حزب الله وإسرائيل..كيف تدار مفاوضات "الترسيم" تحت التصعيد؟
19:06 - 16 يناير 2024رغم استمرار اشتعال الأوضاع على الجبهة الشمالية بين إسرائيل وحزب الله، فإن الجانبين ما زالا يحتفظان بنطاق محدود للهجمات المتبادلة؛ منعا للدخول في حرب، خاصة مع اتجاههما لاتفاق ترسيم الحدود، وفق صحيفة "يديعوت أحرنوت".
وذكرت الصحيفة العبرية أن الجانبين كانت لديهما فرص توجيه ضربات موجعة للآخر، لكنهما متّفقان على ضرورة عدم إشعال حرب كبرى على الحدود اللبنانية.
وفي تقريرٍ لها نشرته، الإثنين، ضربت الصحيفة مثالا، بأنّ حزب الله كان قادرا على استهداف قائد عسكري كبير بطائرة مسيّرة وصلت لقاعدة عسكرية في شمال إسرائيل، لكنها لم تفعل.
وضمن جهود التهدئة، تحدّثت كذلك عن أن مباحثات سياسية غير مباشرة، بين تل أبيب وحزب الله برعاية أميركية، ستُستأنف قريبا للتوصّل إلى اتفاق دائم.
تفاصيل المباحثات
بشأن هذه المباحثات، أورد تقرير سابق للصحيفة ذاتها، في 9 يناير الجاري، تفاصيل بشأن ما تم التوصّل إليه حتى الآن، مشيرا إلى أن الاتفاق المنتظر يتعلّق بترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان، وإبعاد جماعة حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني.
وأضاف التقرير تفصيلا:
- وفود إدارة الرئيس الأميركي، جو بادين، التي شقّت طريقها إلى المنطقة مؤخّرا، أثارت نقاطا تتعلّق بالحدود بين إسرائيل ولبنان، وبذلت كل ما في وسعها لتجنّب التصعيد الذي يمكن أن يؤدي إلى كل شيء.
- تحدّث عاموس هوكستين، مستشار بايدن لشؤون الطاقة والذي قام بعدة زيارات إلى بيروت لإجراء مباحثات مع المسؤولين اللبنانيين، عن أنه بقدر مساعي إسرائيل للتوصّل إلى حل دبلوماسي، فإنها كذلك ملتزمة بعمل عسكري يبعد حزب الله إلى شمال نهر الليطاني.
- حزب الله يشترط انتهاء الحملة العسكرية الإسرائيلية قبل إجراء مفاوضات.
والحدود اللبنانية-الإسرائيلية تحتوي على 13 نقطة متنازعا عليها على طول الخط الأزرق (هو ليس خط حدودي لكن تم وضعه لتحديد أماكن الانسحاب الإسرائيلي من لبنان بعد 2006)، وتعتبرها بيروت أرضا لبنانية، وقال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في كلمته مؤخّرا: "أمامنا فرصة تاريخية لتحرير أراضينا ومنع العدو من غزو حدودنا وأجوائنا".
وتقع هذه النقاط الـ13 على طول الحدود، من مرصد رأس الناقورة شرقا، وصولا إلى المنطقة الواقعة بين بلدة المطلة الإسرائيلية وقرية الوزاني اللبنانية.
نقطة النهاية البرية
إحدى النقاط الرئيسية هي نقطة النهاية البرية، المعروفة باسم B1، وتمثّل الرابط البري الأخير بين إسرائيل ولبنان في القطاع الغربي على طول البحر الأبيض المتوسط، ويسعى لبنان إلى انسحاب إسرائيل من هذه المنطقة؛ لأنها تحمل أهمية جغرافية وعسكرية، علاوة على أنها تحدّد الحدود البحرية.
قرية الغجر
نقطة الخلاف الأخرى هي قرية الغجر، وهي قرية تقع على نهر الحاصباني، ورغم أنها مقسّمة من الناحية الفنية إلى نصفين، فإن إسرائيل تُسيطر حاليا عليها بأكملها، وسيتم تخصيص جزءٍ من مهمة هوكستين لوضع الأساس لإقناع إسرائيل بتسليم قسمها الشمالي إلى اللبنانيين.
مزارع شبعا
ثم هناك جبل دوف، المعروف أيضا باسم مزارع شبعا؛ وتقع شمال قرية مجدل شمس، وارتفاعها يجعلها نقطة استراتيجية ذات قيمة، ويطالب لبنان بالسيادة عليها.
المحادثات الأخيرة بين الإسرائيليين والأميركيين انتهت إلى اتفاق بشأن 7 نقاط خلاف من أصل 13، لكنّ هناك أملا كبيرا للتوصل لاتفاق.
ما بعد الليطاني
- بخلاف الحدود، هناك أيضا ملف تريد إسرائيل إنجازه، وهو إبعاد حزب الله حتى شمال نهر الليطاني.
- إدارة بايدن مهتمّة الآن بحل الخلاف بشأن الـ13 نقطة المذكورة، وبعد ذلك تجد طريقة لحل أزمة وجود حزب الله على الحدود.
- بالإضافة إلى ذلك، يطالب لبنان إسرائيل بوقف كلّ التوغّلات داخل أراضيه، سواء عن طريق البحر أو الجو أو البر.
فرص تنفيذ الاتفاق
بشأن فرص تنفيذ هذا الاتفاق كما أوردته "يديعوت أحرنوت"، يقول الخبير في الشأن الفلسطيني، نذار جبر، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن إسرائيل تخشى فتح جبهة مع حزب الله؛ لأنها رأت الخسائر الكبيرة التي تكبّدتها من حركة حماس التي هي أصغر في إمكانياتها بكثير مما لدى حزب الله.
وبتعبير جبر، فإن إسرائيل "بدأت التفكير بعقل"؛ كونها وافقت على بحث اتفاق مع حزب الله ولبنان، مقابل إنهاء أزمة الخط الأزرق وإتمام اتفاق ترسيم الحدود البحرية.
لكنه أشار إلى عقبات في هذا الطريق، منها أن حزب الله "يُملى" عليه من إيران، وفكرة إبعاده حتى شمال الليطاني صعبة، لكن قد تحدث إذا انسحبت إسرائيل من الأراضي اللبنانية التي تسيطر عليها.
وعن ترسيم الحدود البحرية، يضيف الباحث الفلسطيني أنه سيكون "أمرا غاية في الأهميّة؛ لأن لبنان يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، ويريد الاستفادة من الغاز في البحر المتوسط".
ويتوقّع جبر أنه بعد انتهاء الحرب ستسعى إسرائيل من جانبها إلى "لملمة الأوضاع بشكل كبير؛ فهي تريد ألّا يتكرّر هجوم 7 أكتوبر، وتأكّدت الآن أنا الحل ليس عسكريا أو قمعيا".
وبدأ تبادُل الهجمات بين حزب الله وإسرائيل عقب الهجوم الذي شنّته "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر، وذروة التصعيد هو اغتيال وسام الطويل، القيادي في "كتيبة الرضوان" التابعة للحزب بغارة إسرائيلية الشهر الجاري، وقبله تم اغتيال القيادي في حركة حماس، صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، واتهمت مصادر لبنان تل أبيب بالمسؤولية.