطيع أن تدعي أن يهوديا يسلب الأرض فنحن نطبقا أمرا إلهيا".
في بنك إسرائيل ووزارة المالية كان مئات الموظفين يبحثون في كتب الضرائب القديمة، يسترجعون ضرائب عفى عليها الزمن، لتمويل تكلفة حرب يقول الساسة إنها قد تستمر لسنوات. ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش يؤخر عرض الميزانية على البرلمان حتى الدقيقة التسعين ليضمن إدخال "الأموال الائتلافية" ومليارات توزع بين أحزاب الائتلاف لتوزيعها على مؤسسات أحزابهم، وها هو يقف على المنصة ولا يستطيع، ولا يحاول إخفاء ضحكته وهو يتحدث عن مستوطنات في قطاع غزة وعن الاستيطان الذي يجلب الأمن، وضرورة العودة إلى استيطان غزة، سمعه أحد الموظفين وقال: سيرتفع سعر اللحم والسمك والدجاج 30% بالمائة الأسبوع القادم وفق البيانات.
في مقر رئاسة الوزراء، كان أحد المساعدين يعيد طباعة خطاب يوم السبت الماضي لرئيس الوزراء، ويضع عليه تاريخ يوم السبت القادم ويضع خطا تحت جملة "رئيس الوزراء القوي عليه أن يعرف متى يقول لا لأميركا!" وتمتم في نفسه لكنه لا يستطيع أن يقول لا لبن غفير وابتسم ابتسامة قصيرة، وكان بن غفير على المنصة يصرخ "الهرب يجلب الهزيمة، آن الأوان للعودة إلى "غوش قطيف" ومستوطنات شمال الضفة سيدي رئيس الحكومة – مهمة القيادة الشجاعة اتخاذ قرارات شجاعة" وأضاف "علينا طرح حل أخلاقي وعملي للمشكلة الإنسانية: تشجيع الهجرة وقانون الإعدام" فيما كان مستوطنان شابان يرفعان لافتة ضخمة أمامه كتب عليها: الترانسفير هو الحل.
في الكنيست كان أعضاء البرلمان من حزب الليكود يحضرون أوراقهم استعدادا للجلسة التاريخية التي سيتم فيها تطبيق قانون إقالة عضو كنيست، حيث سيصوتون على إقالة عضو الكنيست اليساري عوفر كاسيف لأنه وقع على عريضة ضد الحرب، عندما تلقوا تعليق حزب "هناك مستقبل برئاسة زعيم المعارضة يائير لابيد على المؤتمر القريب منهم: "حزب الليكود، الذي كان يقوم ويخرج من قاعة البرلمان وقت خطابات كهانا، يقوم الآن ليرقص على ألحان وريث كهانا المتطرف في مؤتمر سياسي لاستيطان غزة، لقد أضعتم الطريق".
وفي محكمة العدل العليا -التي تراجع هجوم اليمين عليها قليلا بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، كان القضاة يتحدثون عن رئيس المحكمة السابق أهرون باراك وما قام به كقاض في المحكمة في لاهاي، عندما شاهدوا خارطة ضخمة عرضت بالمؤتمر تظهر قطاع غزة مليء بالمستوطنات وخال من الفلسطينيين، مستوطنات مكان بيت لاهيا ومدينة غزة وخان يونس، وتذكر القضاة أن على إسرائيل أن تقدم تقريرا لمحكمة العدل الدولية عن الخطوات التي اتخذتها ضد الدعوات للتطهير العرقي.
على الرصيف المحاذي لـ"حديقة الورود" في المنتصف تماما، بضع خيام لأهالي المحتجزين في غزة، قرروا الاعتصام هناك لاستعطاف الحكومة لإجراء صفقة، نصبوا خيامهم وباتوا فيها فيما قررت بلدية القدس إزالة الخيام لإنها تعيق الطريق، -الطريق الى مكتب رئاسة الوزراء أو الطريق إلى استيطان غزة.
هذا ما باتت تبدو عليه ليالي القدس بعد سنة من تشكيل حكومة نتنياهو التاريخية "حكومة اليمين الصِّرفة".